«عناد روسيا» يجهض محاولات «أوبك» حماية أسواق النفط

موسكو تبدد «كل مكاسب التحالف» ونزيف خسائر الخام حول 9 %

«عناد روسيا» يجهض محاولات «أوبك» حماية أسواق النفط
TT

«عناد روسيا» يجهض محاولات «أوبك» حماية أسواق النفط

«عناد روسيا» يجهض محاولات «أوبك» حماية أسواق النفط

تسببت المقاومة الروسية العنيفة لتوصيات منظمة «أوبك» في تعميق خفض إنتاج النفط بشكل كبير من أجل حماية الأسواق، في تراجع عنيف لأسعار النفط أمس، بنسبة تفوق 9 في المائة لخام برنت، و8.69 في المائة لخام غرب تكساس الأميركي، لتعود الأسعار إلى مستويات أدنى من تلك التي كانت عليها قبل تأسيس تحالف «أوبك+» في نهاية عام 2016.
وقالت مصادر لـ«رويترز» إن خطط «أوبك» لتعميق التخفيضات النفطية ومد أجلها تعثرت الجمعة، إذ رفضت روسيا غير العضو في المنظمة تأييد الخطوة، قائلة إنه من المبكر جداً التنبؤ بتأثير تفشي فيروس كورونا على طلب الطاقة العالمي.
ودفع الإخفاق في إبرام اتفاق بين «أوبك» وروسيا وأعضاء آخرين في تحالف يُعرف بـ«أوبك+» يدعم الأسعار منذ 2016، سعر الخام القياسي للانهيار. وفقد خام برنت نحو ثلث قيمته منذ بداية العام الجاري، إذ هوى أمس إلى 45.45 دولار للبرميل، ما يضع الدول شديدة الاعتماد على النفط تحت ضغط كبير، ويجعل كثيراً من شركات النفط الصخري وشركات طاقة أخرى بالولايات المتحدة في محنة شديدة.
وقال مصدر من «أوبك»: «الاتفاق مات». وقالت مصادر من «أوبك» لـ«رويترز»، إن المنظمة أخفقت في التوصل إلى تسوية مع روسيا في المحادثات. وقالت مصادر إنه نتيجة لذلك، ينتهي العمل باتفاق حالي لتخفيضات الإنتاج في مارس (آذار)، لذا سيكون بوسع أعضاء «أوبك» والمنتجين من خارجها نظرياً الضخ، كما يحلو لهم في سوق متخمة أصلاً. ونزلت أسعار النفط بأكثر من 9 في المائة إلى 45.45 دولار للبرميل.
وكان وزراء «أوبك» قالوا الخميس، إن تفشي فيروس كورونا خلق «وضعاً غير مسبوق» يستلزم تحركاً، مع تأثر النشاط الاقتصادي العالمي والطلب على النفط سلباً بإجراءات وقف انتشار الفيروس.
وتقلصت توقعات نمو الطلب في 2020، لكن موسكو تقول منذ فترة طويلة إنه من المبكر جداً تقييم الأثر. وقالت مصادر إن نوفاك بعث بالرسالة نفسها أمس. وقال وزراء المنظمة الخميس، إنهم يساندون تخفيضات نفطية بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً إضافية حتى نهاية 2020، أي ما يوازي نحو 1.5 في المائة من الطلب العالمي، وهو تحرك أكبر بكثير وأبعد من المتوقع.
ودعوا أيضاً لمد تخفيضات «أوبك+» الحالية البالغة 2.1 مليون برميل يومياً، ما يعني بلوغ إجمالي التخفيضات المقترحة مجتمعة وفق التصورات 3.6 مليون برميل يومياً، أو نحو 3.6 في المائة من الإمدادات العالمية. لكنهم جعلوا المقترح مشروطاً بتأييد روسيا ومنتجين آخرين من خارج المنظمة للتخفيضات. ولم يدلِ نوفاك، الذي أجرى مناقشات ثنائية مع نظيره السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، بأي تصريح بشأن التخفيضات الإضافية المقترحة خلال رحلتيه إلى فيينا وعودته منها هذا الأسبوع.
واستمرت المشاورات غير الرسمية داخل مقر «أوبك» لأكثر من 6 ساعات، إذ جرى تأجيل الاجتماع الرسمي لوزراء «أوبك+» مراراً من موعده في الساعة 09:00 بتوقيت غرينيتش.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»