دعوات في مجلس الأمن لوقف النار في إدلب

أعلن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدء التحضيرات لإرسال بعثة إنسانية أممية إلى إدلب، في وقت أيدت فيه واشنطن موقف أنقرة بضرورة انسحاب قوات النظام السوري إلى خطوط «اتفاق سوتشي». وأيدت الدول الأعضاء في مجلس الأمن وقفاً للنار في إدلب،
ولدى سؤاله خلال لقاء مقتضب مع الصحافة لمعرفة إذا حان الوقت لإرسال موظفين تابعين للأمم المتحدة إلى إدلب لتقييم الوضع فيها، أجاب غوتيريش بأنّ «ثمة بعثة إنسانية قيد التحضير لهذا الغرض بالضبط».
ولم يعطِ تفاصيل حول تشكيلة هذه البعثة، وحول موعد ذهابها إلى إدلب ومدة بقائها هناك.
وقال دبلوماسيون رفضوا الكشف عن هويتهم إنّ البعثة قد تحضر الأسبوع المقبل، وستضم ممثلين عن مختلف وكالات الأمم المتحدة. وبالإضافة إلى الشؤون الإنسانية، قد تضمّ أيضاً ممثلين عن برنامج الأغذية العالمي و«يونيسف».
وأشار غوتيريش إلى أن «الحاجة الأكثر إلحاحاً تكمن في (التوصل) إلى وقف فوري لإطلاق النار، قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة تماماً». وأضاف: «في كل اتصالاتي مع الأطراف المعنية، ليس لديّ سوى رسالة واحدة: اتخذوا خطوة إلى الوراء، بينما أنتم عند حافة التصعيد».
وشدد على أنه «من الضروري أن تتوقف المعارك»، ولكن من دون أن يعلن عن مبادرة أو الإشارة بوضوح إلى روسيا، رغم تنديده باستمرار «الغارات الجوية التي تطال مدارس ومراكز طبية».
وخلال لقائه، الأربعاء، مع الغربيين في مجلس الأمن، طلبت ألمانيا منه التوجه إلى إدلب، بهدف دعم وقف الأعمال القتالية، وتسهيل عبور المساعدات الإنسانية الدولية إلى هذه المنطقة، وفق ما قاله دبلوماسيون.
وأضافت المصادر الدبلوماسية أن غوتيريش رفض، معتبراً أنّ زيارة مماثلة قد تؤدي إلى «نتائج عكسية».
وعقد مجلس الأمن الدولي الجمعة اجتماعاً طارئاً لمناقشة التصعيد الأخير في سوريا، عقب مقتل 33 جندياً تركياً في قصف جوي سوري، ذلك حسبما صرح به الرئيس الدوري لمجلس الأمن السفير البلجيكي مارك بيكستين دي بويتسفيرف لعدد من الصحافيين.
وقال إن الاجتماع جاء بطلب من الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وإستونيا وجمهورية الدومينيكان، التي أعلن عدد منها الدعم لتركيا.
وبعد الهجوم الذي شنه النظام المدعوم من روسيا في محافظة إدلب ليل الخميس، قتل 20 جندياً سورياً في ردّ تركي في إدلب ومحافظة حلب المجاورة، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
والأربعاء، طلب تسعة أعضاء في مجلس الأمن من الأمين العام أنطونيو غوتيريش بذل مزيد من الجهود لوقف إطلاق النار في إدلب. بل طلبت منه ألمانيا التوجه إلى هناك، لكنه رفض قائلاً إن ذلك قد يأتي بنتائج عكسية ويثير حفيظة روسيا، بحسب ما قال مسؤولون.
ومنذ أواخر 2019، تدعم روسيا عملية سورية للسيطرة على إدلب، آخر معاقل الفصائل المسلحة المعارضة لحكومة دمشق. ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، يجهد مجلس الأمن للتوصل إلى حل للنزاع. واستخدمت روسيا الفيتو 14 مرة لمنع قرارات تهدف إلى وقف هجمات عسكرية أو منع عمليات إنسانية لم تحصل على موافقة الحكومة السورية.
وأعلن السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أمام المجلس، أنّ روسيا «مستعدّة للعمل على خفضٍ للتصعيد» في منطقة إدلب، شمال غربي سوريا «مع جميع الراغبين بذلك».
وغداة اعتباره أنّ مجلس الأمن يعقد كثيراً من الاجتماعات المتعلّقة بسوريا، أقرّ الدبلوماسي الروسي بأنّ «الوضع ساء وتوتّر بشدّة» في منطقة إدلب.
ومتحدثاً في اجتماع طارئ لمجلس الأمن، قال نيبينزيا إنه «يوجد حالياً وفد روسي في أنقرة من أجل تهدئة الوضع».
وخلال اجتماع المجلس، وهو السادس حول سوريا منذ بداية فبراير (شباط)، أكّد نيبينزيا مجدداً أن موسكو «لم تُشارك في الهجمات» التي نُسِبَت إلى دمشق، الخميس، وقُتِل فيها بحسب أنقرة، 34 جندياً تركياً.
وأشار السفير الروسي إلى أنّ «الأتراك يُعلمون الروس بمواقعهم بشكل مستمرّ، ويتمّ نقل (هذه الإحداثيّات) إلى الجيش السوري من أجل ضمان أمن» الجنود الأتراك.
وأضاف أنّ «إحداثيّات» المواقع التركيّة التي استهدفتها غارات الخميس «لم تُسَلَّم» إلى الجانب الروسي.
ودعت الغالبية العظمى من أعضاء مجلس الأمن إلى وقف عاجل لإطلاق النار. وقال الأعضاء الأوروبّيون إنّ «التصعيد العسكري في إدلب يجب أن يتوقّف. يجب أن يتوقّف الآن».
واعتبروا أن «هذه الهجمات تظهر أن النظام السوري، بمساعدة ودعم سياسي من روسيا، يواصل استراتيجيته العسكرية بأي ثمن، متجاهلاً عواقب أفعاله ضد المدنيين».
وقالت السفيرة الأميركية كيلي كرافت: «نطالب روسيا بوقف إطلاق طائراتها الحربية فوراً، وندعو جميع القوات السورية ومؤيديها الروس للانسحاب إلى خطوط وقف إطلاق النار التي تم تحديدها عام 2018». وقال المندوب التركي إن قصف النظام لمواقع جيشه كان متعمداً.
وخلال افتتاح الجلسة، اعتبر غوتيريش أن «النزاع قد تغيّرت طبيعته»، مشيراً إلى التصعيد الكبير الذي شهدته إدلب خلال الأيام الأخيرة.