الجزائريون يتحدون «كورونا»... ويصعّدون حراكهم ضد السلطة

حملوا في «الجمعة 65» شعار «لن نوقف الاحتجاج حتى يرحل النظام»

جانب من المظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية ضد السلطات أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية ضد السلطات أمس (أ.ف.ب)
TT

الجزائريون يتحدون «كورونا»... ويصعّدون حراكهم ضد السلطة

جانب من المظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية ضد السلطات أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات في شوارع العاصمة الجزائرية ضد السلطات أمس (أ.ف.ب)

رفع عدد كبير من الجزائريين، أمس، في «حراك الجمعة 56»، شعار «قولوا لهم جيبو (كورونا) وزيدوا الطاعون.. ندَوا الحرية يكون واش يكون»، ومفاده أن وباء «كوفيد 19» لن يخيف نشطاء الحراك الشعبي، وأن افتكاك الحرية من السلطة هو مرادهم مهما كان الحال. كما رددوا شعار «لن نتوقف عن الاحتجاج حتى يرحل النظام عنا نهائياً».
وتظاهر أمس مئات الأشخاص في شوارع العاصمة الرئيسية، وهي «زيغود يوسف» و«عسلة حسين»، و«ديدوش مراد»، مروراً بالبريد المركزي و«ساحة موريس أودان». حاملين العلم الوطني، وصور رموز من الحراك يوجدون حالياً في السجن، وآخرين متابعين قضائياً بسبب مشاركتهم في المظاهرات، وهم في حالة إفراج مؤقت يترقبون تحديد تواريخ محاكمتهم.
ومن أبرز الذين رفعت صورهم الناشط سليمان حميطوش، الذي أودع الثلاثاء الماضي الحبس الاحتياطي، ورجل الثورة الثمانيني لخضر بورقعة، الذي التمس النائب العام، أول من أمس، سجنه لعام مع التنفيذ. وسيتعرف على الحكم يوم 26 من الشهر الحالي، بينما سيغادر الناشط السياسي البارز كريم طابو السجن بعد أسبوعين، إذ أوشك على استنفاد عقوبة 6 أشهر حبساً نافذاً.
وأعلن الكاتب الصحافي فضيل بومالة، الذي غادر السجن، قبل أسبوعين، عن تنقله إلى تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، كبرى مدن القبائل، لمشاركة سكانها مظاهراتهم الأسبوعية. وكان لافتاً أمس أن عدد المتظاهرين كان أقل من الجمعة الماضي، وذلك بسبب دعوات مكثفة لـ«تعليق الحراك» إلى غاية التحكم في وباء «كورونا»، الذي خلّف قتيلين، حسب آخر حصيلة لوزارة الصحة.
وعشية الحراك، توقع كثير من النشطاء أن تصدر الحكومة أوامر لقوات الأمن بمنع المظاهرات، بعدما أعلنت، أول من أمس، عن تسبيق عطلة الربيع بأسبوع، بالنسبة للجامعات والمدارس ومعاهد التكوين المهني. غير أن ذلك لم يتم، حيث سار المتظاهرون في أهم مدن البلاد، دون تدخُّل قوات مكافحة الشغب، التي تلقت تعليمات صارمة بحظر الاحتجاجات خارج يومي الثلاثاء (مظاهرات طلاب الجامعات) والجمعة. وكان وزير الداخلية كمال بلجود قد اتهم دولاً أجنبية دون تسميتها، بـ«استعمال متظاهرين لتهديم البلاد».
وقال سعيد صالحي، أحد قياديي «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن قوات الأمن اعتقلت 30 شخصاً عند صلاة الجمعة بـ«مسجد الرحمة»، بوسط العاصمة، قبل انطلاق المظاهرات.
واحتدم خلاف حاد بين المتظاهرين المتمسكين بمواصلة الحراك، «مهما كانت الظروف»، غير مكترثين لتحذير السلطات من خطر عدوى الفيروس، وقطاع آخر من النشطاء الذين ناشدوا «عقلاء الحراك» بتعليقه، على أساس أن «المصلحة العام تقتضي ذلك». وتبادل عناصر من الطرفين التهم في بعض الأحيان على صفحات منصات التواصل الاجتماعي.
وقال عبد الحميد، شقيق علي بن حاج قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الأمن منعته من مغادرة الحي الذي يسكن به، صباح أمس، عندما كان متوجهاً إلى ساحات المظاهرات، علماً بأن بن حاج (64 سنة) يحاول المشاركة في الحراك للأسبوع الـ65 لكن دون جدوى، لأن السلطات تخشى من قوة خطابه وتأثيره في المتظاهرين.
وأكد عبد الحميد أن رجال أمن بزي مدني أوقفوا سيارة علي بن حاج الاثنين الماضي، عندما كان متوجهاً إلى البليدة (50 كلم جنوب)، لزيارة أنصار له، ألقي عليهم القبض الأحد بسبب زيارة أدوها له في بيته بالعاصمة. وقد أفرج عنهم بعد ساعات من الاحتجاز. وأوضح شقيق القيادي الإسلامي، بهذا الخصوص: «منذ مدة لم يعد مسموحاً للشيخ بأن يزور أحداً، وأصبح اليوم ممنوعاً على أي أحد زيارته، فهل هذي هي الجزائر الجديدة التي وعد بها الرئيس؟».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».