السودان: نائب «السيادي» يطالب بـ«تنازلات» في مفاوضات جوبا

TT

السودان: نائب «السيادي» يطالب بـ«تنازلات» في مفاوضات جوبا

قال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، محمد حمدان دقلو، الشهير بـ«حميدتي»، إن تشكيل المجلس التشريعي الانتقالي وتعيين الولاة المدنيين، يأتيان ضمن استحقاقات الفترة الانتقالية التي تنتظر التوقيع على اتفاق السلام النهائي.
ووصل دقلو إلى جوبا، عاصمة جنوب السودان، أمس، لقيادة الوفد الحكومي المفاوض، ومتابعة عملية السلام بالسودان وجنوب السودان. وحث عقب لقائه رئيس حكومة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة، على الإسراع بإبرام اتفاق سلام يزيل حالة الجمود التي تعاني منها البلاد. وقال إنه يتابع «عن كثب سير المفاوضات بين وفود الحكومة وحركات الكفاح المسلح»، داعياً إلى تجاوز الصغائر وتقديم التنازلات من أجل الشعب السوداني. كما أشار دقلو إلى أن السلام في جنوب السودان يسير بصورة طيبة.
واستأنف وفدا الحكومة و«الحركة الشعبية شمال»، بقيادة مالك عقار، أمس، جولة مفاوضات حول تفاصيل الاتفاق الإطاري الموقع بينهما. وتوقع عضو مجلس السيادة، عضو الوفد الحكومي المفاوض، شمس الدين كباشي، إبرام اتفاق سلام نهائي في القريب العاجل بين الحكومة وفصيل عقار.
وشهدت جولة التفاوض بين الطرفين مراجعة الورقتين السياسية والأمنية التي تم التوافق عليها في الاتفاق الإطاري لإعلان جوبا. وقال كباشي إن توقف التفاوض بين الطرفين، خلال الفترة الماضية، لإتاحة الفرصة للجان الفنية لتفصيل الاتفاق الإطاري الذي تم التوقيع عليه. وأشار إلى أن هناك 15 نقطة وردت في الاتفاق يجري النقاش حولها بين الحكومة و«الحركة الشعبية».
من جانبه، قال رئيس وفد «الحركة الشعبية» المفاوض، ياسر عرمان، إن الطرفين على أعتاب اتفاق نهائي. وأضاف: «ناقشنا كيفية إنشاء عقيدة عسكرية جديدة للجيش السوداني، ومشاركة (الجبهة الثورية) في السلطة في جميع مستويات الحكم الاتحادي والولائي». وأشار عرمان في تصريحات صحافية، عقب جولة التفاوض، إلى أن قضايا منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق تصدرت أجندة النقاش بين الطرفين.
من جهته، قال عضو فريق الوساطة لمحادثات السلام السودانية، ديو مطوك، إن وفدي الحكومة و«الحركة الشعبية» جناح مالك عقار، عادا إلى التفاوض. وأشار إلى أن هناك لجاناً مشتركة بين الطرفين تتحاور حول عدد من القضايا لرفع تقارير بشأنها إلى وفدي التفاوض للبت فيها.
وبدأت بجوبا، أمس، ورشة الترتيبات الأمنية لمسار دارفور بمشاركة خبراء عسكريين من السودان وجنوب السودان ودولة النيجر، تهدف للتوصل إلى تضمينها في ورقة الترتيبات الأمنية.
كانت قوى «إعلان الحرية والتغيير»، المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية، كشفت عن تفاهمات لإشراك الحركات المسلحة في أجهزة السلطة الانتقالية. وفشلت اللجان المشتركة بين الحكومة والفصائل المسلحة (الجبهة الثورية)، في الوصول لصيغة اتفاق يحسم الخلاف حول تشكيل المجلس التشريعي والولاة إلى حين إبرام اتفاق السلام.
في موازاة ذلك، ترى الحكومة أن الأوضاع المعيشية والسياسية في الولايات لا تحتمل مزيداً من التأخير في تعيين ولاة مؤقتين للولايات. وقالت «الجبهة الثورية» إن أي خطوة من الحكومة الانتقالية لتعيين الولاة قبل التوقيع على اتفاق سلام، تعد خرقاً لإعلان جوبا، وتنسف كل ما تم الاتفاق عليه من قبل.
وتسلم رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في 19 فبراير (شباط) الماضي، مرشحي 18 ولاية من قوى «إعلان الحرية والتغيير». ومن المقرر أن يستأنف وفدا الحكومة و«الحركة الشعبية شمال»، بزعامة عبد العزيز الحلو، الحوار بينهما في جولة مفاوضات مرتقبة حول علاقة الدين بالدولة، وحق تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.