يبدو أن صرعات الطعام سوف تأخذ منحى جديداً في هذا العام، بعد أن استنفدت في الأعوام الماضية الأفكار المعتادة من حمية البحر المتوسط إلى أطعمة «فيوجن» (Fusion) وحمية «كيتو» (Keto). وتتوجه أفكار مذاقات 2020 إلى تطوير بعض التوجهات السابقة، ما دام أنها جيدة للصحة العامة مع إضافة أفكار جديدة، بعضها غير عادي، لتأهيل المستهلك وتدريبه على تجربة مذاقات جديدة والابتعاد عن الوجبات التقليدية التي تجلب معها متاعب السمنة والأمراض المصاحبة لها.
«الباربيكيو» الفلبيني ظهر ضمن توجهات الطعام هذا العام وهو يقدم اللحوم المشوية بمذاق جديد يخلط بين البهار الحريف والطعم السكري. ولتحقيق هذا المذاق يستخدم الشيف مجموعة من التوابل الحريفة مثل الفلفل والشطة وصلصة الصويا، بالإضافة إلى السكر والثوم وكاتشب الموز وعصير الليمون. ويقول الشيف ستيفان شومكا إن ظهور هذه الخلطة في أحد برامج تلفزيون «بي بي سي» منحها الشهرة بعد أن اعتمدها بعض المطاعم. وقفزت هذه الوجبة فجأة من كونها أحد مكونات أطعمة الشوارع إلى قوائم الطعام في المطاعم الفاخرة والمتوسطة. وتقدم بعض المطاعم هذه الوجبة تحت اسم باربيكيو الأحلام.
من المشروبات التي ظهرت هذا العام أيضاً «كوكتيل نيغروني» غير الكحولي الذي بدأ في اسكوتلندا وينتشر الآن في بريطانيا وأوروبا. وهو مزيج عصائر الفواكه بالإضافة إلى المياه المعدنية الغازية. وتقول شركة «غرانجر» التي ابتكرته إنه كوكتيل يغذي الصحة والمذاق معاً. وتتوجه النصيحة الصحية هذا العام للامتناع عن الكحول كموجة لتحسين الصحة بعد الموجة الأولى لمحاربة التدخين.
وفي عام 2020، يعتقد الخبراء أن النخبة التالية من التوجهات العامة للطعام سوف تنتشر وتشتهر تحت دواعي التغيير والصحة والتحول إلى مذاقات جديدة:
> شوكولاته بسكر خفيف: كانت التوجهات السابقة في استهلاك الشوكولاته تتحول إلى الشوكولاته الداكنة التي تحتوي على نسبة عالية من الكاكاو ولكن مع قليل من الحليب، حيث فوائدها الصحية أعلى. كما ظهرت أيضاً في فترات ماضية صرعات الاعتماد على مزارع الكاكاو التي تتبع أساليب بيئية مستدامة ولا تستخدم الأطفال وتعتمد على الأساليب العضوية بعيداً عن الكيماويات. ولكن التوجه الرئيسي هذا العام هو لخفض نسب السكر في الشوكولاته. وقد يبدو هذا التوجه كأنه لمسة من مصانع الشوكولاته للحفاظ على صحة زبائنها، ولكن الهدف في الواقع هو تقديم حوافز على استهلاك مزيد من الشوكولاته باعتبارها تحتوي على نسبة أقل من السعرات الحرارية، وأيضاً لتجنب ما يسمى «ضريبة السكر» التي بدأت الحكومات الأوروبية في تطبيقها حفاظاً على الصحة العامة وخفض نسب السمنة. وقد بدأت شركات منتجات الشوكولاته مثل نستله وكادبيري في خفض نسب السكر في منتجاتها بنحو 30 في المائة لمجاراة التوجه الجديد وتجنب فرض ضرائب إضافية على منتجاتها.
