إردوغان يعلق آمالاً على لقاء بوتين لوقف إطلاق النار في إدلب

جيفري في أنقرة لبحث التطورات... والنظام سيطر على سراقب

قافلة عسكرية تركية في الطريق الدولي الذي يصل إدلب بمنفذ باب الهوى الحدودي أمس (أ.ف.ب)
قافلة عسكرية تركية في الطريق الدولي الذي يصل إدلب بمنفذ باب الهوى الحدودي أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يعلق آمالاً على لقاء بوتين لوقف إطلاق النار في إدلب

قافلة عسكرية تركية في الطريق الدولي الذي يصل إدلب بمنفذ باب الهوى الحدودي أمس (أ.ف.ب)
قافلة عسكرية تركية في الطريق الدولي الذي يصل إدلب بمنفذ باب الهوى الحدودي أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن النظام السوري دفع غاليا ثمن اعتدائه على الجنود الأتراك في إدلب ليل الخميس الماضي، وإن العملية العسكرية التي أطلقتها تركيا هناك لا تزال في بدايتها. في الوقت الذي أعلن فيه أنه سيلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد غد (الخميس)، آملا أن يسفر اللقاء عن وقف لإطلاق النار.
جاء ذلك في الوقت الذي وصل فيه وفد برئاسة المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري إلى أنقرة مساء أمس (الاثنين) لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأتراك حول التطورات في إدلب.
وقال إردوغان، في كلمة خلال لقاء مع ممثلي المنظمات المدنية في أنقرة أمس: «كبّدنا النظام السوري أكبر خسارة في تاريخه، وخسائر النظام البشرية والمادية حتى الآن ما هي إلا بداية.. سنؤكد لهؤلاء الغافلين أننا دولة كبيرة لا تنحني ولو قُطع رأسنا، وأقول لروسيا وإيران مجددا، ليست لتركيا أي مشكلة معكما في سوريا».
وتوعد إردوغان قوات النظام السوري بالهلاك في حال لم تنسحب إلى الحدود التي وضحتها تركيا (أي خلف نقاط المراقبة العسكرية التركية في إدلب بموجب مذكرة تفاهم سوتشي الموقعة بين تركيا وروسيا). وأضاف: «منزعجون من تدهور الأوضاع في سوريا إلى هذه الدرجة، والنظام هو المسؤول عما آلت إليه الأمور». وقال إردوغان إنه سيبحث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لموسكو بعد غد التطورات في إدلب، معربا عن أمله في التوصل إلى خطوة لوقف إطلاق النار أو خطوات أخرى لإنجاز عملية «درع الربيع» العسكرية التركية بسرعة.
وأعلنت الرئاسة التركية، أمس، أن إردوغان، سيزور موسكو بعد غد، ومن المتوقع أن تركز المباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأوضاع في محافظة إدلب السورية في ظل تصاعد التوترات بها. وقال إردوغان: «إننا نسعى لتفعيل جميع القنوات الدبلوماسية إلى جانب كفاحنا الميداني، من أجل إنجاح العملية بأسرع وقت، ومنع إراقة مزيد من الدماء».
وكشفت مصادر تركية عن أن الاتصال الهاتفي الذي جرى بين إردوغان وبوتين الأسبوع الماضي حول إدلب شهد توترا بينهما؛ حيث أكد بوتين معارضته للعملية العسكرية التي أعلنت تركيا عنها ضد الجيش السوري في إدلب، كما رفض مقترح انسحاب قوات النظام إلى حدود اتفاق سوتشي 2018، وأصر على مواصلة الهجمات في إدلب. وأضافت، أن إردوغان شدد على ضرورة الالتزام ببنود تفاهم سوتشي، فيما كرر بوتين تأكيده على وجوب احترام سيادة ووحدة الأراضي السورية دون شروط، ما أدى إلى تعميق الفجوة بين الطرفين.
