اليمن يرفض تقويض الجهود الأممية ويحذّر من القفز على مسببات الحرب

«الشرعية» اتهمت الانقلابيين بنكث الاتفاقات والتصعيد العسكري ونهب المساعدات

يمني يحمل مساعدات تقدم للنازحين من محافظة الجوف إلى مأرب (رويترز)
يمني يحمل مساعدات تقدم للنازحين من محافظة الجوف إلى مأرب (رويترز)
TT

اليمن يرفض تقويض الجهود الأممية ويحذّر من القفز على مسببات الحرب

يمني يحمل مساعدات تقدم للنازحين من محافظة الجوف إلى مأرب (رويترز)
يمني يحمل مساعدات تقدم للنازحين من محافظة الجوف إلى مأرب (رويترز)

في الوقت الذي يدفع فيه المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث ودوائر غربية أخرى نحو التحضير لاستئناف المشاورات بين الحوثيين والحكومة اليمنية، أكدت الأخيرة أنه لا يمكن نجاح أي مشاورات في ظل نكث الميليشيات الحوثية باتفاقات السلام السابقة، والتصعيد العسكري والحرب الاقتصادية، والإجراءات التعسفية ضد العاملين في المجال الإنساني.
وقال مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، خلال جلسة مجلس الأمن، أول من أمس (الخميس)، إن «الهدف المنشود هو تحقيق السلام المستدام في اليمن، المبني على المرجعيات المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار (2216)».
وأضاف: «إن أي التفاف عليها ومحاولة القفز على مسببات الحرب ما هو إلا نوع من إطالة أمد الصراع وتحطيم آمال اليمنيين في بناء يمن اتحادي جديد يرتكز على قيم العدالة والمساواة ودولة النظام والقانون والتوزيع العادل للثروة والسلطة، وإزالة كل عثرات وأخطاء الماضي وتصحيحها».
وتطرق السفير السعدي إلى استمرار الميليشيات الحوثية في عرقلة الجهود الأممية المبذولة لإحلال السلام، بما في ذلك رفضها تنفيذ التزاماتها بموجب «اتفاق استوكهولم» الذي رعته الأمم المتحدة، والذي شاركت فيه الحكومة اليمنية بنيات صادقة للتوصل إلى اتفاق يضع حداً لمعاناة الشعب ضمن إجراءات بناء الثقة، وصولاً إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
وأكد أن التصعيد العسكري الأخير في عدة جبهات، لا سيما ما يحدث في الجوف من عمليات عسكرية وتهجير للمدنيين مؤشر خطير يؤكد أن الميليشيات الحوثية لم تكن يوماً جادة في تحقيق السلام، وغير مكترثة بمعاناة المواطنين منذ خمس سنوات من إشعالها لهذه الحرب العبثية.
وعن سبب إعلان الحكومة اليمنية تعليق عمل الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار، أشار السفير السعدي إلى قصف الميليشيات الحوثية المتكرر على المدنيين في مأرب والجوف ونهم وتعز والساحل الغربي والضالع والبيضاء، واستهداف المستشفيات ومخيمات النازحين.
وأوضح أن الجماعة مستمرة في التصعيد والتعنُّت في تنفيذ اتفاق الحديدة لأكثر من عام وتقييد حركة بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، وتقويض عمل رئيس وأعضاء لجنة تنسيق إعادة الانتشار واستهداف نقاط الرقابة الثلاثية، وآخرها استهداف أحد ضباط الرقابة من الفريق الحكومي العقيد محمد الصليحي يوم الأربعاء أثناء أدائه لمهامه في إحدى نقاط الرقابة في الحديدة.
وقال السعدي: «هذه المؤشرات لا توحي بأن تلك الميليشيات ستحتكم إلى صوت العقل والجنوح للسلام، ما يجعل الحكومة اليمنية تدعو مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى القيام بدوره والاضطلاع بمسؤولياته في إجبار الميليشيات الحوثية على تنفيذ الاتفاقات وإيقاف أعمالها العسكرية العدوانية التي تسببت في تعاظم المعاناة الإنسانية بكل صورها، وإيقاف آلة القتل والدمار والحصار والانتهاكات التي أمعنت في ممارستها، في تحدٍّ صارخ لجهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».
وجدد مندوب اليمن في الأمم المتحدة رفض بلاده للتدخلات الإيرانية في الشؤون اليمنية، وقال إن طهران «تمد الميليشيات الحوثية بالدعم العسكري والأسلحة، وتشجعها على تقويض وعرقلة الجهود الأممية»، معتبراً أن ذلك لا يهدد السعودية وحدها ولكن يشكل تهديداً خطيراً لدول المنطقة والأمن الإقليمي والدولي.
