الاقتصاد العالمي في حالة «صدمة» مع تزايد وتيرة تداعيات «كوفيد ـ19»

خبراء لـ «الشرق الأوسط» : النتائج الأولية تعقد عودة وتيرة الأنشطة حتى النصف الأول

«كورونا» يتسبب في بوادر شلل أنشطة اقتصادية حيوية من بينها النقل العام (رويترز)
«كورونا» يتسبب في بوادر شلل أنشطة اقتصادية حيوية من بينها النقل العام (رويترز)
TT

الاقتصاد العالمي في حالة «صدمة» مع تزايد وتيرة تداعيات «كوفيد ـ19»

«كورونا» يتسبب في بوادر شلل أنشطة اقتصادية حيوية من بينها النقل العام (رويترز)
«كورونا» يتسبب في بوادر شلل أنشطة اقتصادية حيوية من بينها النقل العام (رويترز)

وصف اقتصاديون ما يتعرض له الاقتصاد العالمي من اضطراب، نتيجة الانكشاف على مرحلة «الصدمة»، مع تزايد وتيرة تداعيات فيروس «كورونا» السلبي على مفاصل الاقتصاد العالمي، مؤكدين تفاقم الصدمة بسبب تزايد قيود السفر، فضلاً عن تنامي انتشار الفيروس، وتباطؤ استهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، وانحسار الإنفاق على السياحة.
في حين تشير تقارير اقتصادية إلى تقلص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.3 في المائة، ما يعادل 1.1 تريليون دولار، يُعرّف مصطلح «الصدمة» في أدبيات التحليل الأكاديمي العلمي بوصول المؤثر إلى مستويات معرقلة أو معطلة للأنشطة الاقتصادية تنعكس على المؤشرات الكلية والجزئية بوضوح خلال تسلسل زمني ممتدّ.
وإلى تفاصيل أكثر عن تداعيات «كورونا»، في مرحلة تشكّل الصدمة الاقتصادية على العالم...

الصدمة الكبرى
يرى المحلل الاقتصادي الدكتور خالد رمضان، أن الاقتصاد العالمي يتعرض في الوقت الراهن إلى ما يُوصَف بـ«الصدمة»، نتيجة تباطؤ وضح بشكل جلي في الأنشطة الاقتصادية، وانعكس على المؤشرات العامة لاستهلاك السلع الأساسية، وتقلُّص الطلب النفطي، وتراجع إنتاج ومبيعات السيارات، بالإضافة إلى تدهور الإنفاق على القطاع السياحي مع القيود الرسمية المفروضة على السفر.
وبحسب رمضان، سيكون الترقب للبيانات الدقيقة حول التأثيرات الاقتصادية خلال النصف الأول من العام الحالي، باعتبار العامل الزمني في قياس التداعيات على أمل أن تتم السيطرة على الفيروس القاتل، وفقاً لبعض التنبؤات، بحلول مايو (أيار) المقبل.
ومع توقعات بأن يشهد الاقتصاد الصيني نمواً بنسبة 2.6 في المائة فقط في النصف الأول من العام الحالي، يرى رمضان أن هذه النسبة أضعف وتيرة نمو في 30 عاماً، كما أن النمو ككل في الصين هذا العام سينخفض إلى 5.4 في المائة بدلاً من 6 في المائة، مع تفاقم قيود حماية الصحة العامة التي تؤدي إلى صعوبة عودة العمال لوظائفهم.
ووفقاً لرمضان، سيتسبب ذلك في تعطيل سلاسل التوريد العالمية حيث وفقاً لآخر الأنباء، لا تزال مقاطعة هوبي موطن الوباء، التي تمثل قلعة صناعية بحجم اقتصاد دولة مثل السويد، خاضعة لحالة إغلاق جزئي، مما يعقّد مهمة استعادة الاقتصاد الوتيرة الطبيعية التي كان عليها في السابق، وعليه تتضح آثار الصدمة الاقتصادية.

