دوبروفنيك وكنوز السياحة المخفية

درة الأدرياتيكي وجميلة كرواتيا

دوبروفنيك وكنوز السياحة المخفية
TT

دوبروفنيك وكنوز السياحة المخفية

دوبروفنيك وكنوز السياحة المخفية

منذ سنوات غير بعيدة لم يكن لكرواتيا أثر على خريطة السياحة الأوروبية، لأن هذا البلد كان قد ذاب منذ الحرب العالمية في تلك يوغوسلافيا التي كانت تختصر منطقة البلدان بأسرها ويختصرها رجل واحد اسمه المارشال تيتو. وحدها قلّة من العارفين والمغامرين على الدروب غير المألوفة كانت تقصد «دوبرفنيك»، درّة البحر الأدرياتيكي التي دمّر الطيران النازي كل كنوزها المعمارية التي تعود للقرن السادس عشر وأُعيد ترميمها بإشراف منظمة «يونيسكو» لتستعيد كامل بهائها وتصبح وجهة سياحية عالمية من الدرجة الأولى.
سنترك «دوبروفنيك» والتمتّع بمفاتنها الفريدة لرحلتنا المقبلة، ونكتفي بها هذه المرة كذريعة لزيارة خليج «كارنارو» القريب منها لنكتشف الكنوز التي يخفيها في الجزر الصغيرة والمحميات الطبيعية المذهلة التي تحيط به، والتي لم تطرقها جحافل السيّاح بالكثرة المعهودة.
جزر رائعة ومدن قديمة محصّنة بقلاع صامدة وقصور منيفة موروثة من الإمبراطورية النمساوية المجريّة مطلّة على زرقة البحر الكثيفة، هذا هو الخليج الذي سأرافقكم إليه في هذه الزيارة الأولى إلى كرواتيا.
محطتنا الأولى هي مدينة «ريجيكا» الساحلية التي وقع الاختيار عليها، إلى جانب مدينة «غالوي» الآيرلندية، لتكون عاصمة أوروبا الثقافية هذا العام. ومن حسن حظّنا أن هذه المدينة ما زالت خارج المسار الذي يتبعه السيّاح الذين تتزايد أعدادهم كل عام في كرواتيا ويتجاوزونها في طريقهم إلى جزيرة «إيستريا». لكنّ «ريجيكا - Rijeka» الهادئة التي تلتفّ مبانيها حول مينائها الجميل، هي الباب الذي لا بد عبوره للوصول إلى مجموعة فاتنة من الجزر الصغيرة التي لن يمرّ وقت طويل قبل أن تتحوّل إلى قبلة للباحثين عن السياحة الطبيعية الراقية.
«ريجيكا» عنوان ثقافي بامتياز يقوم على عشرات المسارح والمتاحف والفعاليّات الأدبيّة والفنيّة التي لا تنقطع طوال العام، والحياة الليلية التي تحسدها عليها المدن الكبرى، وكرنفالها الشهير الذي يقصده الزوّار من أنحاء البلاد ودول البلقان المجاورة. ويلفت في هذه المدينة أن مبانيها قد حافظت على عراقتها التقليدية وسط المجازر العمرانية التي عمّت العديد من المدن في العقود الأخيرة المنصرمة. وفي شوارعها الضيّقة والمتعرّجة لافتات حجرية تحكي تاريخ المدينة ومآثر أبنائها بلغات عدّة. ومن قصر «ترسات» الذي يرتفع فوق هضبة عند المدخل الشرقي للمدينة يطلّ الزائر على الوسط التاريخي وأرصفة المرفأ والجزر الأخرى المقابلة في الأدرياتيك. وقد رُمم هذا القصر على الطراز الكلاسيكي الجديد مطلع القرن التاسع عشر بمبادرة من أحد القادة العسكريين في جيش الإمبراطور النمساوي.
ما إنْ نعبر تحت القوس الروماني وسط المدينة حتى تظهر أمامنا الكاتدرائية الجميلة التي بناها اليسوعيّون في عام 1638 والمنقوشة صورتها على ورقة المائة «كونا» العملة الوطنية لكرواتيا. لكن درّة «ريجيكا» بلا منازع هو متحف التاريخ البحري الذي يقوم في القصر القديم الذي كان مقرّ الحاكم النمساوي، ويشتهر بسلالمه الرخامية الرائعة وثريّاته العنكبوتية من بلوّر بوهيميا. أما شعار المدينة فهو «البرج الأصفر» الذي لم يصمد غيره من المباني أمام الزلزال الذي دمّرها عام 1750، والذي كان فرصة لإعادة بنائها على عهد الإمبراطور النمساوي الأول.
على مسافة قصيرة خارج المدينة تنداح الطبيعة الخضراء مترامية في كل الاتجاهات، تسرح فيها الدببة والفهود والذئاب داخل محميّة «ريسنجاك» المرشّحة لإدراجها قريباً على قائمة التراث العالمي لمنظمة «يونيسكو». مناظر طبيعية خلّابة تذكّر بجبال الألب ومرتفعات البلقان المكسوّة بالصنوبر والسرو ومفروشة بالمراعي والزهور البرّية. ومع اقتراب الظهيرة يحين موعد الغداء، في أحد المطاعم الصغيرة قبالة الميناء نراقب الصيّادين يُصلحون شِباكهم، أو في مطعم «بودروم» الراقي الذي ذاع صيته بالأطباق المبتكرة التي يستلهمها من الأطعمة الشعبية التي تشتهر بها المنطقة.
نغادر «ريجيكا» بحسرة لما فيها من عراقة ووداعة ونتّجه إلى «أوباتيجا» الأنيقة التي كانت مقصد النخبة على الساحل أيام الإمبراطورية كما يُستدلّ من منازلها الفخمة التي ما زالت تشهد على العزّ الذي عرفته في الماضي عندما كانت مصيف العائلات المالكة من السويد ورومانيا وقياصرة روسيا. فقدت هذه المدينة كثيراً من رونقها إبّان الحقبة اليوغوسلافية، لكنها استعادت في السنوات الأخيرة بريقها وأصبحت وجهة مفضّلة للسيّاح الذين يبحثون عن الهدوء والراحة والاستجمام في فنادقها الفخمة ومنتجعاتها الصحّية، وينعمون بمناخها اللطيف طوال السنة تقريباً.
