غريفيث يحذر من دورة عنف «رهيبة» في اليمن

TT

غريفيث يحذر من دورة عنف «رهيبة» في اليمن

حذر المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث من جرّ هذا البلد مجدداً إلى دورة «رهيبة» من أعمال العنف، إذا لم توقف جماعة الحوثي المدعومة من إيران التصعيد العسكري في كثير من المحافظات. بينما طالبت المندوبة الأميركية الدائمة لدى المنظمة الدولية كيلي كرافت الحوثيين باتخاذ «خطوات فورية» لوقف عرقلة العمليات الإنسانية، لئلا تُضطر واشنطن إلى وقف مساعدتها للمناطق التي يسيطرون عليها في نهاية الشهر الحالي.
وفي مستهلّ إحاطة قدمها لأعضاء مجلس الأمن عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من عمّان، رأى غريفيث أن اليمن وصل إلى «منعطف حرج»، إذ ينبغي على أطراف النزاع «إما أن تدفع اليمن نحو خفض التصعيد ومعاودة العملية السياسية، أو، كما أخشى، في اتجاه قدر أكبر من العنف والمعاناة، مما سيجعل الطريق إلى طاولة المفاوضات أكثر مشقة». وأشار إلى أن «التصعيد العسكري الأكثر إثارة للقلق حصل في الجوف»، معبراً عن «قلق بالغ من العقلية التي تقود عمليات التصعيد هذه، وأثر العنف على أهل الجوف». وحذر من أن «هذا التصعيد يمكن أن يؤدي إلى صراعات في محافظات أخرى، وأن يجرّ اليمن إلى دورة جديدة وغير مسؤولة من العنف». وأضاف أن ذلك «سيكون مدمراً إنسانياً وسياسياً»، فضلاً عن أنه «سيعرّض المدنيين لخطر شديد». وكرر مطالبته بـ«عملية سياسية تهدف إلى إنهاء هذه الحرب بشكل شامل»، داعياً الأطراف إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لمنع مثل هذه النتيجة الرهيبة». وتحدث عن جولته، خلال الأسبوع الماضي، في مأرب، حيث «سمعت من الناس مطالبة قوية بالسلام».
وقال المبعوث إنه ناقش في صنعاء «الحاجة إلى وقف القتال في محافظة مأرب»، مشدداً على أنه «لا يوجد مبرر للتصعيد العسكري في مأرب».
وأفاد غريفيث بأن محافظة الحديدة لا تزال تشهد اشتباكات، خصوصاً في المدينة والجزء الجنوبي من المحافظة»، آسفاً لأن الخسائر المدنية تتزايد. وأكد أن «التطورات منذ وقوع الحادث المؤلم، الأربعاء الماضي، في مركز المراقبة المشترك في مدينة الحديدة تهدد بتقويض آلية خفض التصعيد وإنجازات لجنة تنسيق إعادة الانتشار». وأضاف أن بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) تعمل على «التوسط واستعادة الثقة بين الأطراف». وكشف أن البعثة الدولية «لا تزال تواجه قيوداً شديدة في الحركة». وكذلك لاحظ «بقلق شديد» العنف في أماكن أخرى من البلاد، ومنها مديرية نهم ومحافظات الضالع وشبوة وتعز وصعدة. وأكد أن «هناك خطراً حقيقياً من تصعيد عسكري طويل في معظم أنحاء اليمن»، مشدداً على «وجوب بذل قصارى جهدنا لدعم الأطراف في احتواء هذا الاتجاه وعكسه». وأضاف أنه «من الضروري أن يوافق الطرفان على المشاركة في آلية عامة لخفض التصعيد»، على أن تكون «خاضعة للمساءلة». وضم صوته إلى مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في إدانة أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة في صنعاء بحق 35 برلمانياً يمنياً، مؤكداً أن «تسييس القضاء وغيره من المؤسسات مبعث قلق بالغ».
وقال المبعوث الدولي إنه «رغم هذا الموسم القاتم، أبدت الأطراف بعض الاستعداد لمواصلة الانخراط في تدابير بناء الثقة»، لافتاً إلى أن «الطرفين اتخذا خطوات مهمة لتنفيذ الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في منتصف فبراير (شباط) الماضي، بشأن تبادل واسع النطاق للسجناء»، بالإضافة إلى استمرار الجهود الخاصة بالجسر الجوي الطبي. وطالب بـ«عمل جاد» لتبادل الأسرى وتأمين الطرق في تعز والحديدة ومأرب وأماكن أخرى، فضلاً عن دفع رواتب القطاع العام في كل أنحاء البلاد.
وكذلك دعا إلى فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية. وجدد المطالبة بمرحلة انتقالية «يجب خلالها تقاسم السلطة بين كل المكونات السياسية والاجتماعية، بما فيها المرأة والمجتمع المدني، بروح من الشراكة والتوافق». وأضاف: «يجب الاتفاق على ترتيبات أمنية انتقالية لتوفير الأمن للناس».
وأفاد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية نائب منسق المعونة الطارئة راميش راجاسينغام بأن تجدد القتال يؤكد إلحاح القضايا الخمس ذات الأولوية، وهي حماية المدنيين واحترام القانون الإنساني الدولي، وإيصال المساعدات الإنسانية وتسليمها، وتمويل عملية مساعدات الأمم المتحدة، والعناية بالاقتصاد اليمني، والتقدم نحو السلام.
وأسفت المندوبة الأميركية كرافت لأنه «لم يتغير شيء يُذكر في اليمن منذ التقينا، الشهر الماضي»، مشيرة إلى «تصاعد العنف»، وإلى استيلاء الحوثيين على مدينة حزم في محافظة الجوف. وإذ أملت في أن تلتزم الأطراف سوف وقف التصعيد ومعاودة المحادثات، حضّت على «التنفيذ الكامل لاتفاق الرياض». ودعت مجلس الأمن إلى إيلاء «اهتمام خاص بعرقلة الحوثيين للعمليات الإنسانية»، طالبت الحوثيين بـ«اتخاذ خطوات فورية لتلبية كل الشروط الدنيا للعمليات الإنسانية المبدئية قبل نهاية هذا الشهر». وأكدت أنه «في حال عدم وجود إجراءات من للحوثيين لمعالجة مخاوفنا، ستعلّق الولايات المتحدة مساعدتها للمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن في نهاية مارس (آذار) الحالي، باستثناء بعض برامج إنقاذ الأرواح».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.