القمح العصري يواجه محنة بسبب التوجهات الغذائية المعاصرة

أنواع الخبز الحديثة تحرم الإنسان من التمتع بأغنى غذاء في العالم

القمح «ثنائي الحبة» من أنواع القمح الطبيعية القديمة
القمح «ثنائي الحبة» من أنواع القمح الطبيعية القديمة
TT

القمح العصري يواجه محنة بسبب التوجهات الغذائية المعاصرة

القمح «ثنائي الحبة» من أنواع القمح الطبيعية القديمة
القمح «ثنائي الحبة» من أنواع القمح الطبيعية القديمة

إذا كان الخبز دعامة أساسية للحياة، لماذا إذن يتجنّبه كثير من الناس؟ تلقّت سمعة الخبز ضربة موجعة منذ ظهور توجهات الأنظمة الغذائية قليلة الكربوهيدرات، والخالية من الغلوتين. رغم تاريخه الطويل والمجيد، فإن كثيرين يشعرون بالفخر عندما ينجحون في تجنّب الخبز أو بالذنب عندما يتناولون قطعة منه. ويعدّ القمح من أغنى الأطعمة بالأغذية على هذا الكوكب، ولكنّ أنواع الخبز العصرية حرمتنا من هذه النعمة.
هل يمكن اعتبار الخبز العصري مسؤولاً أيضاً عن ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض الهضمية والحساسيات تجاه القمح؛ أو تجاه الغلوتين غير القابل للهضم؟
- حقائق ومغالطات
فيما يلي ستتعرّفون إلى الحقائق والمغالطات في هذا الموضوع:
> خرافة الغلوتين: في الماضي، كان القمح يأتي بأنواع مختلفة؛ أبرزها «وحيد الحبّة» einkorn (قمح الحجل) و«ثنائي الحبّة» (قمح إيمر emmer)، بينما نتج القمح الشائع اليوم والذي يعود إلى نحو 9 آلاف عام، عن تزاوج هجين بين قمح الإيمر وما يُعرف بـ«عشب العنزة goat grass» البري.يحتوي القمح الشائع الذي يستخدم اليوم، والذي يرجّح أن يكون مسبباً للأمراض الهضمية، على مزيج من القمح القديم (أو الموروث الذي يتّسم بالتنوع الجيني والاختلاف من منطقة إلى أخرى) والقمح العصري «الصناعي».
ظهر القمح العصري للمرّة الأولى في الخمسينات وتمّت زراعته بشكل أساسي في المزارع الكبرى في الدول الغربية ذات الأراضي المنبسطة. يحقّق هذا النوع من القمح نتائج عالية لجهة وحدة المنتج وحجم المحصول في البيئات المناسبة، إلا إنّ الطعم والقيمة الغذائية ليسا من أولويات زارعيه.
يحتوي القمح على مجموعات متعدّدة من البروتينات التي قد تولّد ردود فعل مناعية كالحساسية أو الأمراض الهضمية. ويتألف بروتين الغلوتين مما يعرف بالـ«الغلوتنينات (glutenins)»، والـ«غليادينات (gliadans)»، وهذه الأخيرة التي يُرجّح أن تكون المسببة الرئيسية للأمراض الهضمية وبعض أنواع الحساسية تجاه القمح. ولكنّ القمح العصري لا يحتوي على كميات كبيرة من الغليادين. وتصف ليزا كيسينغ كوشيك، عالمة جينية مختصة بأبحاث النباتات في وزارة الزراعة الأميركية، استخدام الغلوتنين بالأمر المحبّذ لأنّه ضروري لتحسين نوعية الخبز.
وتضيف: «يعمل مزارعو القمح العصري على زيادة أنواع الغلوتنين التي تصنع خبزاً عالي الجودة». وتشرح العالمة أنّ هناك فارقاً طفيفاً بين القمح العصري والقمح القديم فيما يتعلّق بمعظم الحساسيات، لا سيّما الهضمية منها، لافتة إلى أنّ «أنواع القمح القديمة لن تكون الحلّ لمعظم أنواع الحساسيات التي يعاني منها الناس اليوم».
وتشدّد كوشيك على أنّ المشكلة الكبرى تكمن في كيفية معالجة القمح، وفي مشواره من المزرعة إلى المطحنة وبعدها المخبز. على سبيل المثال، يؤدّي الاستخدام الكثيف للأسمدة النيتروجينية إلى زيادة محتوى البروتينات بشكل عام وكمية الغلوتين بشكل خاص، وبالطبع الغليادين. أضف إلى ذلك حقيقة أنّ الوسائل التقليدية للزراعة والتخمير والقادرة على تفكيك البروتينات صعبة الهضم ليست مستخدمة في صناعة الخبز «العصري».