من جانبه، أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن عملية «درع الربيع» في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، تتواصل بنجاح وفق المخطط لها، مشددا على أن تركيا لا ترغب الدخول في مواجهة مع روسيا على أراضي سوريا. وأضاف، في تصريحات أمس، أن العملية العسكرية التركية تأتي في إطار الدفاع المشروع عن النفس وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات أضنة الموقعة مع سوريا عام 1998 واتفاقات سوتشي وأستانة، بهدف توفير الأمن والاستقرار في المنطقة، وحماية حدودنا وشعبنا وإنهاء المأساة الإنسانية في المنطقة.
وأكد الوزير التركي أن القوات المسلحة التركية ردّت وسترد بالمثل وبشكل أقوى على جميع الاعتداءات، مشيرا إلى أنه تم تحييد 2557 من عناصر النظام السوري في إطار عملية «درع الربيع»، بجانب تدمير مقاتلتين و8 مروحيات وطائرتين مسيرتين و135 دبابة و5 منصات دفاع جوي، و16 مضاد طيران، و77 عربة مدرعة، و9 مستودعات ذخيرة. وأكد أكار أن المحادثات بين تركيا وروسيا متواصلة، وأنه لا توجد نية للدخول في مواجهة مع روسيا، معتبرا أن تركيا تقوم بمهمة إنسانية وعسكرية كبيرة من خلال عملية «درع الربيع» في إدلب.
ميدانيا استعادت قوات النظام السوري تقدمها في محاور القتال في إدلب، وأعلن عن سيطرتها الكاملة على مدينة سراقب الاستراتيجية في ريف إدلب، التي تشكل نقطة التقاء بين طريقي حلب - اللاذقية (إم 4) وحلب - دمشق (إم 5) الدوليين اللذين يربطان مناطق عدة، وذلك بعد أن سيطرت عليه الأسبوع الماضي الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا. وأعلن مركز المصالحة الروسي في سوريا، من جهته، انتشار الشرطة العسكرية الروسية في مدينة سراقب جنوب محافظة إدلب، لضمان الأمن وحركة السير على الطريقين الدوليين M4 - M5.
ودفعت تركيا بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى إدلب تتضمن آليات عسكرية بالإضافة إلى تعزيزات من الجنود في ظل استعادة النظام سيطرته على الكثير من القرى والبلدات في جنوب وشرق إدلب. وشنَّت طائرة مسيرة تركية من طراز «بيرقدار»، هجوماً على أحد الموقع العسكرية للجيش السوري في محيط سراقب حيث استهدفت مبنى يحوي شاحنات ذخيرة للقوات السورية. ويقع المبنى المستهدف في حرم جامعة «إيبلا» الخاصة، الذي اتخذته قوات النظام مقراً لها بعد السيطرة على سراقب ونشرت آليات وعتادا كبيرا بداخله.
في غضون ذلك، وصل إلى أنقرة مساء أمس وفد أميركي يضم مبعوث الولايات المتحدة إلى سوريا جيمس جيفري ومندوبة أميركا في الأمم المتحدة كيلي كرافت لإجراء مباحثات مع المسؤولين الأتراك حول الأوضاع في سوريا والتطورات في إدلب. وسيلتقي الوفد خلال تواجده في تركيا، مع ممثلي الأمم المتحدة والمنظمات المدنية، لبحث الأزمة الإنسانية في إدلب. وهذه هي الزيارة الثانية لجيفري إلى تركيا في غضون أسبوعين؛ حيث زار أنقرة منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي بعد تكرار الهجمات على نقاط المراقبة التركية في إدلب، وأكد حينها أن بلاده تريد تقديم أقصى أنواع الدعم للحكومة التركية لمواجهة المخاطر التي تتعرض لها شمال غربي سوريا.
من ناحية أخرى، أعلنت وزارة الدفاع التركية، أمس، تحييد 24 عنصراً من وحدات حماية الشعب الكردية، التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، كانوا يحاولون التسلل من تل رفعت غرب حلب لتنفيذ هجمات في منطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» اللتين تسيطر عليهما تركيا والفصائل الموالية لها.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.