هجوم «التاجي» يصعّد التوتر بين واشنطن وطهران... وتوعد للفاعلين

ترمب لا يملك «دليلاً كاملاً» ضد إيران.... وإسبر وماكنزي أكدا أنه من جماعتها

أرشيفية لمقاتلين في الأنبار على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)
أرشيفية لمقاتلين في الأنبار على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)
TT

هجوم «التاجي» يصعّد التوتر بين واشنطن وطهران... وتوعد للفاعلين

أرشيفية لمقاتلين في الأنبار على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)
أرشيفية لمقاتلين في الأنبار على الحدود العراقية - السورية (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه «لم يتحدد بعد على نحو كامل أن إيران مسؤولة عن الهجوم الصاروخي في العراق» الذي أوقع 3 قتلى؛ هم أميركيان وبريطاني.
وحذر وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر بأن «جميع الخيارات مطروحة على الطاولة». وقال الوزير للصحافة إن الرئيس ترمب أعطى، بعدما تحدثا حول إجراءات الرد الممكنة، كل الصلاحيات من أجل «القيام بما يجب فعله».
وتابع: «هجوم (أول من) أمس الذي شنته جماعات شيعية مسلحة مدعومة من إيران تضمن نيراناً متعددة غير مباشرة انطلقت من منصة ثابتة واستهدف بوضوح قوات التحالف والقوات الشريكة في معسكر التاجي». وأضاف: «دعوني أكن واضحاً... الولايات المتحدة لن تتساهل مع الهجمات على شعبنا ومصالحنا وحلفائنا»، مؤكداً أن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة في سبيل مثول الجناة أمام العدالة ومواصلة الردع».
وفي السياق نفسه، اتهم قائد القيادة المركزية في الجيش الأميركي الجنرال كينيث ماكينزي ، أمس (الخميس)، ميليشيا «كتائب حزب الله» الموالية لإيران بـ«الوقوف وراء الهجوم الذي استهدف قاعدة «التاجي» شمالي بغداد، بصواريخ كاتويشا، وأسفر عن سقوط ثلاثة جنود من التحالف الدولي.
وقال ماكينزي ، في جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، إن «الولايات المتحدة لا تزال تحقق في الهجوم، ولاحظنا أن (كتائب حزب الله) هي المجموعة الوحيدة التي يمكن أن تقوم بمثل هذه الهجمات». وأضاف أن «ما حدث أمس يشير إلى النظام الإيراني يود الاستمرار بأنشطته الشريرة وتهديد الملاحة الدولية وإمدادات الطاقة والاقتصاد العالمي».
تصريحات ماكينزي أثارت نقاشاً كبيراً مع أعضاء اللجنة، خصوصاً الديمقراطيين منهم، الذين رأوا أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ليست لديها خطط لمواجهة الهجمات التي تنفّذها ميليشيات إيران، وأن الانسحاب من الاتفاقية النووية معها بدلاً من أن يبطئ حصولها على السلاح النووي، يشير بعض التقديرات إلى اقترابها من هذا الهدف.
كما اتهموا الإدارة بأنها أخفت حقيقة إصابة الجنود الأميركيين بارتجاج دماغي لكي تقلل من العاصفة السياسية التي واجهتها، إثر مقتل قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني.
ماكينزي نفى ذلك بشدة، وقال إنه هو من أعلن في البداية أنه لا إصابات في صفوف الجنود الأميركيين في الهجوم الباليستي الإيراني على قاعدة «الأسد» في العراق، وأنه لم يتعرض للضغوط سواء من البنتاغون أو الرئيس الأميركي.
ماكينزي سيعقد اليوم (الجمعة)، أيضاً مؤتمراً صحافياً خاصاً بالتطورات التي تشهدها منطقة عملياته، والتي تشمل العراق وأفغانستان، حيث يشهد الوضع الأمني فيها تدهوراً على خلفية الهجمات التي تشنها حركة «طالبان»، رغم الاتفاق الذي وُقّع معها نهاية فبراير (شباط) الماضي.
