الأمم المتحدة تحث جوبا على الإسراع بتشكيل الحكومة الانتقالية

تفادياً لاستمرار العنف المجتمعي واستمرار وجود الملايين في معسكرات النازحين

الأمم المتحدة تحث جوبا على الإسراع بتشكيل الحكومة الانتقالية
TT

الأمم المتحدة تحث جوبا على الإسراع بتشكيل الحكومة الانتقالية

الأمم المتحدة تحث جوبا على الإسراع بتشكيل الحكومة الانتقالية

عبرت الأمم المتحدة عن قلقها إزاء الفراغ السياسي الذي يشهده جنوب السودان نتيجة عدم وجود حكومة انتقالية، تم التوافق عليها مؤخرا، وحكام للولايات العشر، بعد أكثر من أسبوعين من تشكيل مؤسسة الرئاسة وتعيين زعيم المعارضة الدكتور رياك مشار في منصب النائب الأول للرئيس سلفا كير.
ودعا رئيس بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ديفيد شيرر في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» قادة البلاد للإسراع بتعيين حكام الولايات، وقال إن غياب السلطات واتخاذ القرارات الشجاعة شجعا العنف المجتمعي كما هو حادث في ولاية جونقلي في شرق البلاد. وأضاف: «هناك مفاوضات مستمرة بشأن تعيين الوزراء في الأسبوعين الماضيين، وفهمت من الأطراف أن هناك صعوبات وتعقيدات ولكن هناك تفاؤل وعلمت أن الحكومة سيتم إعلانها في وقت قريب»، مشدداً على أن غياب القيادة السياسية في ولاية جونقلي ساهم في اندلاع العنف المجتمعي، وقال إن هناك أكثر من «8 من مواطني جنوب السودان يعيشون في معسكرات النازحين التابعة للأمم المتحدة في مدن البلاد المختلفة».
وتتواصل أطراف الحكومة وجماعات المعارضة من 22 فبراير (شباط) الماضي في اجتماعات مكثفة بشأن تشكيل الحكومة الانتقالية، تماشيا مع اتفاق السلام المنشط الموقع في سبتمبر (أيلول) 2018، وينتظر أن يتم تعيين الوزراء ونوابهم وحكام الولايات في غضون أيام.
من جانبه، قال مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك، إن هناك محادثات بين الحكومة وجماعات المعارضة بشأن تعيين حكام الولايات، مؤكداً أن هناك تقدماً في المفاوضات لإنهاء الخلافات حول المحاصصات، ومشيراً إلى أن تقاسم السلطة سيكون وفق اتفاق السلام الذي تم تنشيطه، وقال إن المجموعة الموالية للرئيس سلفا كير احتفظت بمناصب وزارات المالية والداخلية والخارجية ، فيما منحت الحركة الشعبية في المعارضة بزعامة النائب الأول للرئيس رياك مشار وزارات الدفاع والنفط والتعدين وبناء السلام.
وكشف قلواك عن اتفاق الطرفين على اختيار الوزراء من الجانبين، لكنه لم يعط أسماء، وقال: «المرشحون لمناصب الوزارات من جانبنا جاهزة ولكن أحزاب المعارضة لم تقدم مرشحيها للرئيس سلفا كير»، مشيراً إلى أنه من المتوقع إعلان الحكومة في وقت قريب.
هذا، وينتظر الشارع الجنوب السوداني هذه الأيام، إعلان حكومة انتقالية مكونة من 35 وزيراً و10 نواب بجانب 550 نائبا برلمانيا، وحكام الولايات والمناطق الإدارية الثلاث.
إلى ذلك، اعتبر رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارض توماس سيرلو سواكا تشكيل الحكومة الانتقالية لن يحقق السلام الدائم في البلاد، وقال: «الحكومة الانتقالية لا يمكنها معالجة الإخفاقات وإجراء إصلاح في الدولة لأنها هي المستفيدة من هذه الإخفاقات»، داعياً المواطنين إلى اليقظة والحذر وألا يسمحوا بأن تخدعهم النخب السياسة مرة أخرى التي تتقاسم المناصب وتتجاهل مطالب الشعب، وقال: «لا يمكن تحقيق السلام العادل والدائم من دون أن تتم معالجة الأسباب الجذرية للنزاع عبر عملية تفاوض شاملة وذات مصداقية وأن تتم معالجة قضايا إدارة الحكم وإنشاء قطاع الأمن وإبعاد السيطرة العرقية وأن تتحقق العدالة والمحاسبة وأن تتم إدارة موارد الشعب».
وأوضح سيريلو أن جبهة الخلاص التي يتزعمها لن تقبل بأي سلام غير عادل لشعب جنوب السودان يجرد المواطنين من حقوقهم الإنسانية الأساسية ويخضعهم للعيش مواطنين من الدرجة الثانية، وقال إن الجبهة كانت قد أطلقت وثيقة الفيدرالية كنظام للحكم وهذا جهدها لتحقيق السلام في البلاد، وأضاف: «نحن ملتزمون بتحقيق العدالة والحرية والمساواة والكرامة».



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.