يبدو أن البنك المركزي الأوروبي يواجه وضعاً لا يحسد عليه خلال الفترة الحالية، فبينما تتحسن مؤشرات الشركات في منطقة اليورو، رغم الضغوط الكبرى الناجمة عن الآثار المتبقية من حرب التجارة بين الولايات المتحدة والصين، والتي يفاقمها الغموض الناجم عن تفشي فيروس «كورونا» الجديد، فإن مستويات التضخم لا تزال تعاند خطط «المركزي» وتعقد من خطواته القادمة.
وأظهر مسح للشركات الجمعة أن أنشطة الشركات بمنطقة اليورو تسارعت بوتيرة تفوق المتوقع هذا الشهر، في نبأ سيلقى ترحيباً من جانب صانعي السياسات في البنك المركزي الأوروبي، الذين يكافحون لإنعاش النمو وتضخم مزمن منخفض.
وارتفعت القراءة الأولية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» المجمع لمديري المشتريات بمنطقة اليورو، الذي يُعتبر مقياساً جيداً لمتانة الاقتصاد، إلى 51.6 نقطة في فبراير (شباط) من قراءة نهاية يناير (كانون الثاني) عند 51.3 نقطة، متفوقاً على جميع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» والتي بلغ متوسطها 51.0 نقطة.
وتشير أي قراءة فوق مستوى الخمسين إلى النمو. وظل الطلب قوياً بشكل نسبي، مما يشير إلى أنه لن يكون هناك تدهور في الشهر القادم. واستقر مؤشر الأعمال الجديدة عند 51.3 نقطة، وهو أعلى مستوى في سبعة أشهر، والمسجل في يناير الماضي.
وتلقى المؤشر الرئيسي الدعم من ارتفاع في مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات المهيمن على التكتل، إلى قراءة فاقت التوقعات بلغت 52.8 نقطة، من 52.5 نقطة. ومع متانة الطلب - مما يُظهر بعض الثقة - استقطبت الشركات مزيداً من العاملين، على الرغم من أن ذلك جرى بوتيرة أبطأ مما كان عليه في يناير. وانخفض مؤشر التوظيف إلى 52.6 نقطة من 53.0 نقطة.
وبينما قبع مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع دون مستوى التعادل، فإنه واصل مساره الصعودي. وارتفع مؤشر القطاع إلى 49.1 نقطة من 47.9 نقطة، وهو أعلى مستوياته في عام، متفوقاً على جميع التوقعات في استطلاع «رويترز».
وصعد مؤشر يقيس الإنتاج، يصب في مؤشر مديري المشتريات المجمع، إلى 48.4 نقطة من 48.0 نقطة. وتحركت معظم المؤشرات المستقبلية في المسح في الاتجاه الصحيح، مما يشير إلى أن تعافي قطاع التصنيع ما زال يمضي في مساره، وأن التفاؤل يظل مرتفعاً.
كما أظهر مسح آخر مهم أن القطاع الخاص الألماني نما بوتيرة ثابتة في فبراير، إذ تباطأ نمو أنشطة الخدمات؛ لكنه ظل يعوض ركوداً متراجعاً في قطاع التصنيع، على الرغم من أن تفشي فيروس «كورونا» ربما يشكل تهديداً للصادرات في المستقبل.
ونزلت القراءة الأولية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» المجمع لمديري المشتريات الذي يتتبع قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات اللذين يشكلان معاً ما يزيد عن ثلثي الاقتصاد، إلى 51.1 نقطة، من 51.2 نقطة في الشهر السابق. وتفوق القراءة متوسط التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء محللين توقعوا انخفاضاً إلى 50.8 نقطة. وتراجع مؤشر فرعي يقيس النشاط في قطاع الخدمات إلى أدنى مستوى في شهرين عند 53.3 نقطة، من 54.2 نقطة في الشهر السابق.
وقال فيل سميث، الخبير الاقتصادي لدى «آي إتش إس ماركت»: «المؤشرات من البيانات هي أن الطلب المحلي ما زال في وضع جيد، مع مواصلة أنشطة قطاع الخدمات الارتفاع، على الرغم من تقارير بشأن انخفاض أعداد السائحين».
وتقدم مؤشر فرعي يتتبع قطاع الصناعات التحويلية إلى 47.8 نقطة، من 45.3 نقطة في الشهر السابق. والقراءة المسجلة في فبراير هي الأعلى منذ يناير 2019. وتوقع محللون انخفاضاً.
وأضاف سميث: «حتى الآن، فإن الاضطراب الذي أصاب إنتاج قطاع التصنيع بسبب مشكلات الإمدادات محدود إلى حد ما؛ لكن تلك ما زالت الأيام الأولى لما من المحتمل أن يُشكل قصة طويلة».
لكن رغم تحسن مؤشرات الشركات المريح لـ«المركزي الأوروبي»، فإن الأخير يبدو أنه سيواصل فترة المعاناة الطويلة خلال الشهور المقبلة.
وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات) الجمعة، إن التضخم بمنطقة اليورو زاد بمعدل سنوي 1.4 في المائة في يناير، ليسجل ارتفاعاً مقارنة مع الشهر السابق مع صعود أسعار الطاقة، مؤكداً تقديراته الصادرة في وقت سابق.
كما أكد «يوروستات» أن التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الأغذية والطاقة، تباطأ في ديسمبر (كانون الأول)، ومن شأن ذلك تعقيد خطط البنك المركزي الأوروبي لتحقيق هدفه بالوصول إلى تضخم قرب اثنين في المائة على المدى المتوسط.
وارتفعت الأسعار في دول المنطقة البالغ عددها 19 دولة، بنسبة 1.4 في المائة في يناير على أساس سنوي، لتسجل تسارعاً للشهر الثالث على التوالي، بما يتماشى مع توقعات السوق. وفي ديسمبر بلغ التضخم الكلي 1.3 في المائة. وأبقى مكتب الإحصاءات على تقديره لمعيار أضيق نطاقاً للتضخم دون تغيير عند 1.1 في المائة، ويستبعد المعيار أسعار الطاقة والأغذية والمشروبات الكحولية والتبغ، مؤكداً أن المؤشر تباطأ من معدل بلغ 1.3 في المائة في ديسمبر.
وقال «يوروستات» إنه على أساس شهري، سجلت منطقة اليورو انكماشاً في الأسعار بنسبة واحد في المائة. وعلى أساس سنوي، ارتفعت قراءة التضخم الكلي بسبب صعود كبير في أسعار الطاقة التي ارتفعت 1.9 في المائة، من 0.2 في المائة في ديسمبر.
تحليل إقتصادي: «المركزي الأوروبي» حائر بين شركات نشطة وتضخم عنيد
ارتفاع غالبية المؤشرات يظهر ازدياد الثقة رغم الضغوط
تحليل إقتصادي: «المركزي الأوروبي» حائر بين شركات نشطة وتضخم عنيد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة