مفارقة تاريخية... اليونانيون لجأوا إلى غزة وسوريا هربا من النازي

لاجئون أوروبيون يروون «ذكريات مريرة يصعب نسيانها»

أسر يونانية في معسكرات اللاجئين خلال الحرب العالمية الثانية (أرشيفية- بي بي سي)
أسر يونانية في معسكرات اللاجئين خلال الحرب العالمية الثانية (أرشيفية- بي بي سي)
TT

مفارقة تاريخية... اليونانيون لجأوا إلى غزة وسوريا هربا من النازي

أسر يونانية في معسكرات اللاجئين خلال الحرب العالمية الثانية (أرشيفية- بي بي سي)
أسر يونانية في معسكرات اللاجئين خلال الحرب العالمية الثانية (أرشيفية- بي بي سي)

كشف وقوع اشتباكات بين اللاجئين والمهاجرين من جهة؛ وأفراد الشرطة والجيش اليونانيين من جهة أخرى، على مدار الأيام الماضية، عن مفارقة لافتة بسبب لجوء اليونانيين للمنطقة ذاتها التي تحاول سلطات بلادهم حاليا منع المهاجرين من التدفق منها إلى أوروبا.
وأعادت مشاهد العنف إلى الذاكرة مأساة آلاف اليونانيين ممن لجأوا إلى بلدان الشرق الأوسط هربا من الاحتلال الألماني النازي في النصف الاول من القرن العشرين.
وكانت تركيا فتحت حدودها اعتباراً منذ ليل الخميس الماضي، أمام المهاجرين للتوجه إلى الدول الأوروبية، عقب تهديد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، للدول الأوروبية بتدفق ملايين المهاجرين نحو أراضيها.
وتعود وقائع رحلة هروب آلاف اليونانيين، إلى الحرب العالمية الثانية عقب احتلال القوات الألمانية والإيطالية لليونان، حيث استقلوا سفناً بحرية انتقلت بهم إلى مخيمات اللاجئين في الشرق الأوسط، وفقاً لما سجلته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
إيليني كارافيلاتزي، هي واحدة من هؤلاء الذين نزحوا من اليونان ولا تزال أحداث الرحلة تحاصرها دوماً، بعد أن فرّت مع عائلتها، حين كانت في الثانية عشرة من عُمرها، من الاحتلال النازي في كاستيلوريزو، وهي جزيرة يونانية تبعد كيلومترين (1.5 ميل) عن الساحل التركي.
تستعيد كارافيلاتزي، بعض وقائع هذه الرحلة قائلة: «يصعب نسيان مثل هذا الحدث، إنه يتركك محروقاً بالندبات ويجعلك تشعر بالمرارة إلى الأبد».
بدأت رحلة أسرة الطفلة اليونانية، آنذاك، مع مئات غيرها على متن سفينة اتجهت من قبرص، قبل أن تستقر في مخيم للاجئين في غزة يُعرف باسم «النصيرات»، الذي مكثوا فيه حتى نهاية الحرب.
وبعد ثلاث سنوات في الشتات، غادرت الطفلة اليونانية مع أسرتها ونحو 500 لاجئ يوناني على متن سفينة بريطانية، هي «إم إس إمباير باترول»، من مدينة بورسعيد المصرية، إلى بلادهم من جديد.
وفي منتصف الرحلة، اندلعت النيران في أحد جوانب السفينة، ليموت نحو 33 راكباً، بينهم 14 طفلاً. كان من بين المفقودين أبناء عمومة كارافيلاتزي الثلاثة، التي خلّدت ذكراهم عبر نحت أسمائهم في نصب تذكاري على مسافة قصيرة من المكان الذي تعيش فيه الآن.
تروي السيدة اليونانية الكيفية التي نجت بها من مصير أبناء عمومتها، قائلة: «أخبرني والداي بأن أبي تنبّه إلى امتلاء أحد زاورق النجاة الذي انزلقت إليه من الحبل المربوط فيه؛ لأعود من جديد إليهم. هذا الزورق غرق، لاحقاً، بكل حمولته من الأطفال».
ناجية أخرى في هذه الرحلة هي ماريا كروني، المولودة عام 1937، وأحد الشهود على وقائع الرحلة الطويلة التي تتذكرها مع حفيدتها التي تعيش معها الآن في جزيرة كاستيلوريزو، الواقعة في أقصى شرق اليونان.
تستعيد كروني يوميات هذه الرحلة قائلة: «لا أستطيع تذكر طريقة النجاة من الغرق. أعرف فقط أنني بقيت في عرض البحر ممسكة بلوحة خشبية لمدة 10 ساعات. ثم أنقذني والدي ورفعني إلى القارب المتفحم».
وتنوعت المناطق التي استقبلت اليونانيين الفارين من بلادهم، ففي حين اتجه البعض منهم صوب مخيمات لاجئين في غزة، انتقل البعض الآخر منهم إلى سوريا، وتحديداً سكان جزيرة خيوس، الواقعة على بعد بضعة كيلومترات قبالة ساحل تركيا.
ماريانثي أندريدي، واحدة من هؤلاء الذين فرّت أسرهم نحو تركيا، وهي في الثالثة من عُمرها، بشكل غير قانوني، قبل أن تستقل القطار إلى مخيم النيرب في حلب (سوريا).
وتتذكر بعض الوجوه التي التقتها خلال هذه الرحلة: «كنت محاطة بالنساء الأكبر سناً، وكانت هناك هذه اللحظة التي بقيت معي عندما كنا على الحدود التركية وكان الحارس يصرخ: جل بوردا! جل بوردا! (تعال إلى هنا)».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.