وبخصوص «اتفاق الرياض»، قال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة، إن الحكومة اليمنية تبذل جهوداً كبيرة وبتوجيهات من الرئيس عبد ربه منصور هادي لتنفيذ «اتفاق الرياض»، الذي يمثل مكسباً لاستعادة الدولة وللشعب اليمني ولجميع القوى السياسية.
وأكد أن الاتفاق يشكل خطوة مهمة نحو توحيد جميع القوى والجهود داخل بنية الدولة وتحت لوائها لإنهاء الانقلاب وإجهاض المشروع الإيراني - الحوثي في اليمن والمنطقة، مثمناً جهود السعودية في رعاية وضمان تنفيذ الاتفاق.
وأوضح السعدي أن الحكومة اليمنية تبذل جهوداً كبيرة لإنهاء معاناة أبناء الشعب اليمني، حيث وضعت خططاً على مستويات ومراحل عدة بدءاً من تنشيط وتفعيل مؤسسات الدولة وتحسين مستوى تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية واستئناف تصدير النفط من عدد من القطاعات التي توقفت لما يزيد على أربع سنوات، إضافة إلى تفعيل دور الأجهزة المالية والاقتصادية والخدمية والرقابية، مما ساعد على تحقيق قدر من التعافي.
ووصف قرار منع تداول الطبعات الجديدة من العملة الوطنية من قبل الحوثيين بأنه «استمرار لحرب اقتصادية واستهداف الحياة المعيشية للمواطنين والإضرار بالاقتصاد الوطني، من خلال خلق سوق هائلة للمضاربة على العملة الصعبة ومفاقمة الأزمة الإنسانية، حيث تسبب هذا القرار «اللامسؤول» في حرمان أكثر من 120 ألف موظف ومتقاعد في مناطق سيطرة الميليشيات من مرتباتهم بعدما تعذر تحويلها، وفق تعبير السعدي.
وأوضح المندوب اليمني أن الحكومة اليمنية اتخذت كثيراً من السياسات المالية والاقتصادية لمواجهة هذا القرار، وتحتاج لدعم الأشقاء والمجتمع الدولي لأنه دون وجود استمرارية في الدعم والإصلاحات وبناء وتفعيل الاقتصاد الوطني فالأمور قد تذهب في اتجاه الانهيار مجدداً.
وقال إن الميليشيات الحوثية تمادت وعملت على تقويض العمل الإنساني وسرقة المساعدات الإغاثية وفرض إتاوات عليها، في سابقة خطيرة تخالف كل مبادئ العمل الإنساني وتهدد بتعليق المساعدات الإغاثية التي يحتاج إليها ملايين اليمنيين.
وأكد أن استمرار تلك الميليشيات في القتل واستهداف المساكن ودور العبادة واستخدام الأطفال وزجهم في حربها العبثية واعتقال النساء والاعتداء الجنسي عليهن يُعدّ تهديداً خطيراً للمجتمع اليمني، ويتعارض مع كل القوانين الدولية والتقاليد الاجتماعية المتعارف عليها.
وجدد السفير السعدي إدانة الحكومة اليمنية للأحكام الباطلة التي أصدرتها الميليشيات الحوثية بحق 35 من أعضاء مجلس النواب بالإعدام تعزيراً، ومصادرة أموالهم العقارية والمنقولة داخل اليمن وخارجها، وقال: «إن هذه ليست المرة الأولى التي تصدر فيها تلك الميليشيات مثل هذه الأحكام بحق المعارضين السياسيين وغيرهم لتمويل مجهودها الحربي».
وفيما دعا السعدي مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي إلى إدانة هذه الممارسات والضغط على تلك الميليشيات لوقف وإدانة هذه الأحكام، جدد تحذير الحكومة اليمنية من الكارثة البيئية التي قد يتسبب بها خزان النفط العائم «صافر» الراسي أمام ميناء رأس عيسى الخاضع لسيطرة الميليشيات الحوثية النفطي، في ظل إصرار ميليشيات الحوثي على منع صيانته.
وقال: «طالبنا بالضغط على الجماعة للسماح للفريق الفني التابع للأمم المتحدة من الوصول إليه وصيانته تجنباً لوقوع كارثة بيئية في حال تسرب ما يزيد على مليون برميل نفط خام في البحر الأحمر».
وكشف السعدي عن أن «المندوبين الدائمين لعدد من الدول المطلة على البحر الأحمر وجهوا رسالة إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة تشير إلى المخاطر المحتملة في حال وقوع هذه الكارثة البيئية».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

