ميركل تبحث مع حفتر في برلين «حلاً سياسياً» للأزمة في ليبيا

«الوفاق» تتهم «الجيش الوطني» باستهداف مدرستين في بلدية أبو سليم

أطفال يلعبون أمام مدخل منزل تعرض لقصف جوي في منطقة أبو سليم جنوب طرابلس (رويترز)
أطفال يلعبون أمام مدخل منزل تعرض لقصف جوي في منطقة أبو سليم جنوب طرابلس (رويترز)
TT

ميركل تبحث مع حفتر في برلين «حلاً سياسياً» للأزمة في ليبيا

أطفال يلعبون أمام مدخل منزل تعرض لقصف جوي في منطقة أبو سليم جنوب طرابلس (رويترز)
أطفال يلعبون أمام مدخل منزل تعرض لقصف جوي في منطقة أبو سليم جنوب طرابلس (رويترز)

بدأ المشير خليفة حفتر، الذي احتفل إعلام القيادة العامة بمرور 5 سنوات على تنصيبه قائداً عاماً لـ«الجيش الوطني» الليبي، زيارة إلى ألمانيا أمس في إطار جولته الأوروبية الحالية، التي شملت فرنسا، في وقت استمرت فيه المواجهات التي تخوضها قواته في العاصمة طرابلس ضد القوات الموالية لحكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج.
وقال مكتب حفتر إن المشير وصل أمس إلى العاصمة الألمانية برلين، والتقى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي أكدت بدورها في بيان للحكومة الألمانية أنها أجرت مع حفتر محادثات بشأن الصراع في ليبيا.
وطبقاً لبيان مكتب حفتر فقد «شددت ميركل على أنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا الصراع، ولهذا السبب من الضروري وقف إطلاق النار، والتقدم في العملية السياسية».
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتفن زايبرت، أمس، وفقاً للوكالة الألمانية، إن المستشارة أكدت أنه «لا يمكن حل هذا النزاع عسكرياً، ولهذا السبب يعد من الضروري تطبيق هدنة، وتحقيق أوجه تقدم في العملية السياسية، وفقاً لقرارات مؤتمر برلين».
في السياق ذاته، أوضحت إذاعة محلية موالية للمشير حفتر أنه ناقش مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ملامح خطة السلام في ليبيا، التي وضعتها القبائل الليبية خلال ملتقاها الأول بمدينة ترهونة مؤخراً، بالإضافة لآلية مكافحة الإرهاب في المنطقة وشمال أفريقيا.
وبحسب ما نقله راديو «صوت ليبيا» (إف إم)، التابع لمكتب إعلام الجيش عن مصدر مطلع، فقد ناقش حفتر وماكرون أيضاً إعادة هيكل مجلس الرئاسة الجديد، وتقليص عدد أعضائه من تسعة أشخاص إلى خمسة، مع تعيين ممثل عن مدينة مصراتة. كما ناقشا ترشيحات الحكومة الليبية الجديدة، باعتبارها حكومة وحدة وطنية، وآلية إلغاء الاتفاقيات الخارجية، التي تم إبرامها خارج إطار القانون المحلي والدولي.
ونقلت عن ماكرون إشادته بجهود حفتر و«الجيش الوطني» في تحقيق الأمن، والاستقرار في ليبيا وشمال أفريقيا، من خلال محاربة التشكيلات الإرهابية المتطرفة، والتصدي للغزو العثماني على ليبيا.
ميدانياً، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات حكومة السراج، «الجيش الوطني» باستهداف مدرستين في بلدية أبو سليم مساء أول من أمس، مما تسبب في حدوث أضرار بهما، وحالة من الهلع لدى المدنيين في محيطهما، حيث تقعان في منطقة مكتظة بالسكان.
وتحدثت وسائل إعلام محلية وسكان عن حدوث قصف متبادل بين قوات الجيش والميليشيات في عدة أحياء داخل طرابلس، ومنها حي باب بن غشير وغابة النصر، مساء أول من أمس.
وقالت قوات «الوفاق» إنها قصفت مخازن ذخيرة لقوات الجيش في منطقة قصر بن غشير جنوب طرابلس.
وفي المقابل، اتهم «الجيش الوطني» على لسان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسمه، فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، من وصفها بـ«عصابات طرابلس» لترهيب المواطنين الآمنين، دون أي اعتبار للإنسانية وحقوق الإنسان واحترام آدميتهم.
ووزع المسماري لقطات فيديو مسربة من داخل طرابلس، لافتاً إلى أن من وصفها بالعصابات هي «من يعززها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بجيشه، عبر نقل آلاف الإرهابيين من مختلف الجنسيات إلى طرابلس لمحاربة الأمن والسلام، الذي يضحي من أجله الجيش الوطني، والشعب بالغالي والنفيس وبصفوة أبنائه».
واحتفل إعلام القيادة العامة للجيش بالذكرى الخامسة لتنصيب حفتر قائداً عاماً لقواته، حيث أعاد نشر صور التنصيب، وتقليد المستشار عقيلة صالح رئيس البرلمان الشرعي في البلاد الرتبة العسكرية لحفتر، بعد ترقيته من رتبة لواء في التاسع من مارس (آذار) عام 2015.
وقال الجيش في بيان مقتضب: «كل يوم يمر يترك بصمة في صفحات تاريخ هذا الوطن؛ وتاريخ هذا اليوم لم يترك بصمة فحسب، بل كان أيضاً سبباً في تغيير مسار وطن كامل، ورسم ملامح جديدة لتاريخه».
في شأن آخر، أعلن بيان للبرلمان الليبي أن فوزي النوير، النائب الأول لرئيسه، بحث بالعاصمة التونسية مساء أول من أمس، مع السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند الجهود الدولية لإنهاء الأزمة الليبية والدور الأميركي، بالإضافة إلى مستقبل عمل بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، عقب استقالة رئيسها غسان سلامة.
وكشف نورلاند في بيان للسفارة الأميركية، أمس، أنه التقى الخميس الماضي في تونس أيضاً عبد الرحمن السويحلي، الرئيس السابق لما يعرف باسم المجلس الأعلى للدولة بطرابلس والموالي لحكومة السراج، لافتاً إلى أنهما ناقشا «الحاجة الملحة إلى تعليق الحملة العسكرية على طرابلس، واستئناف المفاوضات السياسية من أجل منع نشوب صراع أهلي طويل الأمد في ليبيا، من شأنه أن يفاقم التدخّل الخارجي بشكل يضر بسيادة وأمن ليبيا».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.