السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتصعيد مخططات «الفصل العنصري»

قالت إن تل أبيب تستغل انشغال العالم بـ«كورونا»

إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
TT

السلطة الفلسطينية تتهم إسرائيل بتصعيد مخططات «الفصل العنصري»

إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)
إحدى المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (إ.ب.أ)

اتهمت السلطة الفلسطينية، إسرائيل، بتصعيد وتيرة مخططات الضم والفصل في الضفة الغربية، عن طريق بناء نظام فصل عنصري، مستغلة انشغال العالم بفيروس كورونا. وأرسل المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، السفير رياض منصور، أمس، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (الصين)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول استمرار تدهور الوضع على الأرض في فلسطين المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وتفاقم الأوضاع بشكل خطير، نظراً لقيام إسرائيل بتصعيد وتيرة مخططات الضم والاستعمار، فضلاً عن اعتداءاتها وخطاباتها التحريضية ضد الشعب الفلسطيني.
ونوه منصور بموافقة إسرائيل على خطط لبناء 1739 وحدة استيطانية أخرى، مشيراً إلى أنه تم التخطيط لمعظم هذا البناء في مستوطنات تقع في عمق الضفة الغربية المحتلة. وحذر من استغلال إسرائيل لانشغال المجتمع الدولي بانتشار فيروس كورونا (كوفيد - 19)، لتسريع خطتها بالاستيلاء على أراض فلسطينية «وذلك في انتهاك جسيم للقانون الدولي، وهو أيضاً ما يزيد من تمزيق التواصل الجغرافي لأرضنا، وحل الدولتين على حدود ما قبل عام 1967 وآفاق السلام».
كذلك، أشار منصور إلى إعلان المسؤولين الإسرائيليين إنشاء طريق فصل عنصري جديد بالقرب من مستوطنة «معاليه أدوميم» غير القانونية، الذي سيرتبط بطريق الفصل العنصري الذي أقامته سلطة الاحتلال بين قريتي عناتا والزعيم في عام 2019. وأشار إلى أن هذا يعني الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، وسيسهل خطط الاستعمار الإسرائيلي للمنطقة «في ضوء الازدراء المطلق للدعوات الدولية المستمرة لوقف مثل هذه الأعمال، كونها تقوض بشكل خطير التواصل الجغرافي لفلسطين».
كما تطرق إلى التصعيد الخطابي والعدواني من قبل المسؤولين الإسرائيليين ضد الشعب الفلسطيني، إلى جانب دعوات المستوطنين الإسرائيليين للضم الكامل والفوري للضفة الغربية، وتصعيد هجماتهم الإرهابية تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين العُزّل في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. وجاء في رسائل منصور أيضاً أنه بينما تخضع منطقة بيت لحم لحجر صحي صارم، بسبب وجود إصابات بفيروس كورونا، قام المستوطنون باستغلال تطويق المنطقة، واقتلعوا ما لا يقل عن 1200 من أشجار الزيتون وكروم العنب كجزء من الإرهاب المستمر.
وأكد منصور على أهمية بذل جهود عاجلة لمساندة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، الذي بدونه سيستمر انتهاك الحقوق الأساسية للفلسطينيين، وتعريض حياتهم للخطر باستمرار، مشدداً على ضرورة إنقاذ الدولة الفلسطينية وفرص السلام، واتخاذ تدابير فورية وعملية لردع ووقف ضم الأراضي الفلسطينية إلى دولة إسرائيل. وجاءت الرسائل الفلسطينية في وقت أصدر المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، تقريراً اتهم فيه سلطات الاحتلال باتخاذ «خطوة إضافية باتجاه بناء نظام فصل عنصري، وذلك عبر إعلان وزير جيشها نفتالي بينيت، موافقته على شق شارع منفصل للفلسطينيين يربط شمال الضفة بجنوبها في المنطقة المسماة «E1» ، قرب مستوطنة معاليه أدوميم.
وأضاف المكتب، في تقريره الأسبوعي حول الاستيطان، أنه، حسب بينيت، فإن شق هذا الشارع يعتبر حلاً لعقبات تواجه البناء في المنطقة المذكورة، وذلك بمنع جميع القرى الفلسطينية مثل عناتا وحزما والرام من المرور عبر الطريق الرئيسية، بعد شق طريق التفافي خاص بهم في المنطقة، بهدف فصل المواصلات العامة الإسرائيلية عن الفلسطينية. وأشار التقرير إلى أن سلطات الاحتلال تستطيع من خلال ذلك الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي التي استولت عليها مطلع الثمانينات، وتحويل «معاليه أدوميم» من مستوطنة عادية إلى أكبر تجمع استيطاني خاص باليهود.
ولفت التقرير إلى أن هذا المشروع يسمح للاحتلال البدء ببناء المزيد من المستوطنات من دون أي إزعاج، حيث كان معداً له منذ نحو 10 سنوات، ولم يتم الموافقة عليه حتى الآن، وستبدأ إجراءات له التخطيط بالتعاون مع وزارة النقل والمواصلات الإسرائيلية، التي ستكون مسؤولة عن تنفيذه. كانت سلطات الاحتلال افتتحت في يناير (كانون الثاني) من العام الماضي، شارعاً خاصاً بالمستوطنين إلى الشمال الشرقي من مدينة القدس المحتلة (شارع 4370)، دون السماح للفلسطينيين بعبوره، وهو شارع يربط مستوطنة «غيفاع بنيامين» بمستوطنة «آدم» عبر شارع رقم «1» أو شارع «تل أبيب - القدس».
ويقع بين مفرق التلة الفرنسية والنفق المؤدي إلى جبل المشارف، وأطلق عليه «شارع الأبرتايد»، حيث يقسم الشارع على طوله جدار يصل ارتفاعه إلى 8 أمتار، يفصل بين السائقين الفلسطينيين والسائقين من المستوطنين الإسرائيليين، وهو شارع يبدأ من بلدة عناتا شمال شرقي القدس المحتلة، في اتجاه بلدة الزعيم شرقاً، ويربط العديد من المستوطنات القريبة من رام الله بالقدس المحتلة. وكان بنيامين نتنياهو أعطى قبل أسبوعين التوجيهات للمضي قدماً في مخططات بناء 3500 وحدة استيطانية في المنطقة، وشق هذه الطريق العنصرية التي تندرج ضمن مخططات الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ مخططاتها بالاستيلاء على منطقة «E1» من أجل فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، وعزل القدس ضمن مشروع «القدس الكبرى» الإسرائيلي الرامي إلى خلق واقع جغرافي يحول دون قيام دولة فلسطينية، عاصمتها القدس الشرقية.



