الحراك العراقي يفكر في فض الاعتصامات {تفادياً لكورونا»

«فضيحة إعلامية» لخلية الأزمة الحكومية لمكافحة الفيروس

محتج يهم برمي عناصر أمن بحجر خلال مواجهات في بغداد أول من أمس (أ.ب)
محتج يهم برمي عناصر أمن بحجر خلال مواجهات في بغداد أول من أمس (أ.ب)
TT

الحراك العراقي يفكر في فض الاعتصامات {تفادياً لكورونا»

محتج يهم برمي عناصر أمن بحجر خلال مواجهات في بغداد أول من أمس (أ.ب)
محتج يهم برمي عناصر أمن بحجر خلال مواجهات في بغداد أول من أمس (أ.ب)

في غمرة الاهتمام الشعبي والرسمي والمخاوف الناجمة عن احتمالات تفشي فيروس «كورونا» الجديد في البلاد، بعد تسجيل 46 إصابة ووفاة أربعة منها، تعرضت خلية الأزمة الحكومية، بنظر طيف واسع من المراقبين والمواطنين العاديين، إلى «فضيحة إعلامية»، أمس، بعد تسريب مناقشتها للإجراءات الاحتياطية التي اتخذتها لتطويق الأزمة الصحية. في الأثناء، تتجه جماعات الحراك العراقي إلى احتمال فض الاعتصامات ومنع التظاهرات لتفادي مخاطر تفشي الفيروس بين صفوف المتظاهرين والمعتصمين.
وظهر في الفيديو المسرب عن خلية الأزمة التي يرأسها وزير الصحة جعفر علاوي، بعضوية عدد من الوزراء، أنهم يناقشون الإجراءات بطريقة اعتبرت «غير احترافية»، من على منصة المؤتمر الصحافي، وبدا أن الإجراءات اتخذت بشكل «ارتجالي»، وليس في اجتماع مهني قبل ذلك التوقيت. كذلك بدا أن القائمين على المؤتمر لم يلتفتوا إلى أن أجهزة الصوت للقنوات الفضائية ووكالات الأنباء كانت تلتقط مناقشات اللحظة الأخيرة لخلية الأزمة. ومن بين ما ظهر في الفيديو المسرب اقتراح أحد الوزراء غلق الملاعب الرياضية والمساجد، وفتح الأسواق الكبيرة (المولات) لمدة 3 ساعات في اليوم. كذلك سُمع وزير التعليم العالي قصي السهيل وهو يصف أحد الإجراءات بـ«الكلاوات» وهو تعبير محلي شائع، ويدل على الزيف وعدم الأهمية. كذلك التقطت أجهزة التسجيل صوت السهيل وهو يحذر من أن التعليمات «راح تكبب الناس»، بمعنى أنها ستثيرهم، وسيتحمل مسؤولية ذلك وزير الصحة رئيس خلية الأزمة.
وأثار التسجيل المسرب موجة انتقادات محلية واسعة، وعزز مخاوف الناس من السلطات الحكومية، المتهمة أساساً بعدم عمل ما يكفي لتطويق الكارثة الصحية المحتملة الناجمة عن تفشي فيروس «كورونا» في العراق. وصدرت دعوات من لجنة الصحة في البرلمان العراقي لحل خلية الأزمة وتغيير أعضائها.
ودفع الفيديو المسرب شبكة الإعلام العراقية المملوكة للدولة، والناقل الحصري لترددات بث المؤتمر الصحافي، إلى إصدار بيان أخلت فيه مسؤوليتها عن الفيديو المسرب، وهددت بعدم السماح لبقية المحطات التلفزيونية بالحصول على ترددات البث التلفزيوني في المؤتمرات الرسمية اللاحقة. وقالت الشبكة في بيان: «بعد انتهاء عملية التقصي التي قمنا بها، نؤكد عدم مسؤولية شبكة الإعلام العراقي عن نشر الفيديو المتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، المسرب للحظات التي سبقت الإعلان عن مقررات خلية الأزمة بشأن فيروس (كورونا)». وأضافت: «نوضح هنا أن الشبكة تقوم دائماً بتوزيع وبث تردد المؤتمرات الصحافية المتعلقة بأي نشاط وطني أو حكومي مجاناً لجميع الفضائيات المحلية والعربية، حرصاً منها على توفير مساحة كبيرة من البث لتلك القنوات، وعدم احتكارها لهذه الأنشطة». وأشارت إلى أنه «بعد الاستغلال غير المهني لهذه الخدمة التي نقدمها، فإننا قررنا عدم منح الترددات الخاصة بالبث المباشر إلى الفضائيات الأخرى، وسيكون نقل الأنشطة المباشرة حصرياً بشبكة الإعلام العراقي ومؤسساتها ومنصاتها الإعلامية».
وفي سياق ذي صلة بتداعيات فيروس «كورونا» الجديد، وتأثيره على التظاهرات والاعتصامات العراقية، ترجح مصادر الحراك العراقي أن يقوم الحراك في غضون الأيام القريبة باتخاذ قرار بمنع التظاهر، وإخلاء ساحات الاعتصام، خوفاً من تفشي المرض. وتطالب اتجاهات غير قليلة داخل الحراك بفض الاعتصامات ومنع التظاهرات في الأيام المقبلة، للمحافظة على صحة المواطنين، وتجنيبهم خطر الإصابة وانتقال العدوى.
ويقول الناشط محمد الأزيرجاوي: «إن جماعات الحراك تخوض نقاشات غير قليلة هذه الأيام بشأن فض الاعتصامات وإيقاف التظاهرات، مثلما هو الحال مع توقف الدراسة في المدارس والجامعات، والتوقف عن الزيارات الدينية، للحيلولة دون تفشي فيروس (كورونا) بين صفوف المحتجين والمعتصمين».
ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الناشطين يدعون إلى بقاء الخيام مع وجود عدد محدود جداً من المعتصمين فيها، لاستمرار ديمومة الحراك؛ لكن البعض الآخر يرى أن المحافظة على حياة الناس أولوية في ظل الظروف الصحية بالغة التعقيد».
كانت خلية الأزمة قد طالبت أكثر من مرة قيادة عمليات بغداد، وقيادات العمليات في بقية المحافظات بـ«منع التجمعات في الأماكن العامة» في إشارة إلى التظاهرات والاعتصامات؛ غير أن هذا المطلب قوبل برفض بعض جماعات الحراك، وإصرارها على الاستمرار في التظاهرات والاعتصامات، رغم المخاطر الصحية الجدية القائمة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».