أوروبا باتت «بؤرة» انتشار «كوفيد - 19»

عدد الحالات المسجل يومياً يفوق ما رصدته الصين خلال الذروة

أوروبا باتت «بؤرة» انتشار «كوفيد - 19»
TT

أوروبا باتت «بؤرة» انتشار «كوفيد - 19»

أوروبا باتت «بؤرة» انتشار «كوفيد - 19»

«لنتباعد عن بعضنا اليوم كي يتسنّى لنا غداً أن نتعانق بحرارة أكثر»، بهذه العبارات توجّه رئيس الحكومة جيوزيبي كونتي إلى مواطنيه مساء الأربعاء، عندما أطلقت إيطاليا رصاصتها ما قبل الأخيرة في المعركة الشرسة التي تخوضها مع فيروس «كوفيد - 19»، التي أصبحت المختبر الذي تراقب من خلاله أوروبا مسار هذا الوباء، وتستعد لتحديد سبل مواجهته.

بهذا الصدد، أكّدت «منظمة الصحة العالمية»، أمس، أن أوروبا باتت «بؤرة» جائحة فيروس «كورونا»، وحذت أنه من «المستحيل» معرفة متى يبلغ الفيروس ذروته على المستوى العالمي. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس في مؤتمر صحافي بجنيف إن «أوروبا حالياً هي بؤرة وباء (كوفيد 19) العالمي»، مشيراً إلى أن عدد الحالات التي تسجل يومياً يفوق عدد الحالات اليومية التي سجلت في الصين خلال ذروة انتشار المرض.
وفي وقت تكثف الدول التدابير الاستثنائية لمواجهة الجائحة، اعترفت «منظمة الصحة العالمية» بأنه لا يزال من «المستحيل» تحديد المرحلة التي يبلغ فيها الفيروس ذروته.
ويبدو أن الحكومة الإيطالية، التي تواجه أكبر تفشٍّ للفيروس في أوروبا، توصلت إلى الاستنتاج نفسه. فرغم قرارها إعلان البلاد بكاملها «منطقة حمراء»، وما رافقه من تدابير صارمة بإقفال الأماكن العامة والمحلات التجارية باستثناء المخازن الغذائية والصيدليّات ومحطات الوقود وأكشاك الصحف، يعترف المسـؤولون بأن السيطرة على الوضع ما زالت بعيدة المنال، وأنه لا بد من الانتظار أسبوعين على الأقلّ لمعرفة ما إذا كانت هذه التدابير ستؤتي النتائج المنشودة.
وبعد أن زاد عدد الإصابات عن ألفين، في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، بدأت بعض الأقاليم تطالب بفرض تدابير أكثر تشدّداً، مثل إقفال الحدائق العامة وحظر التجوّل في المدن وعدم السماح للمواطنين بالخروج من منازلهم إلا بمعدّل فرد واحد كل يومين، لتسوّق المواد الغذائية. ويذكّر البعض بأن إيطاليا كانت الدولة الأوروبية الأولى التي أوقفت الرحلات الجوية من الصين وإليها، لكن ذلك لم يمنع انتشار الوباء فيها أكثر من الدول الأخرى، بينما ما زال الغموض يكتنف الأسباب التي أدَّت إلى هذا الانتشار السريع والعدد المرتفع من الإصابات والوفيات مقارنة بالدول الأخرى.
وبعد إغلاق مطار «مالبنسا» في ميلانو قررت السلطات وقف الحركة في مطار «تشيامبينو» بروما، وحصرت الحركة في مطار العاصمة الرئيسي «فيوميتشينو» بمحطة واحدة، وهي تتجه إلى الاكتفاء بتشغيل مطار واحد فقط في كل إقليم، بعد أن ألغت معظم شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى روما وأقفلت شركة الطيران الوطنية «اليطاليا» كثيراً من رحلاتها حتى إشعار آخر.
في الأقاليم الجنوبية، مثل كالابريا وجزيرة صقلية، بدأت السلطات بتخصيص مستشفيات لاستقبال المصابين بالفيروس دون غيرهم من المرضى، على غرار ما فعلت الصين في المقاطعات المنكوبة، بينما تدرس أقاليم الشمال إجراءات لوضع اليد على فنادق بهدف تحويلها إلى مراكز للحجر الصحي الجماعي، بعد أن تبيّن أن إصابات كثيرة نجمت عن حالات الحجر في منازل غير مناسبة.