بلدان الخليج
ويتوقع رمضان تقلّص الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 1.3 في المائة، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار، مشيراً إلى أنه إذا ما توسع تفشي الفيروس واستمر حتى الربع الثالث من العام الحالي، فستواصل الأسواق العالمية اتجاهها الهبوطي المريع.
وعلى صعيد دول الخليج، يبين رمضان أن النفط يساهم بنحو 81 في المائة في المتوسط، من إيرادات دول مجلس التعاون الخليجي والعراق، مشيراً إلى أنه سيؤثر ضعف الأسعار والطلب النفطي من الصين التي تُعدّ أكبر مستهلك عالمي للنفط على الإيرادات، كما سيتأثر قطاع السفر والسياحة بفعل قيود السفر، مستشهداً بمثال خليجي يتمثل في مدينة دبي التي استقبلت نحو مليون زائر من الصين في 2019.
وأضاف رمضان: «الآن سيتقلّص هذا العدد بشكل كبير، وقد أصبح هناك غموض بشأن إقامة معرض (إكسبو دبي 2020). كما أن المخاطر الاقتصادية التي تواجهها سلطنة عمان ستكون أشد هذا العام، بسبب ضعف الطلب النفطي، وانكشافها على الصين، إذ تتجه نحو 45 في المائة من صادرات السلطنة إلى الصين».

المدى الجغرافي
من ناحيته، يرى الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس «مركز الشروق للدراسات الاقتصادية» تشكّل حالة الصدمة في الاقتصاد العالمي، في تسبب انتشار فيروس «كورونا» بأزمات اقتصادية لم تستثنِ بلداً من حيث المدى الجغرافي، في ظل التحذيرات التي أطلقها مركز الأبحاث البريطاني «أكسفورد إيكونوميكس»، مع تحوّل المرض إلى وباء عالمي.
وأوضح باعشن لـ«الشرق الأوسط» أن التقارير الدولية الصادرة في هذا المنحى، تشير إلى أن تفشي «الكورونا» سيؤدي إلى انخفاض الدخل العالمي بنسبة 1.3 في المائة هذا العام، أي ما يعادل 1.1 تريليون دولار من الدخل المفقود، بينما من المتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي في النصف الأول من 2020 إلى ما يقرب من الصفر، وستدخل منطقة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو «فترات الركود الفني».

ديون وإفلاس
ومن بين مظاهر تشكيل الصدمة الاقتصادية في العالم، وفقاً لباعشن، تتفاقم ديون العالم، حتى على مستوى الاقتصاديات الكبيرة، حيث التوقعات تلفت إلى أن التأثيرات السلبية لفيروس «كورونا» ستفرز حالة من إفلاس بعض الدول قريباً.
واستشهد باعشن بـ«صندوق النقد الدولي»، الذي يرى أن الدين العالمي وصل إلى مستويات قياسية عند مستوى 188 تريليون دولار، بما يعادل نحو 230 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

نمو صفري
من ناحيته، اتفق المحلل المالي عبد الرحمن العطا، مع الاقتصادي رمضان، على أنه من المنتظر أن يفشل الاقتصاد العالمي في النمو خلال النصف الأول ليسجل «صفراً»، مشيراً إلى معاناة الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من حالة ركود فني، الذي يعني انكماشاً في الأداء الاقتصادي لمدة 6 أشهر، وذلك بفعل توقف إنتاج المصانع التي تفتقر إلى المكونات وقطع الغيار الصينية المهمة، ما يرسم بوضوح مدى الصدمة الاقتصادية.
وتوقع العطا، لدى حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تستمر وتيرة هبوط الأسواق العالمية، في ظل احتمالات ترجح بزيادة تفشي فيروس «الكورونا» ودخوله دولاً جديدة لم يصل إليها بعدُ، خلال الشهر المقبلة.



«بنك اليابان» يشير إلى احتمال قريب لرفع الفائدة

صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)
صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)
TT

«بنك اليابان» يشير إلى احتمال قريب لرفع الفائدة

صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)
صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)

قال بنك اليابان المركزي إن زيادات الأجور تتسع في اليابان؛ حيث جعل النقص في العمالة الشركات أكثر وعياً بالحاجة إلى الاستمرار في رفع الأجور، ما يشير إلى أن الظروف المواتية لرفع أسعار الفائدة في الأمد القريب مستمرة في الظهور.

وقال بنك اليابان، يوم الخميس، إن بعض الشركات تدرس بالفعل مدى قدرتها على زيادة الأجور هذا العام، مما يشير إلى ثقة متزايدة باستمرار زيادات الأجور الضخمة التي شهدناها العام الماضي.