من المنازل القديمة المرممة بذوق رفيع في هذه المدينة «فيلّا آنجولينا» المزيّنة أرضها بالفسيفساء والمزنّرة بالقناطر الإغريقية، والتي يقوم فيها متحف السياحة وتحيط بها أشجار باسقة تُخفي وراءها مسرحاً رومانيّاً في الهواء الطلق تُجرى فيها حفلات واستعراضات فنّية خلال الصيف.
لكن أجمل ما في «أوباتيجا» هو المتنزه البحري الطويل الذي يتعرّج بشكل حلزوني على الشاطئ أمام القصور المنيفة والحدائق الغنّاء التي تحيط بها على مسافة تزيد على 10 كيلومترات بين غابات القصب والموانئ الترفيهية الأنيقة لينتهي عند فندق «فيلّا آرستون» الذي كانت تتردد عليه كوكو شانيل وعائلة كنيدي.
نتابع طريقنا من هناك نحو الداخل حيث تنتظرنا إحدى مفاجآت هذه الرحلة على بُعد 30 كيلومتراً عندما نصل إلى محميّة «أوكا» الطبيعية التي يرتفع وسطها جبل «فوجاك» الذي تطلّ قمّته على سلسلة جبال الألب الإيطالية وخليج «تريستي» الجميل. وتعد هذه المحميّة من أغنى المناطق الأوروبية بالتنوّع البيولوجي النباتي لما فيها من أصناف نادرة من الأشجار والزهور التي تسرح فيها أنواع من الحيوانات المهددة بالانقراض وتحلّق في سمائها أسراب النسور المَلكيّة. لكنّ الجائزة الكبرى التي تنتظر الزائر في هذه المحميّة هي أخدود «فيلا دراغا» الذي ترتفع «دواخينه المسحورة» بجلال مبهر من قعر الوادي، والتي يمكن الوصول إلى سفحها عبر طريق متعرّج بين الأشجار الوارفة.
بعد هذه الجرعة السخيّة من الاندهاش نواصل طريقنا نتجّه نحو مجموعة الجزر الصغيرة التي يتشكّل منها أرخبيل «كفارنير» وتتمتّع بطبيعة خلّابة بين المياه الوحيدة في بحر الأدرياتيك التي تعيش فيها مجموعة من الدرافيل بصورة دائمة ضمن المحمية الأولى من نوعها في منطقة البحر المتوسط.
أولى الجزر التي نصل إليها هي «كريس» المكسوّة بالأشجار والجبال الوعرة التي تنام بينها بعض الدساكر التي تعود إلى العصر الوسيط وتوحي للداخل إليها بأنه خرج من هذا العالم. أما الجزيرة الثانية التي تكاد تلامسها لقربها منها، فهي «لوسينج» التي تضجّ بالحركة والحياة منذ أن بدأ السيّاح يتوافدون إليها في السنوات الماضية، تجذبهم طبيعتها الساحرة ومنتجاتها الغذائية المشهورة مثل زيت الزيتون المعمّر وأجبان الغنم التي تسرح في مراعيها والأسماك التي يحملها كل يوم صيّادوها الحرفيّون الذين ما زالوا يستخدمون الوسائل القديمة التي ورثوها عن أجدادهم.
وعلى بعد دقائق معدودات من ساحل هذه الجزيرة تطلّ علينا قرية «بيلي» الساحرة التي لا يزيد عدد سكّانها على 35 ويزيد عمرها على أربعة آلاف سنة تحاكي الزائر من منازلها الحجرية الواطئة وشوارعها الضيّقة المتعرّجة. ولهذه القرية توأم على الشاطئ هي «فالوم» التي يوجد فيها مطعم صغير نصفه على اليابسة والنصف الآخر على الماء يرتاح فيه الزوّار القلائل الذين من حُسن طالعهم أنهم قرّروا الوصول إلى هذه الأماكن النائية.
نغادر هذه القرى الصغيرة في اتجاه الخليج الجميل الذي تحيط به أشجار الصنوبر المعمّرة التي تحجب جذوعها الباسقة القصور القديمة المبنية على الطراز الإيطالي في بلدة «كريس» التي تذكّر بمدينة البندقية التي ترك أهلها بصماتهم على عمرانها وطريقة العيش فيها عندما هربوا من الطاعون في القرن الخامس عشر واستقرّوا هنا حيث أقاموا القصور والمباني الرسمية التي ما زالت تحمل شعارات عائلات البندقية الكبرى وحكّامها. وقد ساهم انفتاح هذه المنطقة مؤخراً على السياحة في إبراز مفاتنها المعمارية واستقطاب العديد من الفنّانين للإقامة الدائمة فيها، لكنها ما زالت لا تعرف الازدحام الشديد الذي تعاني منه الوجهات السياحية الأخرى.
من الخليج الجميل المطوّق بالصنوبر نتجّه إلى محطتنا الأخيرة في جزيرة «لوسينج - Losinj» وقرية «ماي لوسينج» التي تقع على طرفها أمام ميناء طبيعي تشرف عليه هضاب خضر تنتشر فوقها منازل فخمة بناها أصحاب السفن التجارية في القرن الثامن عشر، ثم راحت تتوافد عليها أسر النبلاء من فيينا وبودابست أواخر القرن التاسع عشر لتستقرّ فيها خلال فصل الصيف. وقد تحولّ معظم تلك المنازل اليوم إلى فنادق ومنتجعات سياحية يقصدها الباحثون عن الهدوء والراحة في كنف الطبيعة بعيداً عن الازدحام الذي بات كابوساً في الوجهات السياحية التقليدية.



جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)
أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)
TT

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)
أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى، المسرح المثالي للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة.

تنطلق هذه الأسواق في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وتستمر حتى 24 ديسمبر (كانون الأول)، وأحياناً حتى شهر يناير (كانون الثاني)، وتنبض بسحر محلي خاص، حيث تقدم الزينة اليدوية الصنع، المعجنات الموسمية، والهدايا الحرفية، إلى جانب الموسيقى التقليدية، مما يغمر الزوّار في أجواء رائعة من التقاليد العريقة والبيئة الاحتفالية.

اسواق العيد مناسبة للعائلات (الشرق الاوسط)

تنتشر في ألمانيا أسواق كثيرة تتميز بتنوع حيوي إليكم أجملها:

سوق أعياد كريسكنيدل ميونيخ

تقع سوق الأعياد البافارية في قلب ساحة مارينبلاتز، وتعد نموذجاً للأجواء الاحتفالية البافارية، حيث تجمع بين التقاليد التي تعود إلى قرون مضت والروح الاحتفالية لمدينة ميونيخ. هنا، يمكن للزوار استكشاف صفوف من الأكشاك الخشبية التي تعرض الحرف اليدوية المحلية والزخارف الدقيقة والمأكولات الموسمية اللذيذة، مثل خبز الزنجبيل والمكسرات المحمصة. كما يمكن للعائلات الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الأنشطة الخاصة، بما في ذلك العروض الموسيقية و«ورشة العمل السماوية»، حيث يمكن للأطفال صنع الحرف اليدوية الخاصة بموسم الأعياد.