وفيما تنتظر إيطاليا وصول أوّل شحنة من المساعدات الصينية من أجهزة التنفّس الاصطناعي ومعدّات الوقاية، برفقة فريق من الخبراء في مكافحة فيروس «كوفيد - 19»، وبعد الاستياء الذي ساد الأوساط الرسمية الإيطالية، مما وصفه مسؤول حكومي بأنه «إجراءات أوروبية غير كافية لمواجهة التداعيات الاقتصادية الكارثية لهذه الجائحة التي تتصدّى لها إيطاليا على الخط الأول للجبهة وتتكبّد خسائر بشرية ومادية فادحة» أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فان در لاين، أن «الاتحاد الأوروبي سيتجاوب مع كل الطلبات التي تتقدم بها إيطاليا». وكانت فان در لاين قد وجّهت رسالة متلفزة إلى الإيطاليين جاء فيها: «لستم وحدكم في هذه المحنة. أوروبا كلّها تعاني مع إيطاليا، واليوم نشعر جميعاً بأننا إيطاليون»، ووعدت بتقديم كل الدعم التقني والمادي اللازم، واتخاذ التدابير القانونية التي تتيح مساعدة الشركات والعائلات الإيطالية خارج الحدود المالية الصارمة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.
وأعرب وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو عن امتنانه وتقديره لموقف رئيسة المفوضية، معلّقاً بقوله: «سنتذكّر من مدّ لنا يد المساعدة»، في تلميح إلى موقف فرنسا التي رفضت تزويد إيطاليا بمعدّات وقاية وأجهزة للتنفس الاصطناعي.
وكانت بورصة ميلانو قد شهدت انهياراً تاريخيّاً حيث تراجعت أسهمها بنسبة 17% يوم الخميس الماضي بعد أن أعلنت رئيسة «البنك المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد عن حزمة التدابير المالية لمواجهة أزمة «كوفيد - 19»، لكنها عادت، أمس (الجمعة)، إلى الارتفاع وعوّضت خسائر أول من أمس.
زعيم المعارضة اليميني المتطرف ماتّيو سالفيني واصل مزايداته المعتادة لاستغلال هذه الأزمة سياسيا، فدعا إلى إغلاق الاتحاد الأوروبي بكامله بعد أن كان انتقد نهاية الشهر الماضي الإجراءات الحكومية، وطالب بإعادة فتح المحلات والمصانع والمدارس والعودة إلى الحياة الطبيعية، علماً بأنه في بداية انتشار الفيروس دعا إلى إقفال جميع الحدود الإيطالية لفترة أسبوعين.
وبينما تدرس الحكومة احتمال الانتقال إلى الخطوة التالية والأخيرة بإغلاق جميع المطارات ومحطات القطارات والمواصلات العامة، جاءت استغاثة رئيس مستشفى «بيرغامو»، المركز الصناعي الكبير وإحدى مدن الشمال الأكثر تضرّراً من الفيروس، ليحمل صورة قاتمة عن الوضع الذي ينذر بعوائق أوخم، فيقول: «إنه كالزلزال، يعقبه ارتداد كل ليلة ولا نرى له نهاية. يأتون بالعشرات كل يوم إثر ارتفاع درجات الحرارة بعد الظهر، كلّهم في حال خطرة بعد أن كانوا بالأمس أقوياء وأصحّاء».
لكن الأنباء التي وردت في الساعات الأخيرة من «المنطقة الحمراء» الأولى التي انطلق منها انتشار الفيروس في إيطاليا، والتي وُضعت تحت العزل الإلزامي التام 15 يوماً قبل توسيع هذا الإجراء على مقاطعات الشمال، ثم على جميع أنحاء البلاد، تحمل بعض الأمل، بنجاعة تدابير العزل الصارمة حيث أفيد بأن عدد الإصابات قد تراجع بنسبة ملحوظة في الأيام الثلاثة الأخيرة.


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

رياضة عالمية رياضيو بلجيكا اضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس (رويترز)

«أولمبياد 2024»: إصابة رياضيين بلجيكيين بـ«كوفيد» قبل السفر لباريس

ثبتت إصابة كثير من الرياضيين البلجيكيين المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية بفيروس «كوفيد-19» مؤخراً، واضطروا إلى تأجيل مغادرتهم إلى باريس.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

طبيب: نتائج اختبار بايدن لـ«كوفيد» جاءت سلبية

أعلن طبيب البيت الأبيض في رسالة، اليوم (الثلاثاء)، أن نتيجة اختبار جو بايدن لـ«كوفيد-19» جاءت سلبية، في الوقت الذي عاد فيه الرئيس إلى واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا خلال حديثها لوسائل الإعلام (رويترز)

بعثة أستراليا: عزل لاعبة كرة ماء في أولمبياد باريس بعد إصابتها بكوفيد

قالت آنا ميريس رئيسة بعثة أستراليا في أولمبياد باريس اليوم الثلاثاء إن لاعبة في فريق كرة الماء المحلي تم عزلها بعد إصابتها بفيروس كورونا.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم عودة السفر الجوي إلى طبيعته بعد طفرة دامت سنوات في أعقاب جائحة كورونا وسط إحجام المصطافين والمسافرين بسبب ارتفاع الأسعار (رويترز)

الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد الطفرة التي أعقبت «كورونا»

قال مسؤولون تنفيذيون في شركات طيران كبرى مشاركون بمعرض «فارنبورو» للطيران في إنجلترا، الاثنين، إن الطلب على السفر الجوي يعود إلى طبيعته بعد «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (لندن)

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
TT

مجموعة العشرين تتعهد «التعاون» لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء

تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)
تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين (أ.ف.ب)

اتفقت دول مجموعة العشرين على العمل معاً لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، لكن دون التوصل لاتفاق حول نظام ضريبي عالمي، وذلك وفقاً لإعلان تمّ تبنيه بعد اجتماع وزراء مالية دول المجموعة في ريو دي جانيرو.

وقال الإعلان الصادر عن البرازيل التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة إنه «مع الاحترام الكامل للسيادة الضريبية، سنسعى إلى المشاركة متعاونين لضمان فرض ضرائب فعالة على صافي الثروات العالية للأفراد»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف الوزراء في إعلانهم أنّ «عدم المساواة في الثروة والدخل يقوّض النمو الاقتصادي والتماسك الاجتماعي ويؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية». ودعا الإعلان إلى «سياسات ضريبية فعّالة وعادلة وتصاعدية».

وقال وزير المالية البرازيلي فرناندو حداد إنّه «من المهمّ، من وجهة نظر أخلاقية، أن ترى أغنى عشرين دولة أنّ لدينا مشكلة تتمثّل في فرض ضرائب تصاعدية على الفقراء وليس على الأثرياء».

ورحّبت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الجمعة، بالإعلان الصادر عن مجموعة العشرين والمؤيّد «للعدالة المالية»، معتبرةً أنّه «جاء في الوقت المناسب ومرحّب به».

وقالت غورغييفا في بيان إنّ «الرؤية المشتركة لوزراء مجموعة العشرين بشأن الضرائب التصاعدية تأتي في الوقت المناسب وهي موضع ترحيب، لأنّ الحاجة إلى تجديد الاحتياطيات المالية مع تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية تنطوي على قرارات صعبة في العديد من البلدان». وأضافت أنّ «تعزيز العدالة الضريبية يساهم في القبول الاجتماعي لهذه القرارات».