الإجراءات الوقائية توجه ضربة قاضية لقطاع المطاعم في لبنان

150 ألف موظف مهددون بالصرف

أحد المطاعم المقفلة في بيروت (إ.ب.أ)
أحد المطاعم المقفلة في بيروت (إ.ب.أ)
TT

الإجراءات الوقائية توجه ضربة قاضية لقطاع المطاعم في لبنان

أحد المطاعم المقفلة في بيروت (إ.ب.أ)
أحد المطاعم المقفلة في بيروت (إ.ب.أ)

مع إعلان نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي في لبنان يوم الأربعاء الماضي الإقفال الشامل والمؤقت حفاظاً على الأمن الوقائي والسلامة العامة بعد تفشي فيروس «كورونا»، يدخل هذا القطاع دائرة الخطر، خصوصاً أن هذه الأزمة تأتي بعد أزمات متلاحقة عصفت به؛ أخراها تلك التي اندلعت في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وسُجل خلال الفترة الممتدة من 1 سبتمبر (أيلول) 2019 حتى 1 فبراير (شباط) 2020 إقفال ما يناهز 800 مؤسسة تتعاطى في الطعام والشراب؛ بينها 240 أقفلت في شهر يناير (كانون الثاني) وحده.
ويُدخل قطاع المطاعم إلى الدورة الاقتصادية بالبلد، بحسب «الشركة الدولية للمعلومات»، 5 مليارات دولار، ويساهم بنسبة 10 في المائة من الناتج المحلي.
وتعدّ أمينة سرّ نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري في لبنان، مايا بخعازي نون، أن «أزمة (كورونا) تأتي لتوجه الضربة القاضية للقطاع الذي كان يعمل فيه قبل شهر سبتمبر الماضي 150 ألف موظف أصبحوا اليوم في دائرة الخطر؛ ذلك أن المؤسسات التي يعملون فيها وكانت لا تزال تفتح أبوابها، تعاني الأمرّين من الأزمات المتلاحقة، لأننا لم ننعم بأي موسم مزدهر منذ سنوات، وبالتالي لا موجودات تؤمن الاستمرار».
وتشير نون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «حتى الساعة لا يمكن الجزم بمدة الإقفال أو التداعيات الاقتصادية والمالية المباشرة، إلا إن المؤشرات توحي بإقفال طويل كما يحصل في باقي البلدان حول العالم للتمكن من استيعاب الوباء».
وكانت النقابة أعلنت في وقت سابق عن طرد 25 ألف موظف من عملهم منذ سبتمبر الماضي، في وقت يعمل فيه قسم كبير من باقي العمال بدوام جزئي وبنصف راتب، بسبب تدني أرقام المبيعات بنسبة 75 في المائة.
وبحسب مصادر وزارة السياحة، فإن قرار إقفال المطاعم أساسي جداً للتصدي لتفشي الوباء، وإن كانت ستكون له تداعيات اقتصادية كبيرة، لافتة إلى أنه في نهاية المطاف، فإن «المرض أخطر بكثير على اللبنانيين من مزيد من التدهور الاقتصادي».
وتشير المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه، وبعدما ثبت الانتشار السريع للفيروس بين المواطنين، «توجب اتخاذ قرار إقفال المطاعم بعدما اتخذ قرار بإقفال المرافق السياحية وإلغاء الحفلات والمؤتمرات والاجتماعات على أنواعها»، لافتة إلى أنه «سيتم في الساعات المقبلة إقفال المجمعات التجارية ومؤسسات أخرى، كما أن ملاحقة المتخلفين عن الإقفال ستتم بحزم، لأن الموضوع لا يحتمل أي تعاطٍ بعيداً عن الحزم».
وتضيف المصادر: «سيتم النظر بشكل أسبوعي في الإجراءات المتخذة؛ فإما يتم التخفيف منها والتراجع عنها في حال لسمنا أنه تمت السيطرة على الوباء، وإما يتم التشدد بها أكثر في حال كان الوضع سيئاً».
ولم يلحظ قرار النقابة بإقفال المطاعم خدمة التوصيل التي يعتمد عليها كثير من اللبنانيين. وتضمن القرار دعوة جميع القطاعات الحيوية لمواكبة هذا التدبير حفاظاً على الأمن الوقائي والسلامة العامة لكل المواطنين في لبنان.
ويصف نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي قرار الإقفال بـ«الحكيم والوطني والذي يهدف إلى المحافظة على سمعة القطاع السياحي»، لافتاً في بيان إلى أن «للأمن الغذائي والأمن الوقائي دائماً الأولوية بالنسبة إلى النقابة». ويضيف: «لو سلمنا جدلاً بأن أحد الموظفين الذي يعمل في أي مؤسسة كانت، قد أُصيب بفيروس (كورونا)، لأدّى ذلك إلى جرّ جميع الموظفين العاملين إلى الفحوصات الطبية والحجر الصحي الإجباري، بالإضافة إلى ضرب سمعة العلامة التجارية، ثم طال ذلك كافة المؤسسات المطعمية والقطاع السياحي بشكل كلي». ويعدّ الرامي أن «وقاية القطاع لفترة زمنية قصيرة خير من قنطار علاج طويل».
وشهدت محافظة جبل لبنان أكبر نسبة إقفال مطاعم في الأشهر القليلة الماضية بلغت 54.6 في المائة، وهي الأعلى لسنة 2019، تليها بيروت؛ حيث بلغت نسبة الإقفالات فيها 29.4 في المائة، ثم محافظة الشمال بنسبة 6.7 في المائة، وبعدها محافظة الجنوب بنسبة 6.6 في المائة، وأخيراً البقاع بنسبة 2.5 في المائة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.