أسواق دريزدين (الشرق الاوسط)

سوق دريسدنر – دريسدن

يعود تاريخ سوق دريسدنر شتريزيلماركت إلى عام 1434، وهي أقدم سوق أعياد في ألمانيا ومن بين الأكثر شهرة فيها. تُقام السوق في ساحة التماركت بالمدينة، وتعرض الزخارف الخشبية المصنوعة يدوياً، وزخارف الزجاج المنفوخ في ساكسونيا، مع عروض وأنشطة للأطفال في قلعة القصص الخيالية ليستمتع بها الجميع.

أسواق العيد المفتوحة في برلين (الشرق الاوسط)

سوق الأعياد في ساحة ألكسندر - برلين

يُعد ميدان ألكسندر بلاتز من أشهر الساحات في برلين، وهو ذائع الصيت بعجلة فيريس الشهيرة التي توفر إطلالات بانورامية على معالم المدينة التاريخية، بينما تقدم حلبة التزلج وألعاب الترفيه أنشطة ممتعة لجميع أفراد العائلة. تضم السوق بائعين دوليين يعرضون أطعمة موسمية، مثل الكستناء المشوية، وخبز الزنجبيل، والوافل على الطراز البرليني، إضافة إلى هرم موسم الأعياد الشاهق المزدان بشخصيات تقليدية ليكون نقطة جذب مثالية للصور.

أسواق فرانكفورت (الشرق الاوسط)

سوق الأعياد في فرنكفورت

مع خلفية ساحرة تجمع بين ساحة رومربيرغ وساحة سانت بولس، تُعرف سوق الأعياد في فرنكفورت بزخارفها الاحتفالية وعروضها الموسيقية. تقدم السوق زينة يدوية الصنع، وألعاباً خشبية، وحلويات موسمية مثل بسكويت المارزيبان «بيتماينشن»، بينما تضفي الشجرة الضخمة المُزينة والموسيقى الاحتفالية من جوقات وأوركسترا محلية، المزيد من السحر والأجواء الاحتفالية.

سوق رايترلسماركت في مدينة روتنبورغ أوب در تاوبر (الشرق الاوسط)

رايترلسماركت - روتنبورغ أوب دير تاوبر

تقع سوق رايترلسماركت في مدينة روتنبورغ أوب در تاوبر التي تعود إلى العصور الوسطى، وتوفر أجواءً فريدة لقضاء العطلات في واحدة من أفضل مدن العصور الوسطى في ألمانيا. وبينما يتجول الزوار في شوارع المدينة المتعرّجة، يمكنهم الاستمتاع بالعطلات الفرنكونية والعروض التقليدية ورواية القصص، فضلاً عن جولات المشي على ضوء الشموع التي تسهم في إحياء تاريخ المدينة، مثل جولة روتنبورغ الأسطورية التي تُعد محور احتفالات رايترلسماركت.

أسواق دريزدين (الشرق الاوسط)

سوق نورنبيرغ الاحتفالية

تُعدّ سوق الأعياد في نورنبيرغ، المعروفة باسم «كريست كيندلس ماركت»، من أشهر أسواق العيد في العالم، وتُقام في ساحة «هاوبت ماركت»؛ حيث تقدم هدايا يدوية الصنع مثل خبز الزنجبيل التقليدي من نورنبيرغ، وكسّارات البندق الخشبية، وشخصيات «نورنبيرغ بلام بيبول» من نورنبيرغ التي ترتدي الأزياء التقليدية.

اسواق هامبورغ (الشرق الاوسط)

سوق هامبورغ للأعياد التاريخية

تشتهر سوق الأعياد التاريخية، التي تُقام أمام مبنى راتهاوس العريق في هامبورغ بـ«سانتا الطائر» الفريد من نوعه، الذي يقوم برحلات يومية فوق ساحة السوق، مما يُسعد الأطفال والكبار على حدٍّ سواء. هذا ويتم تسليط الضوء على تاريخ هامبورغ البحري في عروض العطلات والأكشاك الاحتفالية؛ حيث يمكن للزوار العثور على الهدايا ذات الطابع البحري والاستمتاع بالأطباق الإقليمية مثل الكستناء المحمصة ومعجنات العطلات، فيما تجعل قرية الأطفال والعربة الدائرية من السوق، وجهة مفضلة لدى العائلات.