الفيروس يواصل انتشاره في النمسا رغم الإجراءات

TT

الفيروس يواصل انتشاره في النمسا رغم الإجراءات

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة النمساوية يواصل فيروس كورونا انتشاره في النمسا بسرعة مخيفة تجاوزت 300 إصابة، ووفاة مصاب في عامه الـ69 كان قد عاد للنمسا بعد عطلة قضاها في إيطاليا.
وأعلنت الحكومة النمساوية أمس، عن قرار بدعم الشركات والوظائف المتضررة بسبب «كورونا» بمبلغ 4 مليارات يورو توضع في صندوق خاص كضمان مبدئي لسيولة الشركات، فيما مشروع قرار يعرض على البرلمان لإحداث تغييرات في القانون تسمح بزيادة تعويضات الأوبئة بما يتماشى والأضرار المتوقعة بسبب انتشار فيروس «كورونا» الذي أدخل البلاد في وضع غير مسبوق.
أعلن ذلك وزير المالية في مؤتمر صحافي عقده المستشار النمساوي سابستيان كورتز نهار أمس بمشاركة وزراء الصحة والداخلية كما هي عادته منذ بداية الأسبوع الماضي مع انتشار فيروس «كورونا» بالنمسا.
من جهة أخرى، تقرر إغلاق المتاجر كافة بمختلف أنحاء البلاد، بدءا من غد الاثنين، كما ستغلق المطاعم أبوابها من تمام الساعة الثالثة يومياً، وذلك حتى إشعار آخر ضمن إجراءات حاسمة لإبطاء انتشار فيروس «كورونا».
استثناءً لن تعمل البقالات والصيدليات والبنوك ومكاتب البريد، مع تشجيع واسع للجمهور للتعامل الإلكتروني من بعد، بما في ذلك طلب المشورة الطبية والاستعانة بخدمات الاسكايب، للحديث مع الأطباء وتوجيه من يشعرون بأعراض المرض أو يشكون في احتمال إصابتهم بالفيروس، مع التزام منازلهم ليصلهم فريق إسعافي يقوم بإجراء الاختبارات اللازمة، ومن ثم يقرر أين يحجزون.
في السياق ذاته، حثت الحكومة مواطنيها على تأجيل حفلات الزواج، وقصر الجنائز في نطاق ضيق لا يتعدى حدود الأسرة المباشرة. كما تم تأجيل وإلغاء معظم الفعاليات والحفلات الموسيقية وعروض الأوبرا كما أغلقت المتاحف أبوابها ومنعت الصلوات بالمساجد والكنائس، واستنفار كل قوى الشرطة والبوليس وحظر عطلاتهم.
إلى ذلك تتوقف غداً كل السفريات البرية والجوية بين النمسا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا. وكانت الحدود مع إيطاليا قد أغلقت وتم تضييق المنافذ مع سلوفاكيا وجمهورية التشيك كما أعلن عن إنهاء الموسم السياحي الشتوي.
وفي إقليم تيرول المجاور لإيطاليا أغلقت كل الفنادق وفرض حظر تام على عدد من المدن التي كانت تفيض بالسياح كالقديس أنطون وغالتر وكابييل وايشلاغ. وأغلقت كل فنادق الإقليم أبوابها في وضع غير مسبوق، حسب ما صرح والي الإقليم، الذي حث على الهدوء والتصرف بحكمة، رغم أن الإقليم قد خسر 1.6 مليون إقامة لليلة الواحدة بسبب إنهاء الموسم السياحي الشتوي قبل موعده.
بالعاصمة فيينا التي قلت فيها التجمعات وأمست ميتة بصورة ملحوظة، تم إلغاء سير قطار الأنفاق وفق نظام 24 ساعة أثناء عطلة الأسبوع. وأغلقت النوافذ الصغيرة التي كانت بين الجمهور والسائق، مع تنبيه واسع بأن شراء البطاقات في الفترة القادمة يتوفر فقط عن طريق تطبيقات بالهواتف الذكية وإلكترونياً، أو من ماكينات إن توفرت بالمحطات.
وكان المستشار سابستيان كورتز قد حث جميع المواطنين النمساويين الموجودين ببلاد موبوءة بفيروس «كورونا» على العودة لبلادهم التي رفعت درجة الاستعداد الأمني والصحي للمستوى السادس وهو الأعلى، معلنة عن إغلاق الجامعات والمدارس وإيقاف حتى الدروس الطبية بالمستشفيات التي أضحت بكاملها في حال استعداد تام، كما منعت الزيارات عن كثير من الأقسام، وعن بيوت المسنين كافة.
في سياق موازٍ، ارتفعت نسبة التسجيل في بند العطالة سيما مع استغناء كثير من المحال والمؤسسات عن العاملين بنظام الساعة والمتعاقدين لفترات قصيرة فيما تنظر الحكومة في كيفية التعامل مع تسريح واسع لكل الذين لم يعد لهم مكان بعد الإغلاق الواسع الفجائي.
من جانبهم، أكد مسؤولون من إقليم النمسا العليا عن تفاقم المشاكل التي سوف تنتج من إغلاق الحدود الأوروبية ليس على النطاق الاقتصادي فحسب أو لصعوبات قد تنجم بسبب انقطاع ما يتم تبادله بصورة يومية من خضراوات وأسماك ولحوم بل وكذلك للحد من حركة وانتقال العمالة في مجالات واسعة كانت تدخل وتخرج من وإلى النمسا يوميا، سيما في مجال التمريض ورعاية المسنين خاصة من دولة سلوفاكيا المجاورة.
ويحتاج أكثر من 5 آلاف مسن من سكان إقليم النمسا العليا وحده لرعاية كاملة طول اليوم يأتي معظمها من دولة سلوفاكيا التي لا تبعد غير بضعة كيلومترات.
وكانت الحدود النمساوية السلوفاكية والتشيكية قد أغلقت منذ الأمس ولمدة 30 يوماً قد تتجدد وفقاً لمدى انتشار أو انحسار الفيروس.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».