«الحرب ضد كورونا» تعطّل حياة الإيطاليين

مغامرات برلوسكوني العاطفية لم تفلح في إلهائهم... وميلانو تأمل استعادة نشاطها بعد أسبوعين

ساحة القديس بطرس بدت خالية أمس بعد الإعلان عن أول إصابة في الفاتيكان (رويترز)
ساحة القديس بطرس بدت خالية أمس بعد الإعلان عن أول إصابة في الفاتيكان (رويترز)
TT

«الحرب ضد كورونا» تعطّل حياة الإيطاليين

ساحة القديس بطرس بدت خالية أمس بعد الإعلان عن أول إصابة في الفاتيكان (رويترز)
ساحة القديس بطرس بدت خالية أمس بعد الإعلان عن أول إصابة في الفاتيكان (رويترز)

هذه ليست إيطاليا التي أعرفها، تضجّ بالحركة، وتجري الحياة في عروقها بفرح غالباً ما يلامس العبث. ثمّة غلالة من الكآبة تنسدل على «البلد الجميل» (Il Bel Paese) منذ أن تيقّن الجميع أنه لا بد من تغيير أسلوب الحياة، والتكيّف مع ما تقتضيه هذه الحرب ضد وباء «كورونا».
مدن الشمال تنطوي على ذاتها في قلق وخوف من المجهول، فيما تنعزل تدريجيّاً عن بقيّة العالم، وروما التي تعجّ عادة بالسيّاح تبدو مقفرة كأنها تترقب حدثاً جليلاً. حتى «المآثر» العاطفية لسيلفيو برلوسكوني، الذي قارب التسعين، وقرر أن يبدأ مغامرة عاطفية جديدة مع برلمانية في الثلاثين من عمرها، لم تعد تثير الاهتمام.
يوم الأربعاء الماضي، لم يتردد رئيس الوزراء جيوزيبي كونتي، في استخدام مصطلح «الحرب» عندما خاطب مواطنيه، ليعلن قرار إقفال جميع المدارس والجامعات، وإجراء مباريات كرة القدم من غير جمهور، وحظر التجمعات الكبرى، في هذا البلد الذي يقضي أهله حياتهم في الشوارع والساحات. ودعا المسنّين والمرضى، الذين يعانون من ضعف أصيل أو ناشئ في نظام المناعة، إلى عدم مغادرة منازلهم إلا في حال الضرورة القصوى، ليضيف: «هذه حرب لا سابقة لها، لكننا لن نستسلم، ومعاً سننتصر».
لكن خطاب كونتي الذي أعلن فيه أيضاً مساعدات بقيمة 5.7 مليار يورو للمؤسسات والعائلات، لم يساعد على تهدئة الأجواء السياسية المحمومة، ولم يبعث على الطمأنينة التي أصبح المجتمع الإيطالي بأمسّ الحاجة إليها بعدما قارب عدد الإصابات أربعة آلاف، وتضاعف عدد الوفيّات ثلاث مرات في غضون أربعة أيام ليصل إلى 148.
هذا الوضع المتأزم صحيّاً واقتصادياً وسياسياً استدعى ظهور رئيس الجمهورية سرجيو ماتريلا، لتوجيه رسالة رسمية إلى المواطنين، داعياً الجميع إلى التقيّد بالإجراءات التي تتخذها الحكومة للخروج من الأزمة وتحييدها عن الصراعات السياسية.
كانت وزارة الصحة قد وضعت خطة عاجلة لزيادة عدد وحدات العناية الفائقة بنسبة 50 في المائة، وشبه الفائقة بنسبة 100 في المائة، فيما كان المفوّض الحكومي المكلّف تنسيق حالة الطوارئ يشدّد على أن الأولوية ما زالت احتواء انتشار الوباء الذي وصل صباح أمس الخميس، إلى المنطقة الوحيدة التي كانت خالية منه وتقع عند سفح جبال الألب. وفي الساعات الأخيرة، بدأ الخوف يتمدد أيضاً في المقاطعات الجنوبية التي يزداد عدد الإصابات فيها، وحيث تعاني منظومتها الصحية من عجز كبير في التجهيزات والموارد البشرية. وتفيد السلطات الصحية في صقلية بأنه في حال تجاوز عدد الإصابات المائة، لن تتمكن مستشفيات الجزيرة من استيعابها.
اللجنة العلمية التي شكّلتها الحكومة في بداية الأزمة، وقالت إنها تعتمد على تقاريرها وإرشاداتها لاتخاذ الإجراءات الوقائية، شكّكت في نجاعة قرار إقفال المدارس والجامعات، لاعتبارها أنه «لا توجد قرائن علمية كافية تبرّر هذه الخطوة في الوقت الحاضر»، خصوصاً وأن بقاء حوالي 9 ملايين طالب في بيوتهم له تداعيات اجتماعية واقتصادية لن يكون من السهل معالجتها في مثل هذه الظروف. لكن رئيس بلدية ميلانو، جيوزيبي سالا، قال إن إجراءات الحكومة صائبة، وتوقع أن تكون بداية العودة إلى الحياة الطبيعية في المدينة بعد أسبوعين. تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا وفرنسا قرّرتا عدم إقفال المدارس لعدم جدوى هذا الإجراء.
كانت جهات علمية عدة في إيطاليا قد وجهت انتقادات قاسية إلى الاتحاد الأوروبي، لتأخره في التحرّك من أجل تنسيق الجهود والإجراءات في الدول الأعضاء، كما انتقدت الحكومات الأوروبية التي تتصرّف بصورة منفردة لمواجهة الأزمة «ما يؤدي إلى بعثرة الجهود وزيادة مخاطر الانتشار، ويجعل من الصعب احتواء الوباء»، كما قال البروفسور بوناردي أستاذ العلوم الجرثومية في جامعة بولونيا.
وأفيد، أمس الجمعة، عن أول إصابة مؤكدة داخل الفاتيكان، في الوقت الذي تتردد أنباء عن احتمال إصابة البابا فرنسيس بالفيروس، بعد أن ألغى مشاركته وظهوره في احتفالات منذ الثلاثاء الماضي. لكن مكتب الناطق بلسان البابا أكّد أن فرنسيس يتعافى من حالة زكام عادي، وأن نتائج فحصه لـ«كوفيد - 19» جاءت سلبية.


مقالات ذات صلة

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.