10 قتلى في غارة جنوب الخرطوم

مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
مواطنون في بورتسودان 30 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أفاد مُسعفون متطوعون أن عشرة مدنيين سودانيين قُتلوا، وأصيب أكثر من 30 في غارة جوية جنوب الخرطوم.

وقالت غرفة الاستجابة الطارئة بالمنطقة، وهي جزء من شبكة من المتطوعين في جميع أنحاء البلاد يعملون على تنسيق إيصال المساعدات في الخطوط الأمامية، إن الضربة التي وقعت، الأحد، استهدفت «محطة الصهريج بمنطقة جنوب الحزام، للمرة الثالثة في أقل من شهر».

وقالت المجموعة إن القتلى قضوا حرقاً، وإن بين الجرحى الثلاثين خمسة في حالة حرجة لإصابتهم بحروق من الدرجة الأولى.

ونُقل بعض المصابين والجثامين المتفحمة إلى مستشفى بشائر الذي يبعد أربعة كيلومترات عن موقع القصف، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ويأتي الأهالي إلى منطقة الصهريج من مناطق مختلفة بغرض التبضع وشغل أعمال هامشية مثل بيع الأطعمة والشاي.

وقالت المجموعة إن قصف محطة الصهريج، للمرة الثالثة في أقل من شهر، «ليس سوى جزء من حملة تصعيد مستمرة تدحض ادعاءات أن القصف يركز فقط على الأهداف العسكرية، حيث تتركز الغارات على المناطق السكنية المأهولة».

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، أسفرت الحرب بين الجيش النظامي السوداني وقوات «الدعم السريع» عن مقتل عشرات الآلاف. وفي العاصمة وحدها، قُتل 26 ألف شخص بين أبريل 2023 ويونيو (حزيران) 2024، وفقاً لتقرير صادر عن كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.

وشهدت الخرطوم بعضاً من أسوأ أعمال العنف في الحرب، حيث جرى إخلاء أحياء بأكملها. ولم يتمكن الجيش، الذي يحتكر الأجواء بطائراته النفاثة، من استعادة السيطرة على العاصمة من قوات «الدعم السريع».

وتفيد أرقام الأمم المتحدة بأن ما يقرب من ثلث النازحين داخل السودان، البالغ عددهم 11.5 مليون شخص، فرُّوا من العاصمة.

واتُّهمت قوات «الدعم السريع» والجيش مراراً باستهداف المدنيين وقصف المناطق السكنية دون تمييز.