- صناعة الخبز العصري
كيف انتقلنا من الخبز الريفي المصنوع يدوياً من 4 مكوّنات (القمح الكامل، والمياه والملح، وربّما الخميرة)، إلى الخبز الجديد المصنوع من 25 مكوناً والمبيع في أكياس بلاستيكية؟ السبب الوحيد لهذا الانتقال هو أنّ صناعة الخبز الصناعي تحتاج إلى طحين موحّد يصلح للاستخدام بكميات كبيرة في خطوط التجميع الآلية، أو باختصار، الطحين الأبيض الغني بالبروتينات وقليل المعادن.
لسوء الحظّ، يحتوي الطحين الأبيض على إنزيمات قليلة من تلك التي تساعد على تفكيك الغلوتين، لأنّ معظم هذه الإنزيمات موجودة في النخالة. يستخدم الخبّازون الماهرون بدورهم الطحين الأبيض، لأنّ نوع القمح المستخدم في الطحين الأبيض والخبز الصناعي لا يصلح لخبز القمح الكامل والتخمير الطبيعي، مما يعني أنّ العجينة التي ينتجها لا تتمتع بالقوة الكافية لكي يحمل النخالة والبذور.
تقول كوشيك إنّ «شهرة خبز القمح الكامل زادت في السبعينات، ولكنّ الناس لم يعجبوا بالخبز السميك وفضّلوا الخبز الهش. يعاني خبز القمح الكامل من مشكلة واحدة وهي احتواؤه على النخالة القاسية التي تعوق نمو الغلوتين وحجم الرغيف. ولهذا السبب، يصعب على الخبازين صناعة الخبز الهش الذي اعتاد عليه الناس في شطائرهم».
- إضافات الغلوتين
وجد الخبّازون الصناعيون حلاً وسطاً لهذه المشكلة ولكن على حساب الصحة. فبدل أن يعززوا العجينة بالأغذية الضرورية، أخذوا يضيفون مزيداً من الغلوتين للحصول على البنية التي ينتظرها الزبائن. إذا دخلتم إلى قسم الخبز في أحد متاجر البقالة واخترتم بعض أرغفة خبز القمح الكامل، فستقرأون في لائحة المكوّنات «غلوتين القمح» «wheat gluten» أو «غلوتين القمح الحيوي»»vital wheat gluten» or...هذا الغلوتين الذي استبعد من طحين القمح وحتّى من العلامات التجارية التي تعدّ صحيّة أكثر من غيرها.
تشير الأرقام إلى أنّ استهلاك الغلوتين الحيوي تضاعف منذ أواخر السبعينات، وأنّ استهلاك الغلوتين المعزول قد يسبب مشكلات لبعض الأفراد. تقول كوشيك إنّ «نواة القمح تحتوي على إنزيمات ضرورية تساعدنا على تفكيك عدد من المركبات الموجودة في القمح. عندما يُصار إلى فصل الغلوتين صناعياً عن القمح، ومن ثمّ يُضاف لاحقاً في صناعة الطحين، تختفي هذه الإنزيمات التي تساعد أجسامنا على معالجة الخبز».
في حال كنتم لا تعانون من الأمراض الهضمية ولكنّها موجودة في تاريخكم العائلي، تنصحكم كوشيك بتفادي الخبز الذي يحتوي على غلوتين القمح الحيوي وتناول بدائل مصنوعة من بذور مزروعة وخاضعة لعملية تخمير طويلة.
- علوم المستقبل
تتحدّث كوشيك أيضاً عن موجة ابتكار جديدة لزراعة قمح محدّث تركّز على البحث عن خصائص جينية مفيدة متوفرة في أنواع القمح القديمة بهدف تعديلها وتحسينها كالقيمة الغذائية، والنكهة، ومقاومة الأمراض، والإنتاجية، ومخاطر حساسية أقلّ. قد يساهم هذا الأمر أيضاً في تسهيل عمل الخبازين وتخفيض التكلفة لصناعة خبز قمح كامل هشّ بتخمير بطيء دون الحاجة إلى إضافة الغلوتين.
وأخيراً؛ تختم الباحثة المختصة بأبحاث النباتات قائلة إنّ «الحماس لاستخدام أنواع القمح القديمة من جديد موجود، وقد يقدّم مساهمة حقيقية لجهة التنوع البيولوجي والنكهة، ولكنّه لم يعد خياراً فعّالاً اليوم».

