الحكومة اللبنانية تتجه إلى تأجيل تسديد الديون في اجتماعها اليوم

جلسة لمجلس الوزراء بعد لقاء عون ودياب وبري والوزراء المعنيين وجمعية المصارف

TT

الحكومة اللبنانية تتجه إلى تأجيل تسديد الديون في اجتماعها اليوم

دعا قطب سياسي الحكومة اللبنانية إلى المبادرة منذ الآن إلى قطع الطريق على من يحاول التعامل مع قرارها الذي ستتخذه في الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء اليوم والمرجح بأن يتمثل بعدم تسديد سندات «اليوروبوندز» التي تستحق دفعتها بعد غد الاثنين وكأنها تخطط للخروج على النظام المالي العالمي، ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه لا مصلحة للبنان في ذهاب البعض إلى مثل هذا الاعتقاد، وبالتالي لا بد من دحض كل ما يشاع على هذا الصعيد.
ومن المتوقع أن يعلن رئيس الحكومة حسان دياب بعد الجلسة، عن القرار بشأن الـ«يوروبوند» في كلمة سيتوجه فيها إلى اللبنانيين مساء، على أن يسبق ذلك لقاء يجمعه برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري والوزراء المعنيين، إضافة إلى جمعية المصارف لإطلاعهم على القرار، الذي لا تزال مصادر دياب تتكتّم عليه.
ولفت القطب السياسي - طلب عدم ذكر اسمه - إلى ضرورة التقيُّد بقواعد التعامل مع النظام المالي العالمي من خلال المصارف اللبنانية والمؤسسات النقدية العالمية والتي يرعاها مصرف لبنان. وقال إن الحكومة لم تُحسن قيادة المفاوضات للتوصل إلى تفاهم مع حاملي السندات أكانوا في الخارج أو في الداخل وتدفع باتجاه تأجيل سداد السندات شرط أن يكون مقروناً بتعهدها بسدادها في وقت لاحق.
واعتبر أن الحكومة لم تكن مضطرة لإحالة مسألة سداد السندات أو عدم سدادها تمهيداً لاتخاذ القرار النهائي في شأنها على الاجتماعات الموسّعة التي عُقدت برئاسة رئيسها حسان دياب، وكان يُفترض حصر المداولات بلجنة مصغّرة توكل إليها مهمة وضع جداول بالحسنات والسيئات المترتبة على دفع الديون المستحقة في موعدها أو عدم سدادها شرط التفاوض مع حاملي هذه السندات لأنه من غير الجائز أن يُتخذ القرار من جانب واحد.
وقال إن توسيع المشاركة في هذه الاجتماعات أوحى لمعظم حاملي السندات بأن الحكومة أقحمت نفسها في مزايدات شعبوية كانت في غنى عنها، خصوصا أن المداولات سجّلت تخبُطاً في اتخاذ القرار النهائي تمثّل في لجوء بعض المشاركين إلى انقلابهم على مواقفهم من مؤيد لسداد السندات إلى ممانع لسدادها.
أما وأن القرار بعدم سداد السندات سيُتخذ اليوم فلا بد من التفات الحكومة - كما يقول القطب السياسي - إلى التفاوض ولو متأخرة مع حاملي السندات ليس لكسب الوقت فحسب وإنما للتفاهم عل جدول زمني لسدادها في وقت لاحق.
ورأى القطب السياسي نفسه بأن لحاملي السندات مصلحة في التفاوض مع الحكومة لأن ما يهمهم هو التفاهم على تحصيل الديون شرط أن يأتي في سياق خطة واضحة لضمان سدادها وهذا يتطلب من الحكومة أن تتعامل بجدية مع تعهداتها في هذا الشأن؛ لأن مصداقيتها على المحك.
وسأل عن الأسباب التي حالت حتى الآن دون انتهاء الحكومة من وضع خطة طوارئ إنقاذية كما تعهد رئيسها حسان دياب في بيانها الوزاري الذي نالت على أساسه ثقة البرلمان بأن تكون جاهزة في نهاية شباط الماضي، وقال آن الأوان أن تتقدم برزمة من الإجراءات والتدابير لإقناع حاملي السندات بأنها تلتزم بتعهداتها في سدادها.
وأكد القطب السياسي بأن هذه الرزمة يجب أن تكون من ضمن الخطة الإنقاذية التي تقوم على الإصلاحات الإدارية والمالية لخفض النفقات ومكافحة الفساد ووقف هدر المال العام شرط أن تأتي متلازمة مع إصلاح قطاع الكهرباء ووقف التهريب وإقفال المعابر غير الشرعية والتشدُّد في مراقبة تلك الشرعية التي تربط لبنان بسوريا.
وقال إن الخطة الإنقاذية يجب أن تحظى برعاية مباشرة من صندوق النقد الدولي الذي يعد حالياً برنامجاً لمساعدة العائلات اللبنانية الأكثر فقراً، والتي ارتفع منسوبها في الآونة الأخيرة بسبب تزايد حجم البطالة من جراء الركود الاقتصادي الذي يطغى على البلد.
ورأى أنه بمجرد تأييد صندوق النقد للخطة الإنقاذية المشروطة بأن تكون جدية ومتلازمة مع مشروع يصار إلى تنفيذه فوراً، يكون لبنان قد حصل على تأشيرة دخول دولية تتيح للصندوق التحرك طلباً لمساعدته دولياً، وقال إنه من غير الجائز رفض التعاون مع الصندوق بذريعة أنه يريد فرض وصايته على لبنان كما يقول باستمرار «حزب الله».
وأيد القطب السياسي موقف رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط القائل إنه من الضروري أن يعمل لبنان على برنامج مع الصندوق على أن تكون الشروط مقبولة لإعادة جدولة الديون.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية بأن جنبلاط بعث مؤخراً برسالة إلى الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بواسطة قنوات التواصل القائمة بينهما تتعلق بوجهة نظره حيال أبرز القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية في ضوء ما لديه من مخاوف مشروعة على مستقبل البلد الذي يقع حالياً في أزمة خانقة، ويرزح تحت وطأة الانهيار.
وتردّد بأن الرسالة تضمنت موقف جنبلاط من التعاون مع صندوق النقد الذي لا يشكل خطراً على «حزب الله»، لكن لم يعرف رد فعل الأخير على رسالته مع أنه على موقفه من هذا الصندوق من دون أن يطرح ما هو البديل عن التعاون معه.
وفي هذا السياق، كشف مصدر دبلوماسي أوروبي لـ«الشرق الأوسط» أنه لا بد من تعاون لبنان مع صندوق النقد، وقال إن لدى المجتمع الدولي وجهتي نظر، الأولى ما زالت تتعاطى بحذر مع الحكومة بذريعة أنها من لون واحد وتقع تحت تأثير «حزب الله» وإن كانت تعتبر وجودها أفضل من استمرار الفراغ. ولفت إلى أن هناك عدداً من الدول العربية الفاعلة مع وجهة النظر هذه، ما يؤخر قيام رئيس الحكومة بجولة على عدد من الدول العربية وتحديداً الخليجية منها، وذلك بخلاف ما يشاع من حين لآخر بأنها ستتم في وقت قريب، وقال إن وجهة النظر الثانية تراهن على المفاعيل الإيجابية للتعاون مع صندوق النقد الذي يشترط على لبنان وضع خطة إنقاذية جدية ومبرمجة.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.