وكان ماكينزي قد حذّر في جلسة استماع أمام مجلس النواب الأميركي قبل يومين، من وجود معلومات استخبارية عن احتمال قيام إيران بتنفيذ هجمات عبر أدواتها على أهداف أميركية. وعدّ مقتل الأميركيين والجندي البريطاني في الهجوم الصاروخي على قاعدة «التاجي» قرب بغداد، أكبر تصعيد ضد الوجود الأميركي في العراق في الآونة الأخيرة. ويشير إلى أن إيران اختارت أسلوب التدرج والصمت في تنفيذ الهجمات التي توعدت بها، رداً على مقتل سليماني، أو لمواصلة خططها في العراق عموماً، على الرغم من التحذيرات والرسائل التي تلقتها حول تبعات ذلك.
وفيما لم ترد وزارة الدفاع بعد على استفسارات «الشرق الأوسط» عن الإجراءات التي ستُتخذ للرد على الهجوم، وعمّا إذا تلقت واشنطن موافقة بغداد على نشر منظومات «الباتريوت» الدفاعية، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن عدد قتلى الغارات الانتقامية على ميليشيات «الحشد الشعبي» ارتفع إلى أكثر من 26.
ونفى «التحالف الدولي» أن يكون شنّ غارات في سوريا، ليل الأربعاء، بعدما رجّح «المرصد السوري» أن تكون طائراته استهدفت المقاتلين العراقيين قرب مدينة البوكمال الحدودية في ريف دير الزور الشرقي.
وقال متحدث باسم التحالف لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم تشن الولايات المتحدة أو التحالف أي غارة في سوريا والعراق الليلة الماضية».
وتشير سرعة الرد على الهجوم الذي استهدف قاعدة «التاجي» إلى أن القوات الأميركية استبعدت كلياً احتمال أن يكون تنظيم «داعش» يقف وراء الهجوم، بسبب عدم توفر الإمكانات العسكرية واللوجيستية لديه، وتراجع حضوره في تلك المنطقة.
وفضلاً عن مقتل 3 أشخاص فقد أُصيب ما لا يقل عن 12 شخصاً في الهجوم على قاعدة «التاجي»، على بُعد نحو 30 كيلومتراً شمال بغداد، وفقاً للمتحدث باسم قوات التحالف، النقيب بيل أوربان. وقال أوربان إن نحو 18 صاروخ كاتيوشا سقطت على القاعدة وتم إجلاء خمسة من الجرحى في حالة خطيرة.
وقال مسؤولون عسكريون عراقيون في بيان إن الصواريخ أُطلقت من منطقة الراشدية شمال شرقي بغداد. وقال الجيش الأميركي في بيان إن القوات العراقية عثرت على شاحنة محملة بالصواريخ على بعد كيلومترات قليلة من القاعدة.
وأكد الأميركيون أن الصواريخ المستخدمة هي من النوع نفسه التي استخدمتها ميليشيات عراقية موالية لإيران في هجمات سابقة، ما يثير التكهن باحتمال حصول رد أوسع.
وبعيداً عن تحديد هوية الجهة التي نفّذت الهجوم، قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن الولايات المتحدة لن تتسامح مع منفذي الهجوم، وأكد في اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني دومينيك راب، أن «جميع المسؤولين سيحاسبون».
كان بومبيو قد قال بُعيد وقوع الهجوم في تغريدة على «تويتر»: «لن يتم التسامح بشأن الهجوم المميت الذي استهدف اليوم (الأربعاء) قاعدة التاجي العسكرية في العراق».
وأوضح بومبيو أنه اتفق مع وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب على أنه «يجب محاسبة المسؤولين».
من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، في بيان: «ينبغي أن نعثر على المسؤولين... أرحب بدعوة الرئيس العراقي (برهم صالح) لفتح تحقيق فوري لمحاسبة الجناة... لكن لا بد أن نرى تحركاً». وأضاف أنه تحدث مع بومبيو واتفق معه على أن من الضروري «التصدي لهذه الأعمال المروعة».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.