باريس تسعى للتوفيق بين دعمها لتركيا ووقوفها إلى جانب اليونان

الدبلوماسية الفرنسية تزداد ابتعاداً عن روسيا وتقارباً مع تركيا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
TT

باريس تسعى للتوفيق بين دعمها لتركيا ووقوفها إلى جانب اليونان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ب)

يبدو أكثر فأكثر أن الدبلوماسية الفرنسية أخذت تنزلق باتجاه التقارب مع أنقرة، وتبني رؤيتها لسردية الأحداث الجارية في الشمال الغربي السوري. ومقابل ذلك، فإنها ماضية في الابتعاد عن المقاربة الروسية، وهي مثابرة على استخدام لغة حازمة تجاهها. وبعد المواقف المتشددة للرئيس إيمانويل ماكرون إزاء روسيا التي عكسها بيان الإليزيه عقب اتصالين هاتفيين بالرئيس التركي ثم بالرئيس الروسي، راجع «الشرق الأوسط»، عدد الاثنين، جاء البيان الصادر أمس عن وزارة الخارجية الفرنسية، عقب اتصال الوزير جان إيف لودريان بنظيره اليوناني نيكوس دندياس وبـ«وزير» الخارجية الأوروبي جوزيب بوريل ليبين أن فرنسا قد تكون فقدت أي أمل بالتأثير على روسيا وعلى سياستها في سوريا. فقد جاء في البيان أن لودريان كرر، بأقصى العبارات، إدانة هجوم النظام السوري وداعميه وتحديدا روسيا، على القوات التركية «الموجودة» في المنطقة «إدلب». وذكر البيان بدعوة 14 وزير خارجية أوروبيا نهاية الأسبوع الماضي، لوقف فوري «للأعمال العدائية التي تقوم بها القوات السورية وحلفاؤها في إدلب، ووضع حد لتدهور الأوضاع الإنسانية الكارثية وللانتهاكات الواسعة للقانون الإنساني الدولي».
تواجه باريس صعوبة بينة. فهي من جهة، ماضية في التعبير عن دعمها لتركيا والإعراب عن التضامن معها. ومن جهة أخرى، لا يمكنها إلا أن تقف إلى جانب اليونان في مواجهتها لأزمة تدفق الآلاف من اللاجئين إلى حدودها البرية والبحرية التي تتسبب بها تركيا. وذهب مسؤولون يونانيون إلى اتهام تركيا مباشرة بأنها «تنظم» وصول اللاجئين إلى حدودها للضغط على الاتحاد الأوروبي. وجاء في بيان الخارجية الفرنسية أن لودريان عبر عن تضامن بلاده «التام والكامل» مع اليونان، وأكد دعم بلاده لطلب أثينا عقد اجتماع استثنائي لوزراء الخارجية الأوروبيين «في الأيام القريبة القادمة من أجل التوصل إلى موقف موحد (من الهجرات) وتحديد أعمال مشتركة للدول الأعضاء في مواجهة الأزمة الجديدة».
ومن جانبه، غرد ماكرون اليوم للتعبير عن التضامن «التام» مع اليونان وبلغاريا، معربا عن استعداد فرنسا للمساهمة في الجهود الأوروبية من أجل توفير مساعدة سريعة وحماية حدودهما. وأضاف ماكرون في تغريدته: «علينا أن نعمل معا من أجل تجنب أزمة إنسانية وأزمة هجرات».
بيد أن أوساطا فرنسية تعتبر أن مواجهة أزمة تدفق آلاف اللاجئين إلى الحدود اليونانية لا يمكن أن تتم فقط من خلال التدابير الأمنية وإغلاق الحدود، بل يتعين أن تلتزم تركيا بمضمون الاتفاق المبرم معها في العام 2016 الذي يلزمها بمنع وصول اللاجئين إلى أوروبا مقابل دعم مالي. والسؤال الذي تطرحه هذه الأوساط يركز على «الثمن» الذي يريده الرئيس التركي مقابل العودة للعمل بالاتفاق المذكور والذي لا يمكن أن يكون ماليا فقط. ولم يعد سرا أن إردوغان يريد دعما أوروبيا وأطلسيا، سياسيا وعسكريا بعد أن جاء دعم الحلف الأطلسي والأوروبي الأسبوع الماضي «فاترا».