- «رسالة إنفايرومنتل نوتريشن» خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025
TT

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

5 قضايا مناخية رئيسة أمام المحاكم عام 2025

2025

كان هذا العام مهماً جداً لقضايا المناخ، حيث تميز ببعض الانتصارات الكبرى.

سياسات المناخ تهدد حقوق الإنسان

وعلى سبيل المثال قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في أبريل (نيسان) الماضي، بأن سياسات المناخ الضعيفة في سويسرا تهدد حقوق الإنسان لمواطنيها، ما مهد الطريق لدعاوى قضائية مماثلة فيما يقرب من 50 دولة أخرى.

وحديثاً، دعمت المحكمة العليا في مونتانا بالولايات المتحدة 16 ناشطاً من نشطاء المناخ الشباب في دعواهم القضائية ضد الدولة لانتهاك حقهم في بيئة نظيفة.

ولكن كانت هناك أيضاً بعض الخسائر الكبيرة، مثل جهود شركة «شل» الناجحة للتملص من قاعدة تلزمها بخفض انبعاثات الكربون بشكل كبير.

قضايا المناخ أمام المحاكم

ماذا سيجلب عام 2025؟ فيما يلي حفنة من القضايا المهمة التي قد تكون على جدول الأعمال:

القضية الأولى قد تشكل قواعد المناخ الدولية. إذ تنظر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، التي تسمى أحياناً «محكمة العالم»، في قضية المناخ التي قد يكون لها أكبر تأثير محتمل. وفي قلب هذه القضية التاريخية سؤالان رئيسان: ما الواجبات التي تقع على عاتق الدول لمكافحة تغير المناخ؟ وما العواقب القانونية التي يجب أن تترتب على الدول إذا خانت هذه الواجبات بطريقة تضر بالمناخ؟

لن يكون رأي المحكمة بشأن هذه القضايا ملزماً قانوناً، ولكنه قد يشكل قواعد القانون الدولي ويمهد الطريق لمقاضاة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات لدورها في تفاقم أزمة المناخ.

رفعت القضية دولة فانواتو في المحيط الهادئ، وهي أكبر قضية للمحكمة على الإطلاق. وعلى مدى أسبوعين في نهاية عام 2024، استمعت اللجنة المكونة من 15 عضواً إلى شهادات مما يقرب من 100 دولة والعديد من الخبراء والجماعات المناصرة الذين يجادلون لصالح وضد القواعد الدولية الجديدة لمحاسبة كبرى الجهات المساهمة في الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري العالمي.

الدول الفقيرة تقاضي الغنية

ويدعي عدد من الدول الفقيرة والجزر الصغيرة أن الدول الغنية مسؤولة عن معظم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ومع ذلك فإن الدول النامية، التي تنتج انبعاثات منخفضة نسبياً، هي التي تخضع لأشد العواقب تطرفاً، وحتى وجودية. وتقول إن إطار تغير المناخ الحالي -أي اتفاق باريس- يعتمد على التزامات طوعية يصعب فرضها، وأن هناك حاجة إلى قواعد دولية أكثر صرامة وملزمة قانوناً لمعالجة التهديد المتزايد المتمثل في ارتفاع درجات الحرارة.