مَنفَذ إثيوبي على المحيط الهندي... هل يكون حلاً للأزمة مع الصومال؟

الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا في مقديشو الأسبوع الماضي (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا في مقديشو الأسبوع الماضي (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مَنفَذ إثيوبي على المحيط الهندي... هل يكون حلاً للأزمة مع الصومال؟

الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا في مقديشو الأسبوع الماضي (وكالة الأنباء الصومالية)
الرئيس الصومالي يلتقي رئيس وزراء إثيوبيا في مقديشو الأسبوع الماضي (وكالة الأنباء الصومالية)

حديث رسمي من مقديشو بشأن إمكانية منح الجارة إثيوبيا حق الوصول إلى ميناء على سواحلها بالمحيط الهندي، يأتي وسط مفاوضات ثنائية بين البلدين برعاية تركية، بعد أزمة توقيع أديس أبابا اتفاقاً مع إقليم انفصالي قبل نحو عام للوصول لوجود بالبحر الأحمر، وسط رفض صومالي - مصري - عربي لتلك الخطوة وتحذير من تهديدات أمنية قد تطول منطقة القرن الأفريقي.

ولم تعلق إثيوبيا على إمكانية أن يطوي ذلك الحل بالمحيط الهندي أزمتها مع مقديشو، خصوصاً وهي بلا سواحل منذ استقلالها عن إريتريا منذ 1993؛ ما جعلها تعتمد على مواني دول الجوار للوصول إلى البحر.

ويأتي هذا وسط تباينات بين خبراء بمصر وإثيوبيا، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين من يرى أهمية إعلان أديس أبابا موقفاً واضحاً للقبول بالمقترح وإنهاء أزمة الوجود بالبحر الأحمر، والتشديد على أن الرفض المصري لوجود أي دول غير مشاطئة لا تراجع فيه، مقابل تقديرات إثيوبية في حاجة البلاد إلى أكثر من ممر بحري يفي باحتياجاتها، وعدم الاكتفاء بالميناء محل المشاورات فقط والتعويل على توافق إثيوبي - صومالي فقط لا يتوقف على موقف القاهرة في حسم القضايا بشأن الوجود البحري.

وأعلن وزير الدولة الصومالي للشؤون الخارجية، علي محمد عمر، في تصريحات نقلها موقع «الصومال الجديد» الإخباري، الأحد، أن الحكومة الصومالية تدرس منح إثيوبيا المجاورة حق الوصول إلى ميناء مطل على المحيط الهندي، مشيراً إلى أن الاتفاق الإطاري المنتظر أن تسفر عنه محادثات أنقرة في يونيو (حزيران) المقبل سيحدد نوع الميناء، والموقع المحدد في المحيط الهندي، بالإضافة إلى التكلفة الإجمالية للمشروع.

