تباين رأي أهالي إدلب في التفاهم بين موسكو وأنقرة

TT

تباين رأي أهالي إدلب في التفاهم بين موسكو وأنقرة

تباينت ردود فعل أهالٍ في إدلب حول نتائج قمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب إردوغان، حول إدلب السورية، في موسكو، ووقف النار في شمال غربي سوريا.
وقال الناشط الحقوقي أكرم جنيد، «نحن نعلم مسبقاً أن نتائج اجتماع زعماء ومسؤولي روسيا وتركيا، لن تصل لتطلعات الثورة السورية بشكلها الكامل، مع علمنا بأن الخط البياني للموقف التركي يتناسب طرداً مع الموقف الأميركي، علماً بأن تصريحات للجانبين التركي والروسي تؤكد أن مصالحهم في سوريا ما زالت متضاربة». وزاد: «نستشف أن روسيا غير قادرة على حل المشكلة سياسياً أو عسكرياً، وبالمقابل نجد أن الجانب التركي يفتقد الغطاء الدولي لمثل هذا الصراع، وكل ذلك يقودنا إلى أن المحرك الأساسي للصراعات الدولية في العالم، والمقصود أميركا، لم تعلن بعد عن إنهاء المشكلة السورية».
من جهته، قال الناشط الإعلامي مصعب الأشقر، «طبعاً منذ توقيع اتفاق سوتشي بين الطرفين التركي والروسي في أواخر عام 2017، بدأت التطورات على الأرض، بشكل حقيقي، في الشمال السوري، لتبدأ حينها روسيا بالتوسع في ريف حماة، ومن ثم شرق إدلب، إضافة لدخول الأتراك بنقاط مراقبة في عام 2018 التي كانت أشبه باتفاقية لشرعنة الوجود الروسي بإدلب وحماة، وما نتج عنه من اتفاقيات حول الدوريات المشتركة، وفتح الطرق (m 4) و(m 5)، منذ ذلك الحين والسوريون يكابرون على البنود الأساسية لاتفاق سوتشي ومخرجاته، إلى أن جاء اجتماع إردوغان وبوتين بعيداً عن كل التوقعات والتحليلات التي سبقت زيارة إردوغان لموسكو».
ويضيف: «روسيا لن تسير سيارة واحدة على طريق (m 4) ما لم تتقدم قوات النظام، وتسيطر على كافة المنطقة الجنوبية من الأوتوستراد (سهل الغاب - جبل الزاوية)، إضافة لمسافة أمان شمال ذلك الطريق، فروسيا تعلم جيداً العداء والكره لها من قبل السوريين الذين تهجروا وقتلوا بطائراتها، لا سيما وأن بند عودة أكثر من مليون نازح إلى مناطقهم الواقعة على طرفي الطرق الدولية (M 5) و(M 4) لم يفسر بشكل واضح»، متسائلاً: «هل ستكون هذه العودة للنازحين بعد عودة قوات النظام إلى ما قبل النقاط المراقبة التركية أو حدود مذكرة سوتشي، أم مع بقائها في تلك المناطق، وهذا الأمر الذي يرفضه النازحون؟».
بكار الحميدي، أحد أبناء سهل الغاب، غرب حماة، نازح في أحد المخيمات الحدودية، يرى أن نتائج القمة «مخيبة لآمال ملايين السوريين في الشمال السوري الذين كانوا ينتظرون من حليفتهم تركيا الوفاء بوعدها وإعادتهم إلى قراهم ومدنهم، التي تهجروا منها، ودمرها النظام والروس أمام نظر الضامن التركي»، فيما قال أمجد الحسين أحد النازحين من مدينة معرة النعمان بريف إدلب: « لن أعود إلى مدينتي معرة النعمان وأيضاً ابن سراقب وابن خان شيخون ومناطق كثيرة، وهناك عنصر واحد من قوات النظام موجود فيها، وذلك يتوقف على التزام الجانب التركي بتأمين عودتي والآلاف من أبناء مدينتي إلى ديارنا، لطالما وعد بإجبار قوات النظام على العودة إلى ما قبل النقاط المراقبة التركية، إما حرباً أو سلماً، لتمكين أكثر من مليون نازح من العودة لمناطقهم التي سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً، وما صرح به المسؤولون الأتراك والروس في نتائج القمة أمس لم يكون واضحاً، وهذا يدعو للقلق من أنه قد يصل بالنهاية الجانبان الروسي والتركي إلى اتفاق، حسب واقع الحال، أو الحدود الحالية، وتبقى مدننا تحت سيطرة النظام».
ومن النجاحات التي حققها الجانب التركي، حسب عمر حاج محمو، أن روسيا «اعترفت على لسان بوتين بقوة الجيش التركي، وكذلك بشرعية الوجود العسكري التركي في إدلب، وأن لتركيا الحق بإعادة تنشيط تحركها العسكري ضمن عملية (درع الربيع) بالاشتراك مع (الجيش الوطني السوري)، عند أول خرق لوقف إطلاق النار يقوم به النظام السوري».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.