وزعمت الدول الغنية، بما في ذلك الدول الملوثة الرئيسة مثل الولايات المتحدة والصين وأستراليا، العكس من ذلك، وأصرت على أن القواعد الحالية كافية. ومن المتوقع أن تصدر المحكمة رأيها الاستشاري في عام 2025. وقال الدكتور دلتا ميرنر، العالم الرائد في مركز العلوم لقضايا المناخ في اتحاد العلماء المعنيين: «إنها (المحكمة) لديها القدرة على إعادة تشكيل حوكمة المناخ الدولية من خلال تقديم إرشادات واضحة وموثوقة بشأن التزامات الدول بموجب القانون الحالي».

قضية لولايات أميركية مناهضة للبيئة

القضية الثانية تهدد الاستثمار البيئي والاجتماعي المتوازن والحوكمة. في قضية «ولاية تكساس ضد شركة (بلاك روك)»، أقامت دعوى قضائية على بعض أكبر مديري الأموال في العالم من قبل 11 ولاية يقودها الجمهوريون بتهمة التآمر لخفض إنتاج الفحم العالمي والترويج لـ«أجندة بيئية مسيسة».

تستهدف الدعوى القضائية، التي تم رفعها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، شركات الاستثمار «بلاك روك»، و«ستيت ستريت كوربوريشن»، و«فانغارد غروب»، ويقودها المدعي العام لولاية تكساس كين باكستون، الذي قال إن الشركات «شكلت كارتلاً للتلاعب بسوق الفحم، وتقليل إمدادات الطاقة بشكل مصطنع، ورفع الأسعار»، كل ذلك في محاولة لتعزيز أهداف خفض انبعاثات الكربون.

في الواقع، تستهدف القضية ما يسمى استراتيجيات الاستثمار البيئي والاجتماعي والحوكمة. شاركت المجموعات الاستثمارية الثلاث في مبادرات للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي والوصول إلى الصفر الصافي بحلول عام 2050.

وقد وصف المحافظون مثل هذه الجهود بأنها «رأسمالية متيقّظة» وشنوا حرباً باستخدام قوانين مكافحة الاحتكار، وهو سلاحهم المفضل. وتتولى محكمة الاستئناف بالدائرة الخامسة، التي تضم عدداً كبيراً من القضاة الذين عينهم الرئيس الجديد دونالد ترمب، النظر في القضية، ويُنظر إليها باعتبارها «قوة محافظة للغاية». وقد تؤثر النتيجة على كيفية إدارة الأموال ومستقبل الاستثمار المراعي للمناخ.

قضية ضد مرافق تجهيز الطاقة

القضية الثالثة قد تكلف مزودي الطاقة الكثير من المال. إذ تتولى بلدة كاربورو الصغيرة في ولاية كارولينا الشمالية دعوى قضائية ضد شركة «ديوك إنرجي»، حيث تقاضي الشركة بتهمة إخفاء المخاطر المناخية المرتبطة بحرق الوقود الأحفوري عن صناع السياسات والجمهور. وتقول الدعوى: «لقد أدت حملة الخداع التي شنتها (ديوك) إلى تأخير التحول الحاسم بعيداً عن الوقود الأحفوري وبالتالي تفاقم أزمة المناخ بشكل ملموس».

إن قضية بلدة كاربورو ضد شركة «ديوك إنرجي» مثيرة للاهتمام لأنها تستهدف شركة مرافق بدلاً من شركة نفط، حيث يتزايد الضغط على شركات المرافق لتتولى زمام المبادرة في التحول في مجال الطاقة.