> قاعات الطعام الجماعي: وهو أسلوب تتبعه المطاعم السريعة لخفض التكاليف من ناحية وزيادة المبيعات. وهو ليس من التوجهات الجديدة، حيث هو متاح في مولات التسوق العربية منذ فترات طويلة. ويشارك كثير من منافذ بيع الوجبات السريعة في قاعات مشتركة، بحيث يختار المشتري شراء طعامه أو شرابه من أي منفذ ثم يشارك زبائن آخرين من كل المطاعم الأخرى في قاعة مركزية مشتركة لا تنتمي إلى مطعم معين، بل يتشارك فيها الجميع. هذه الظاهرة سوف تتوسع هذا العام في المولات الأوروبية ويتم تقديم أطعمة الشوارع من عربات إلى جانب منافذ البيع التقليدية من المطاعم. وفي لندن وحدها، هناك 3 مشاريع عملاقة لتأسيس قاعات طعام مغلقة توفر مزيداً من الخيارات للمستهلك في مناخ فسيح ومكيف ومعزول عن الطقس الخارجي البارد.
> التخلص من التغليف والبلاستيك: بدأت حملة التخلص من البلاستيك الضار بالبيئة تأتي ثمارها في كثير من منافذ السوبر ماركت التي تقبل على تقليل التغليف للمواد الغذائية والتحول من البلاستيك إلى الورق. وذهب سوبر ماركت «ويتروز» إلى درجة أبعد بتوفير الأطعمة الجافة مثل الباستا والمشروبات الغازية في أجهزة تصرفها للمستهلك في الأواني والزجاجات التي يحضرها معه. وتقول نسبة 90 في المائة من الزبائن إنهم سعداء بهذا التحول ولا يمانعون في إحضار الحقائب والأواني الخاصة بهم بدلاً من استخدام الأطعمة المغلفة وزجاجات السوائل التي تستخدم لمرة واحدة. وتقول بعض منافذ السوبر ماركت البريطانية إنها سوف تعلن عن المرحلة الثانية من خطط التخلص من البلاستيك وأغلفة الأطعمة مع بداية الربيع المقبل. وسوف تعود الخضراوات والفواكه تباع بلا تغليف كما كانت الحال في الأسواق العربية القديمة، حيث يختار المشتري من بين أكوام الخضر والفواكه أمامه. وترى منافذ أن هذا الأسلوب قد يزيد التكلفة عليها بسبب نسبة الفاقد من الأغذية، إلا أن الضغط الشعبي والسياسي عليها يجبرها على التخلص من كل الأغلفة وإتاحة بقايا الطعام غير المبيع إلى الجمعيات الخيرية.
> انطلاق وتنوع الأغذية النباتية: وهو تيار مستمر منذ عدة سنوات للتحول إلى الغذاء النباتي، ولكنه هذا العام ينطلق إلى آفاق جديدة. في هولندا، نجحت محلات تعمل تحت شعار «الجزار النباتي» في تقديم منتجات مثل السجق المصنوع من فول الصويا. وفي بريطانيا، تظهر في منافذ السوبر ماركت منتجات برغر نباتي متنوعة بعضها يشبه الفلافل في طعمه. ومثلها توجد نماذج سجق وقطع دجاج نباتية بدأت تدخل إلى مجال الاستهلاك العام من منافذ معروفة في بريطانيا مثل تيسكو وماركس أند سبنسر. ويتحول مزيد من المستهلكين إلى أسلوب حياة نباتي وتستجيب صناعة الغذاء لهذا التوجه. وقال متحدث من ماركس أند سبنسر إن التوجه النباتي يزداد عاماً بعد آخر، وإن الشركة تواكب هذا التيار بمزيد من المنتجات التي سوف يكون منها قريباً دجاج كييف نباتي.
> حليب نباتي: تيار مصاحب للغذاء النباتي هو التحول من الحليب الحيواني إلى النباتي من مصادر مختلفة منها حليب الأرز وحليب الصويا وحليب حمص الطبيخ. ويقول مشجعو هذا التوجه إن الحليب النباتي له وقع أقل ضرراً على البيئة وبصمته الكربونية أقل على المناخ، كما أنه أكثر صحة للمستهلك ويحتوي على نسبة أقل من الدهون ونسبة أعلى من الفيتامينات والمعادن. وهو مفيد للصحة لأنه يخفض نسب الكوليسترول في الدم كما أنه سهل الهضم. ويمكن شراء أنواع من الحليب النباتي من منافذ السوبر ماركت العادية، بعد أن كانت تباع فقط في محلات الأغذية الصحية والعضوية. وتباع الآن أنواع من حليب الصويا وجوز الهند واللوز والأرز. وهو يصلح ضمن الحميات النباتية ولفئات لديها حساسية من الحليب الحيواني.
> الوجبات الصغيرة: ينتهي عصر الولائم والتخمة هذا العام مع انتشار الوجبات الصغيرة التي تسمى (Snacks) بدلاً من الوجبات الكاملة. ويعد السوشي الياباني ومنافذ بيع قطع الواسابي والسندويتشات من التوجهات المتزايدة الانتشار هذا العام. وتأخذ المأكولات اليابانية طريقها إلى المطاعم ومحلات السوبر ماركت، بينما يتراجع الإقبال على الوجبات الثقيلة مثل البيتزا. وبالتزامن مع انتشار الأطعمة اليابانية، يزداد انتشار منافذ بيع السندويتشات التي تقدم أنواعاً نباتية جديدة. وتسبب نوع من أصابع السجق النباتية في رفع مبيعات مجموعة محلات «غريغز» البريطانية للسندويتشات في الوقت الذي أغلقت فيه مطاعم كثيرة أبوابها التي كان من بينها مطعم شهير يملكه الشيف توم اتكينز. ويقول الشيف آدم بايت مدير مطعم ترينيتي في لندن إن عام 2020 سوف يكون «عام السندويتش». وأضاف أن كثيراً من أوساط الصناعة يختبر أنواعاً جديدة ومبتكرة من السندويتشات.
> اللحوم أحياناً: يبدو أن التوجه نحو تناول الغذاء النباتي وحده ليس مقنعاً تماماً، حيث يظهر تيار جديد لتناول الغذاء النباتي مع التوجه إلى تناول اللحوم في المناسبات. ويطلق أصحاب هذا التوجه على أنفسهم لفظ «Flexitarians». وتبلغ نسبة المصنفين تحت هذا اللفظ نحو ثلث النباتيين الذين يشترون أيضاً بدائل اللحوم من المنتجات النباتية. ويصاحب هذا التيار مجموعات أخرى تتناول اللحوم في أيام معينة من الأسبوع أو في وجبات تحتفل بمناسبات دورية. ويرى هؤلاء أن الجسم يحتاج أيضاً إلى بروتين اللحوم بين الحين والآخر للحفاظ على الصحة.
> الإفطار خارج المنزل: ما زال العشاء هو الوجبة الاجتماعية المفضلة التي يتم تناولها خارج المنازل. وأحياناً يكون تناول الغداء في المطاعم حتمياً خلال ساعات العمل نهاراً. ولكن التوجه الجديد هو لتناول الإفطار صباحاً خارج المنزل أيضاً. أسباب ذلك التحول متعددة ومنها ضيق الوقت صباحاً لإعداد الإفطار وتقديم كثير من المطاعم السريعة والكافيتريات لأصناف متعددة من وجبات الإفطار. وتجري مطاعم «برغر كنغ» تجارب على تقديم الكرواسون الفرنسي في سندويتش لحم وبيض للفترة الصباحية، بينما تقدم مطاعم «ماكدونالدز» بالفعل وجبات إفطار حتى الحادية عشرة صباحاً يومياً. وأكدت مطاعم «ويندي» أنها بصدد تقديم وجبات إفطار في كل مطاعمها هذا العام.
> آيس كريم للكبار فقط: تتوسع منافذ بيع الآيس كريم وتتنوع نكهاته الغريبة التي تخصص لمذاق الكبار فقط، حيث يختار المشتري الطعم الذي يفضله ويتم التحضير الفوري أمامه. وإلى جانب النكهات التقليدية مثل الفانيليا والفراولة والموز والشوكولاته يمكن الآن شراء آيس كريم بطعم القرفة أو البرقوق أو حتى بطعم البطاطس المقلية. ويختار المشتري أيضاً من أنواع الصلصات المتاحة السكرية والمملحة، كما يمكنه الخلط بين النكهات المختلفة.
مذاقات جديدة لصحة أفضل
من «الباربيكيو» الفلبيني إلى «النيغروني» الخالي من الكحول
مذاقات جديدة لصحة أفضل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة