تثبيت سعر صفيحة البنزين يطلق جدلاً قانونياً وشعبياً

TT

تثبيت سعر صفيحة البنزين يطلق جدلاً قانونياً وشعبياً

فتح قرار الحكومة اللبنانية تثبيت سعر صفيحة البنزين للاستفادة من انخفاض سعر النفط عالمياً وبالتالي زيادة مداخيل الخزينة، الباب على جدل قانوني وشعبي في آن، خصوصاً في ظل اعتبار البعض أن هذا الإجراء يجب أن يرتبط بقانون يصدر عن مجلس النواب لأن تثبيت السعر أشبه بفرض ضريبة جديدة.
وانسحب الانتقاد على الجهات السياسية إذ رأى عدد من النواب أنه بدلاً من أن يستفيد اللبنانيون الذين يرزحون تحت أوضاع اقتصادية صعبة من انخفاض سعر النفط عالمياً سارعت الدولة للاستفادة منه.
وأشار وزير الطاقة ريمون غجر، إلى أنه «ما دام استيراد البنزين يعتمد على نسبة كبيرة من الدولارات المتوافرة في مصرف لبنان، فإن انخفاض سعر برميل النفط سيؤدي إلى المزيد من الانخفاض في سعر الصفيحة»، موضحاً أن «قرار مجلس الوزراء تثبيت السعر هو للاستفادة من الفارق في تأمين المزيد من الموارد لخزينة الدولة ما يمكّنها من استخدامها في أي أمر طارئ يواجه البلاد».
وانتقدت النائبة بولا يعقوبيان القرار الحكومي، واعتبرت أنه «بدل أن يكون انخفاض سعر النفط العالمي سبباً لتخفيف الأعباء المادية الكثيرة على المواطن اللبناني، قررت الحكومة تثبيت سعر صفيحة البنزين والاستفادة من الفرق للخزينة تلك التي الداخل إليها مفقود والخارج منها ليس للمصلحة العامة بل لمصالح ضيقة حول الطغمة الحاكمة».
وأوضح الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان، أن «الدولة اللبنانية تفرض أصلاً على كل صفيحة بنزين رسوماً ثابتة تبلغ 5 آلاف ليرة لبنانية، إضافة إلى ضريبة 11% ليصبح مجموع ما تتقاضاه الدولة اليوم على الصفيحة نحو 8 آلاف ليرة، تضاف إليها تكاليف النقل وجعالة محطات المحروقات والشركات المستوردة وهي عوامل ثابتة، فيما التقديرات تشير إلى أنّ لبنان يستهلك أكثر من 200 ألف صفيحة بنزين يومياً».
وأشار أبو سليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بناءً على ذلك، فإن «مداخيل الخزينة العامة سترتفع بنسبة 20% مع كل دولار يخسره سعر برميل النفط عالمياً، إذا ما افترضنا أنّ الخزينة تُدخل أسبوعياً نحو ملياري ليرة».
قانونياً، أشار رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص، إلى أنه لا يُفترض أن يكون هناك أي إشكالية بقرار الحكومة ما دام أنه لا يفرض أو يستحدث ضريبة جديدة، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المادة 81 من الباب الرابع من الدستور والمرتبطة بالمالية العامة واضحة، وتقول بعدم جواز إحداث ضريبة ما وجبايتها إلا بموجب قانون شامل تطبَّق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية.
وشرح مرقص أن سعر صفيحة البنزين خاضع لتقلبات عالمية كبيرة وللدعم المحلي أيضاً، وبالتالي لا تُعقل العودة إلى مجلس النواب لتلبية حاجات ملحّة لا تحتمل الانتظار خصوصاً أن هناك حداً أدنى من التفويض التشريعي الضمني منحه البرلمان للحكومة ما دامت لا تستحدث ضريبة جديدة على المكلفين.
وفي الوقت الذي انتقد فيه قسم كبير من اللبنانيين القرار الحكومي ورأوا أنه كان الأجدى أن يستفيدوا هم من الانخفاض العالمي الحاصل لا الدولة، وصف ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، قرار الحكومة تثبيت سعر البنزين بـ«الشجاع والإيجابي»، موضحاً أنه «ستوازيه زيادة ضريبة الجمرك على استيراد المادة، وبالتالي فإن أي زيادة في السعر العالمي في المستقبل سيتم خصمها من ضريبة الجمرك المفروضة على الشركات المستوردة».
ورأى أبو شقرا في حديث إذاعي، أن تثبيت السعر «أفضل من زيادة 5000 ليرة على الصفيحة»، موضحاً أنه بالموازاة سيستمر صدور جدول تركيب الأسعار لمادة المازوت التي لم يثبت سعرها، مضيفاً: «سيكون هناك جدول أسعار داخلي بين الشركات المستوردة للنفط، ويُتوقع أن تكون الزيادة هذا الأسبوع نحو 100 ليرة».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.