لا تهدف كاربورو إلى الحد من انبعاثات «ديوك» رغم أن هذا سيكون ممتازاً أيضاً، إذ ووفقاً لمؤشر التلوث المسبب للاحتباس الحراري Greenhouse 100 Polluters Index، تحتل «ديوك» المرتبة الثالثة في قائمة أكبر الشركات المسببة للانبعاثات في أميركا.

ويؤدي «تحميل الشركة (المسؤولية) إلى الحصول على تعويض للمساعدة في دفع ثمن الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، مثل إصلاحات البنية التحتية وتحسيناتها لجعل المدينة أكثر قابلية للسكن ومرونة في مواجهة الطقس القاسي. لا أحد يعرف كم ستدفع شركة (ديوك)، لكن نحن نعلم أن المدينة قد تحصل على ما يصل إلى 60 مليون دولار كتعويضات في السنوات المقبلة»، كما قالت رئيسة بلدية كاربورو باربرا فوشي. وكانت الدعاوى القضائية التي تستند إلى مطالبات مماثلة تتزايد منذ عام 2017، لكن لم يتم تقديم أي منها للمحاكمة بعد.

مشاريع سكك حديدية تهدد البيئة

القضية الرابعة مهددة للبيئة، إذ قد تسهل الحصول على موافقة لإنشاء بنية تحتية كارثية من الناحية البيئية.

كانت المحكمة العليا تستمع إلى حجج حول ما إذا كان خط السكة الحديد المقترح بطول 88 ميلاً في ولاية يوتا الأميركية يمكن أن يمضي قدماً رغم تأثيراته البيئية المحتملة.

سينقل خط القطار هذا كميات كبيرة من النفط إلى ساحل الخليج، لكن بناءه كان معلقاً منذ أن قالت محكمة الاستئناف في الأساس إن الجهات التنظيمية لم تأخذ في الاعتبار التأثيرات المناخية والبيئية للمشروع في المنبع أو في المصب الناجمة عن زيادة حركة السكك الحديدية -جوانب مثل الانسكابات النفطية المحتملة، وخروج القطارات عن مسارها، وحرائق الغابات.

وبموجب قانون السياسة البيئية الوطنية (NEPA) القائم منذ فترة طويلة، يتعين على الوكالات الفيدرالية إجراء تقييمات بيئية لمشاريع البنية التحتية مثل هذه، ولكن قد تقرر المحكمة العليا أن التأثيرات البيئية المباشرة للمشروع نفسه فقط -في هذه الحالة، جوانب مثل استخدام الأراضي وجودة المياه- يجب أن تؤخذ في الاعتبار للموافقة على المشروع.

تهديد معايير الهواء النقي في كاليفورنيا

القضية الخامسة هي القرار الذي قد يضع معايير الهواء النظيف في كاليفورنيا في مرمى النيران. إذ ستدرس المحكمة العليا ما إذا كانت مجموعات الأعمال (شركات الوقود الأحفوري) يمكنها الطعن في برنامج الإعفاء الذي يسمح لكاليفورنيا بوضع قواعدها الخاصة بشأن انبعاثات المركبات.

وقد سمح الإعفاء، الذي منحته وكالة حماية البيئة، للولاية بوضع قواعد لعوادم السيارات أكثر صرامة من تلك التي فرضتها الحكومة الفيدرالية، ما أدى إلى تحسين جودة الهواء. كما تلتزم نحو اثنتي عشرة ولاية أخرى بمعايير كاليفورنيا، وكذلك تفعل حفنة من شركات تصنيع السيارات الكبرى، ما يجعل الإعفاء أداة قوية في كبح التلوث الضار ودفع شركات السيارات إلى التحول نحو المركبات الكهربائية.

وتزعم مجموعات صناعة الوقود الأحفوري أن القواعد تسببت في ضرر لها، ويجب إلغاء الإعفاء. ولكن في هذه الحالة بالذات ستقرر المحكمة العليا فقط ما إذا كانت هذه المجموعات تتمتع بالوضع القانوني لتحدي الإعفاء. وفي كلتا الحالتين، تعهد الرئيس المنتخب ترمب بالتخلص من هذا الإعفاء.

مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً