الفنان التشكيلي المغربي الهاشمي الإدريسي يعرض هوسه بالكون

ألوانه مختارة بعناية وممزوجة بأشكال هندسية مختلفة

الفنان التشكيلي المغربي عز الدين الهاشمي الإدريسي (الشرق الأوسط)
الفنان التشكيلي المغربي عز الدين الهاشمي الإدريسي (الشرق الأوسط)
TT

الفنان التشكيلي المغربي الهاشمي الإدريسي يعرض هوسه بالكون

الفنان التشكيلي المغربي عز الدين الهاشمي الإدريسي (الشرق الأوسط)
الفنان التشكيلي المغربي عز الدين الهاشمي الإدريسي (الشرق الأوسط)

يعرض الفنان التشكيلي المغربي عز الدين الهاشمي الإدريسي، حالياً، آخر أعماله الفنية في المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط.
ويقدم الإدريسي في هذا المعرض، الذي يتواصل إلى غاية اليوم، لوحات متنوعة تتناول موضوع الكون والمجرات والنجوم واللامتناهي، حيث أضفت تيمة الفضاء الممزوجة بعناصر التراث البصري المغربي الأندلسي، امتداداً روحياً وصوفياً وأحياناً بعداً غرائبياً على أعمال الفنان.
واستطاع الفنان الهاشمي الإدريسي من خلال الألوان المختارة بعناية فائقة، الممزوجة بأشكال هندسية مختلفة، التعبير عن مكنوناته الروحية والمتخيلة وتقديم تجربة بصرية جديدة لجمهور الفنون الجميلة. كما تمكن الفنان من خلال هذا المعرض، من أن يقترح رؤية جمالية خاصة للكون مفتوحة على الخيال والحلم والمتعة البصرية، مستثمراً في ذلك أدواته المعرفية والفكرية والفنية.
وبتقديمه لوحاته «من دون عنوان»، وهو اختيار مفكَّر فيه، يكون الفنان قد أطلق العنان للواقف أمام اللوحة للسفر وسبر خبايا الكون التصويرية، فجاء المعرض بمثابة دعوة للحلم والروحانية والتأمل.
وقال الفنان الهاشمي الإدريسي في تصريح صحافي: «لقد كنت دوماً مندهشاً بالكون والفضاء اللامتناهي»، ومع ذلك، يضيف الفنان: «الموضوع هو الذي يختار فنانه لا العكس». وأوضح أنه مدين بإلهامه «للغموض الذي يكتنف الكون اللامتناهي»، حيث يحاول إعادة رسم هذا الكون بألوان وفرشاة.
وزاد الفنان الإدريسي قائلاً: «الأشكال الهندسية المنتقاة هي في نهاية المطاف إحالة على الهندسة الروحية، كما هو الشأن بالنسبة للزليج والأرابيسك»، مشيراً إلى أن هذه الأشكال تُستخدم بشكل كبير في أماكن العبادة.
وأوضح الإدريسي أن «هذه الهندسة الروحية التي توجد عموماً في فنون التسطير والتشجير والتوريق، هي دعوة للتأمل والتفكير والتعبد»، مسجلاً من جهة أخرى، أن «كل لوحة متفردة في شخصيتها وتتطلب وقتاً محدداً للعمل».
ويرى الشاعر والناقد الفني محمد نايت يوسف، أن أعمال الفنان الهاشمي الإدريسي عبارة عن بحث أزلي عن شاعرية وروحانية وجمالية كامنة في كون شاسع. وقال إن الأمر يتعلق ببحث عن شاعرية كامنة في الكون اللامتناهي، وكذا في غرابة الفضاء، فالأشكال الهندسية كالدوائر والمربعات والمستطيلات، تُحيل على عالم غني بالمعاني والدلالات.
والفنان الهاشمي الإدريسي، المولود في 1953، اشتغل مدرساً للغة والأدب الفرنسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية «ابن مسيك» بالدار البيضاء منذ سنة 1984، وذلك عقب حصوله على شهادة الدكتوراه في الأدب الفرنسي.
ورغم انشغالاته المهنية والتزاماته المتعددة، كان يبحث لنفسه عن فسحة للغوص في بحر الرسوم الهندسية، التي تتسم في معظمها بالطابع التجريدي، مما ساعده على خلق لون فني، ورؤية خاصة نابعة من سلسلة من التجارب والدراسات والتأملات الشخصية شكّلت في نهاية المطاف متخيلاً تشكيلياً يتغذى من الأرابيسك العربي الأندلسي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».