الحراك العراقي يواصل احتجاجاته وينقلها إلى «المنطقة الخضراء»

مواجهات مع الأمن في ساحة الخلاني وسط بغداد

متظاهرون يحتجون على تكليف محمد علاوي تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد أمس (أ.ب)
متظاهرون يحتجون على تكليف محمد علاوي تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد أمس (أ.ب)
TT

الحراك العراقي يواصل احتجاجاته وينقلها إلى «المنطقة الخضراء»

متظاهرون يحتجون على تكليف محمد علاوي تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد أمس (أ.ب)
متظاهرون يحتجون على تكليف محمد علاوي تشكيل الحكومة الجديدة في بغداد أمس (أ.ب)

واصلت جماعات الحراك الاجتجاجي في العراق، تظاهراتها الحاشدة في بغداد وبقية الساحات في مناطق وسط وجنوب البلاد، وفيما كان أعضاء البرلمان مجتمعين للتصويت على الكابينة الوزارية الجديدة التي تقدم بها رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، كانت أصوات مئات المتظاهرين تردد بالقرب من مبنى البرلمان هتافات رافضة لحكومة علاوي ومنددة بالسلطة وأحزابها.
وعمدت السلطات الحكومية إلى إغلاق المنطقة الخضراء وجسر السنك المؤدي إليها من جهة الرصافة، لكنها لم تمنع دخول المتظاهرين الذين قدموا من المحافظات للتظاهر في المنطقة الخضراء بعد اتفاق سابق حدث بين المنظمين للتظاهرة مع القيادات الأمنية في بغداد. ولم تشهد المنطقة الخضراء فيما سبق (باستثناء التظاهرة ضد السفارة الأميركية التي نظمتها الفصائل الموالية لإيران) أي وجود لجماعات الحراك فيها منذ انطلاق التظاهرات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتوافد إلى العاصمة بغداد منذ فجر أمس، المئات من محافظات ذي قار والكوت والديوانية وبابل والنجف وكربلاء، للمشاركة في تظاهرات المنطقة الخضراء. واستنادا إلى التعليمات التي أصدرتها اللجنة المنظمة على لسان الناشط علاء الركابي، توزع المحتجون على شكل مجاميع في منطقة العلاوي القريبة من مكتب رئيس الوزراء ووجدت فيها غالبية من شباب محافظة ذي قار. فيما وجد المتظاهرون من محافظات بابل وكربلاء والنجف في ساحة دمشق. وفي ساحة الفارس العربي وجد القادمون من محافظتي ميسان والكوت، وعند ساحة قحطان حضر متظاهرو محافظتي الديوانية والمثنى.
ويقول الناشط علاء الغزي بأن «22 حافلة لنقل الركاب نقلت المتظاهرين من الناصرية إلى بغداد، كذلك قام المتظاهرون في بقية المحافظات في الأمر ذاته ووصلوا العاصمة في ساعات الفجر الأولى». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الهدف من التظاهر في الخضراء تذكير السلطة وأحزابها بعزم المحتجين على الاستمرار مهما كلف الأمر، وأن ما تقوم به قوى السلطة ليس محل ترحيب من المواطنين، كما أنه يظهر حالة من التكاتف بين المنتفضين في جميع الساحات». ورغم أعداد المتظاهرين القليلة التي وصلت من المحافظات إلى المنطقة الخضراء، إلا أن بعض الناشطين نظر إليها بوصفها «جرعة» جديدة لتنشيط الحراك الاحتجاجي بعد التراجع النسبي الذي طرأ عليه مؤخرا.
وبعد الانتهاء من تظاهرات الخضراء، انضم معظم الشباب القادمين من المحافظات إلى المتظاهرين في ساحة التحرير وسط بغداد التي شهدت حضور أعداد غفيرة من الطلبة والمواطنين البغداديين. واحتشد نفق التحرير بمئات الطلبة الذين رددوا شعارات مناهضة للسلطة وأحزابها. وفي فترة ما بعد الظهر، تجددت الاشتباكات بين المتظاهرين والقوات الأمنية بالقرب من ساحة الخلاني ببغداد ما أسفر عن إصابة نحو 15 متظاهرا بحالات اختناق نتيجة استعمال القوات الأمنية القنابل المسيلة للدموع. وأفاد ناشطون، أن متظاهرين من الناصرية ومحافظات أخرى شاركوا رفاقهم في بغداد في المواجهات مع قوات الأمن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».