وأكد البنك مراراً أن زيادات الأجور المستدامة والواسعة النطاق شرط أساسي لرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل من 0.25 في المائة الحالية، وهي الخطوة التي راهن بعض المحللين على أنها قد تأتي في وقت مبكر من اجتماع وضع السياسات في وقت لاحق من هذا الشهر.

وقال كازوشيجي كامياما، مدير فرع بنك اليابان في أوساكا، في إفادة صحافية: «بدلاً من اتباع نهج الانتظار والترقّب، تعلن المزيد من الشركات عن نيتها زيادة الأجور في وقت مبكر أكثر من الماضي... الحاجة إلى زيادة الأجور مشتركة على نطاق أوسع بين الشركات الصغيرة. ويمكننا أن نتوقع مكاسب قوية في الأجور هذا العام».

وفي بيان حول صحة الاقتصادات الإقليمية، أضاف البنك المركزي أن العديد من مناطق اليابان شهدت زيادات واسعة النطاق في الأسعار من قبل الشركات التي تسعى إلى دفع أجور أعلى.

وقال بنك اليابان إن بعض الشركات لم تحسم أمرها بعد بشأن حجم الزيادة في الأجور أو كانت حذرة من رفع الأجور، بينما كانت شركات أخرى تناقش بالفعل تفاصيل وتيرة رفع أسعار الفائدة.

وأضاف البنك المركزي، في البيان الذي صدر بعد اجتماعه ربع السنوي لمديري الفروع، يوم الخميس: «في المجمل، كانت هناك العديد من التقارير التي تقول إن مجموعة واسعة من الشركات ترى الحاجة إلى الاستمرار في رفع الأجور».

وتعد هذه النتائج من بين العوامل التي سيفحصها بنك اليابان في اجتماعه المقبل لوضع السياسات في 23 و24 يناير (كانون الثاني) الحالي، عندما يناقش المجلس ما إذا كان الاقتصاد يتعزز بما يكفي لتبرير رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر.

وقال أكيرا أوتاني، كبير خبراء الاقتصاد السابق في البنك المركزي، الذي يشغل حالياً منصب المدير الإداري في «غولدمان ساكس اليابان»: «أظهرت نتائج اجتماع مديري الفروع أن التطورات الاقتصادية والأسعار تسير بما يتماشى مع توقعات بنك اليابان. وتدعم المناقشات وجهة نظرنا بأن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة في يناير».

كما أوضح بنك اليابان، يوم الخميس، أنه رفع تقييمه الاقتصادي لاثنتين من المناطق التسع في اليابان وأبقى على وجهة نظره بشأن المناطق المتبقية، قائلاً إنها تنتعش أو تتعافى بشكل معتدل. لكن المخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ألقت بظلالها على آفاق الاقتصاد الياباني المعتمد على التصدير. ونقلت «رويترز» عن أحد المسؤولين قوله: «نراقب التطورات بعناية، حيث قد نواجه مخاطر سلبية اعتماداً على السياسة التجارية الأميركية الجديدة».

وأنهى بنك اليابان أسعار الفائدة السلبية في مارس (آذار)، ورفع هدفه لسعر الفائدة في الأمد القريب إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز) على أساس أن اليابان تسير على الطريق الصحيح لتلبية هدف التضخم البالغ 2 في المائة بشكل دائم. وتوقع جميع المشاركين في استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة إلى 0.50 في المائة بحلول نهاية مارس المقبل.

وفي مؤتمر صحافي عُقد بعد قرار بنك اليابان الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة الشهر الماضي، قال المحافظ كازو أويدا إنه يريد انتظار المزيد من البيانات حول ما إذا كانت زيادات الأجور ستشمل المزيد من الشركات في مفاوضات الأجور هذا العام بين الشركات والنقابات. كما استشهد بعدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية لترمب كسبب لتأجيل رفع الأسعار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال رئيس مجموعة أعمال كبيرة، يوم الثلاثاء، إن الشركات اليابانية الكبيرة من المرجح أن تزيد الأجور بنحو 5 في المائة في المتوسط ​​في عام 2025، وهو نفس العام الماضي. والمفتاح هو ما إذا كانت زيادات الأجور ستصل إلى الشركات الأصغر في المناطق الإقليمية.

وفي إشارة إيجابية، أظهرت بيانات الأجور التي صدرت في وقت سابق من يوم الخميس أن الراتب الأساسي، أو الأجر العادي، ارتفع بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) لتسجل أسرع زيادة منذ عام 1992.