وتدهورت العلاقات بين الجارتين، إثيوبيا والصومال، منذ توقيع أديس أبابا في الأول من يناير (كانون الثاني) 2023، اتفاقية مع «أرض الصومال»، تسمح لها باستخدام سواحل الإقليم على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، لمدة 50 عاماً مقابل اعتراف إثيوبيا باستقلال أرض الصومال، وسط رفض مصري - عربي - صومالي. وتلاها في أبريل (نيسان) 2024، إعلان مقديشو طرد السفير الإثيوبي من البلاد.

وبعد جولات عدة بين الصومال وإثيوبيا، رعتها تركيا التي لها وجود لافت بالبلدين بداية من يوليو (تموز) 2024، تلاها جولة ثانية في أغسطس (آب)، صدر إعلان أنقرة في ديسمبر ( كانون الأول) والقاضي بالذهاب لمحادثات انطلقت في فبراير (شباط) الماضي؛ بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن أزمة الميناء البحري في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.

نائب رئيس «المجلس المصري للشؤون الأفريقية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير صلاح حليمة، يرى أن المطلوب إعلان واضح من إثيوبيا بشأن عدم وجودها في البحر الأحمر كما كانت ترغب ليكون ذلك حلاً للأزمة بشكل كبير، لافتاً إلى أن وجود أديس أبابا بالمحيط الهندي ليس جديداً، لكن الخلاف كان على الوجود بالبحر الأحمر في منطقة حاكمة للملاحة وقد تهدد أمن مصر القومي، بخلاف تهديد وحدة وسيادة الصومال.

ويعتقد المحلل السياسي الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، أن أديس أبابا تحتاج إلى عدد من المنافذ البحرية، خصوصاً وما لديها ليس كافياً، لافتاً إلى أن العرض الصومالي سبق أن قدم من الرئيس حسن شيخ محمود وربما يكون واحداً من أحد احتياجات إثيوبيا.

وبرأي عبد الصمد، فإن الحوار الإيجابي الذي ترعاه تركيا قد ينتج منه نتائج إيجابية ويحقق الرؤية الإثيوبية بشان التنمية والازدهار في منطقة القرن الأفريقي التي يجب أن تكون مستقرة بعد عقود من التوترات.

وأمام حديث متكرر من إثيوبيا بحاجتها إلى منفذ بحري، كانت مصر لديها موقف رافض أن يمس ذلك وحدة واستقرار الصومال، وأبرمت في أغسطس الماضي اتفاقاً دفاعياً معها.

وبعد إعلان أنقرة، كررت مصر رفضها أي وجود لدولة غير مشاطئة على البحر الأحمر، كما صرّح وزير الخارجية بدر عبد العاطي أكثر من مرة، أحدثها ما أعلنته الخارجية المصرية مطلع مارس (آذار) الحالي، عقب زيارة الوزير المصري إريتريا.

وبحث لقاء وزير الخارجية المصري مع الرئيس الإريتري، وفق بيان «الخارجية المصرية»، السبت «دعم الصومال في مكافحة الإرهاب وبسط سيادته على كامل أراضيه، ورفض مشاركة أي دولة غير مشاطئة على البحر الأحمر في أمن وحوكمة البحر الأحمر».

ويرى عبد الصمد أن أديس أبابا ليست معنية بقبول ورفض مصر لأن الصومال وإثيوبيا صاحبتا قرار ولا أحد يفرض أمراً عليها، لافتاً إلى أن «الموقف المصري ليس الفيصل خصوصاً وهي تقف ضد إثيوبيا»، لكن الحوار الذي يتم حالياً بين أديس أبابا ومقديشو هو من سيحدد المستقبل والمسار الذي سيتم فيه.

ويعتقد حليمة أن الموقف المصري واضح ولا لبس فيه منذ بداية الأزمة بالتأكيد على عدم وجود دولة غير مشاطئة على البحر الأحمر، وأن يتم كل شيء في إطار القوانين الدولية بما لا يحدِث أي ضرر للدول المشاطئة ولا للملاحة، مشيراً إلى أن أي أمر يتم التوافق بشأنه حول ميناء المحيط الهندي يجب أن يكون في هذا السياق حفاظاً على منطقة القرن الأفريقي وتنأى فيه أديس أبابا عن أي إضرار باستقرارها أو خرق القوانين الدولية.