الأجبان الأميركية تفرض جودتها وتشهد نهضة جديدة

استهزأ بها الطليان والفرنسيون والبريطانيون

الأجبان الأميركية تفرض جودتها وتشهد نهضة جديدة
TT

الأجبان الأميركية تفرض جودتها وتشهد نهضة جديدة

الأجبان الأميركية تفرض جودتها وتشهد نهضة جديدة

ينظر الأوروبيون، خصوصاً البريطانيون والألمان والفرنسيون والطليان، وكثير من البلدان، إلى الجبنة الأميركية نظرة احتقار واستخفاف، ولا يرون منها إلا مربعات الجبنة المغلفة بالبلاستيك، وأنها بشكل عام ذات نوعية متدنية تصنع على نطاق تجاري واسع لا تستحق الاهتمام. إلا أن الواقع، كما يقول الخبراء، مخالف لهذه النظرة، فالأجبان الأميركية الحرفية -لا الصناعية- لا تقل جودة ونوعية عن مثيلاتها الأوروبية الممتازة. لكن المشكلة تكمن في الترويج والتسويق الخارجي، والأسعار والضرائب العالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على استيراد هذه الأجبان، مما يحرمها من النمو وتحسين سمعتها، ويحرم زبائنها من التمتع بالأنواع الكثيرة التي تصنع في معظم الولايات.
لا بد من الذكر هنا أن الولايات المتحدة من أهم وأكبر مصدري الجبنة المصنعة على نطاق واسع في العالم، لكن معظم تلك الأجبان تذهب إلى قطاعات صناعية أخرى، كقطاع البيتزا والحلويات وسلاسل مطاعم الهامبرغر.
وقد بدأ كثير من الأميركيين في السنوات الأخيرة في الابتعاد عن الجبنة المصنعة على نطاق واسع، والعودة إلى الجبنة التقليدية الحرفية التي تصنع في المزارع على نطاق مصغر. وقد أقام كثير من هؤلاء المهتمين جمعية الجبنة الأميركية في ريتشموند (ولاية فرجينيا)، وعقدوا أول مؤتمر لهم لعرض منتجاتهم المتنوعة، ما يبشر ببداية الثورة في عالم الجبنة الأميركية. وقد وصل عدد الأنواع المتنافسة في المؤتمر إلى أكثر من 1700 نوع، أي 19 ضعف عما كان عليه في منتصف الثمانينات من القرن الماضي.
وكان ستوكينغهول أفضل الأنواع المعروضة من نيويورك، وهي من أنواع جبنة التشادر التي تتمتع برائحة الأناناس الخفيفة، وجاء بعدها بروفاسيرز بري التي تباع في مثلثات ملفوفة بالنايلون، وتشبه جبنة البري الفرنسية التقليدية من ناحية التحضير والملمس. وعادة ما يحضر هذا النوع من حليب الغنم أو حليب البقر، وبعدها جاء نوع إيرياس من ولاية كاليفورنيا.
وبأي حال، فقد بدأ عالم الجبنة في الولايات المتحدة بالتغير، وبدأت نظرة الخبراء إليه بالتحول، كما هو الحال مع النظرة إلى المطبخ الإنجليزي والبريطاني الذي يصفه معظم الناس عادة بأنه عبارة عن خضراوات مسلوقة وبازلاء وبطاطس مهروسة مع بعض المرق.

أشهر الأجبان الأميركية
> تيليمي (Teleme): من أنواع الجبنة الطرية التي تأتي من سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا. وقد بدأ بصناعتها المهاجرون اليونانيون في الولاية في القرن الماضي، وهي مأخوذة في الأصل من سكان الجبال الأتراك في جنوب البلاد الذين يحضّرونها عادة -ولا يزالون- من حليب الماعز.
> رد هوك (Red Hawk): يطلق على هذا النوع من أجبان شمال كاليفورنيا هذا الاسم لأن القشرة مملحة بالمحلول الملحي، مما يمنح لونها مسحة من الحمار. والجبنة عادة من الأنواع التي تحضر من حليب وكريم «القشطة» البقري، وتعتق قبل الاستهلاك، وتوصف عادة بأنها طرية مالحة نسبياً.
> كريم تشيز (Cream Chesse): يعرف الناس هذا النوع باسم فيلادلفيا، وهو نوع كريمي أبيض يستخدم للدهن على الخبز. وأصل هذه الجبنة من ولايتي نيويورك وفيلادلفيا من بريطانيا (القرن السادس عشر) وفرنسا (القرن السابع عشر). ولا يصنع هذا النوع من الجبنة التي يتكون 33 في المائة منها من دهن الحليب للتعتيق، بل للاستهلاك المباشر الفوري.
> بيرغينوست (Bergenost): هذه الجبنة المأخوذة عن أحد الأنواع النرويجية كروية بعض الشيء مع نكهة خفيفة سلسة، مصحوبة بقليل من الحموضة.
> بريك (Brick): يطلق عليها هذا الاسم لأن شكلها وحجمها يشبه حجم القرميدة، وتغلف بنايلون بلون القرميد أيضاً، ولونها بين الأصفر الباهت والأبيض. أما نكهتها، فهي لطيفة حلوة نسبياً عندما تكون يانعة، لكن ذلك يتغير مع عملية التعتيق أو تقدم العمر. وتوصف عادة بأنها متوسطة الرخامة قابلة للتفتت. ويأتي هذا النوع من ويسكونسين، وهو من أنواع التشيدر التي تخمر على درجة حرارة أعلى من التشيدر العادي، مما يرفع من نسبة الدهون فيها.
> كولبي (Colby): تحمل هذه الجبنة اسم القرية التي جاءت منها في ويسكونسين، وهي عبارة عن مربعات برتقالية اللون، وهي نوع مشابه جداً لجبنة التشيدر، لكنها أطرى وأرطب وأقل حدة من ناحية الطعم من التشيدر العادي، وهذا ناتج «عن استبدال مصل اللبن خلال عملية الطهي، مما يقلل من حموضة الخثارة، ويؤدي إلى إنتاج نكهة معتدلة مميزة».
> هوب (Hoop): من أنواع الجبنة التقليدية النادرة التي لا يمكن العثور عليها إلا في المناطق الجنوبية من البلاد، وهي من أبسط أنواع الجبنة من الحليب، ويتم تخليصها من مصل الحليب بالكامل، وعادة ما تأتي على شكل أقراص متوسطة الحجم.
> مونتيري جاك (Monterey Jack): يطلق عليها أحياناً اسم «بابر جاك»، وهي من أنواع الجبنة البيضاء التي يستخدم الحليب فقط في إنتاجها، كما أنها صلبة نسبياً معتدلة الطعم، مع بعض الحلاوة. وهناك نوع آخر من هذه الجبنة الكاليفورنية يسمى «دراي جاك»، وهي أصلب من ناحية البنية، وعادة ما تستخدم في السندويتشات والبيتزا وغيرهما.
> بروفيل (Provel): من الأجبان التي تأتي من سان لويس في ولاية ميسوري، وهي أيضاً من الأنواع الصالحة للتذويب والاستخدام في البيتزا والسلطات وشوربة الجبنة والسندويتشات، وعادة ما تأتي على شكل كتلة كبيرة طويلة مستطيلة ملفوفة بالنايلون. ويقول بعضهم إنها تجمع بين التشادر والجبنة السويسرية وجبنة البروفولون.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».