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا (من اليسار إلى اليمين) الممرضات الأفغانيات مادينا أعظمي ورويا صديقي وتهمينة أعظمي يقمن بالتوليد والتمريض في مستشفى خاص بكابل - 24 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لاجئون أفغان يعيشون «سجناء» الخوف في باكستان

أصبحت حياة شهرزاد تقتصر على باحة بيت الضيافة الذي تعيش فيه في باكستان، إذ بعدما كانت تأمل أن تجد الحرية بعد هروبها من سلطات طالبان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

2024 أول عام تتجاوز فيه الحرارة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة

من آثار الاحترار الأرضي في منتزه ماتو غروسو في البرازيل (أ.ف.ب)
من آثار الاحترار الأرضي في منتزه ماتو غروسو في البرازيل (أ.ف.ب)
TT

2024 أول عام تتجاوز فيه الحرارة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة

من آثار الاحترار الأرضي في منتزه ماتو غروسو في البرازيل (أ.ف.ب)
من آثار الاحترار الأرضي في منتزه ماتو غروسو في البرازيل (أ.ف.ب)

قال علماء اليوم الجمعة إن عام 2024 كان أول عام كامل تتجاوز فيه درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وأكدت خدمة كوبرنيكوس لمراقبة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي هذا الأمر، وأشارت إلى أن تغير المناخ يدفع درجة حرارة الكوكب إلى مستويات لم يشهدها البشر من قبل في العصور الحديثة. وقال كارلو بونتيمبو مدير الخدمة لرويترز «المسار لا يصدق»، ووصف كيف كان كل شهر في عام 2024 هو الأكثر دفئا أو ثاني أكثر شهر دفئا منذ بدء التسجيلات.

وقالت كوبرنيكوس إن متوسط درجة حرارة الكوكب في عام 2024 كان أعلى بمقدار 1.6 درجة مئوية عما كان عليه في الفترة من 1850 إلى 1900 وهي «فترة ما قبل الصناعة» قبل أن يبدأ البشر في حرق الوقود الأحفوري الذي ينبعث منه ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع. وكان العام الماضي هو الأكثر سخونة في العالم منذ بدء التسجيلات، وكانت كل سنة من السنوات العشر الماضية من بين الأعوام العشرة الأكثر دفئا على الإطلاق.

ورجح مكتب الأرصاد الجوية البريطاني أن تكون درجات الحرارة قد تجاوزت عتبة 1.5 درجة مئوية في عام 2024، لكن تقديراته أشارت إلى أن الارتفاع كان أقل قليلا عند 1.53 درجة مئوية للعام. وسينشر علماء أميركيون بيانات للمناخ في عام 2024 اليوم الجمعة.

وتعهدت الحكومات بموجب اتفاق باريس لعام 2015 بمحاولة منع متوسط درجات الحرارة من تجاوز 1.5 درجة مئوية لتجنب حدوث كوارث مناخية تكون أكثر حدة وأعلى تكلفة. ولا يخرق أول ارتفاع سنوي فوق مستوى 1.5 درجة مئوية هذا الهدف، إذ أنه يقيس متوسط درجات الحرارة على الأجل الأطول.

وقال بونتيمبو إن ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري يعني أن العالم يتجه لتجاوز هدف باريس قريبا لكن الأوان لم يفت بعد لتقوم البلدان بخفض الانبعاثات بسرعة لتجنب ارتفاع الاحتباس الحراري إلى مستويات كارثية.

وقال بونتيمبو «الأمر لم ينته. فلدينا القدرة على تغيير المسار بداية من الآن».