بوريل في الخرطوم: زيارتي رسالة واضحة وقوية للسودان والمنطقة

الاتحاد الأوروبي يضاعف مساعداته المالية إلى 250 مليون يورو

جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي
جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي
TT

بوريل في الخرطوم: زيارتي رسالة واضحة وقوية للسودان والمنطقة

جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي
جوزيف بوريل منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي

أعلن الاتحاد الأوروبي، زيادة مساعداته المالية للسودان، لتصل إلى 250 مليون يورو، لمقابلة احتياجات عملية السلام، والتحول الديمقراطي والإصلاحات الاقتصادية في البلاد.
وانخرط منسق السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، فور وصوله إلى الخرطوم أمس، في مباحثات منفصلة مع كل من رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
ويرافق بوريل في زيارته للسودان التي تستغرق يومين وفد رفيع المستوى من كل إدارات الاتحاد الأوروبي، للتشاور مع المسؤولين السودانيين بشأن التحديات التي تواجه الفترة الانتقالية في السودان.
وبحث بوريل مع رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان، موافقة السودان على التعاون في ملف المحكمة الجنائية الدولية، وطبيعة السلطة المدنية والدعم الذي يمكن أن يقدمه الاتحاد الأوروبي لعملية الانتقال السياسي في البلاد.
واتفقت الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة في مفاوضات السلام الجارية بجنوب السودان على مثول المطلوبين أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في تصريحات صحافية مشتركة مع المسؤول الأوروبي، إن الدعم الاستراتيجي والمستمر الذي ظل يقدمه الاتحاد الأوروبي يصب في مصلحة السودان والمنطقة.
وأشاد حمدوك بمواقف دول أوروبا في مساندة ثورة الشعب السوداني من أجل الحرية والسلام والعدالة.
من جانبه، قال جوزيف بوريل، في تصريحات صحافية، إن لقاءه برئيس الوزراء، رسالة قوية وواضحة بأن الاتحاد الأوروبي يدعم الحكومة الانتقالية في تحقيق التحول والإصلاح الاقتصادي في السودان.
وأشار إلى أن التغيير الذي شهده السودان كان مميزاً ومتفرداً في إرساء قيم الحرية والسلام والعدالة. وقال بوريل إن الاتحاد الأوروبي سيدعم بكل قوة الانتقال السياسي في السودان وبرنامج الحكومة الانتقالية، وعلى وجه الخصوص تحقيق العدالة، بعد إعلان السودان استعداده للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد بوريل استعداد الاتحاد الأوروبي زيادة دعم العملية السياسية بالسودان بأكثر من 100 مليون يورو، تضاف إلى 150 مليون يورو سابقة، بجانب دعم آخر في مجال العون الإنساني سيعلن عنه في زيارته اليوم إلى مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور.
وقال بوريل إن أمام السودان فرصة تاريخية لتحقيق السلام الدائم، وشجع كل الأطراف السودانية على الانخراط في المفاوضات الجارية بدولة جنوب السودان لإنجاز السلام. وأضاف: «إن الاتحاد الأوروبي يرى أن السودان الديمقراطي ضمان للاستقرار في الإقليم».
من جانبه، قال وزير الدولة بالخارجية، السفير عمر قمر الدين، إن الزيارة تؤكد اهتمام العالم والاتحاد الأوروبي بالسودان في هذه المرحلة.
وأكد قمر الدين شراكة السودان والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بتحقيق السلام في ليبيا وجنوب الجنوب وكل الإقليم.
ويزور المسؤول الأوروبي اليوم مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، ويلتقي بوكالات الأمم المتحدة والنازحين والنساء والشباب، كما سيلقي محاضرة بجامعة الخرطوم حول دور الاتحاد الأوروبي في السودان خلال الفترة الانتقالية.
وتعد زيارة جوزيف بوريل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية الأولى للسودان وأفريقيا.
وزار رئيس الوزراء السودان، عبد الله حمدوك، بروكسل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التقى خلالها فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا السابقة للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
وتأتي زيارة بوريل في إطار التزام الاتحاد الأوروبي بدعم الفترة الانتقالية وتعزيز الثقة بين الحكومة والاتحاد الأوروبي ورغبة الطرفين في دفع العلاقات المتبادلة. ووصل بوريل الخرطوم أمس، قادماً من إثيوبيا في زيارة استغرقت يوماً واحداً، التقى خلالها الرئيس آبي أحمد، وناقش المشروعات التي يمولها الاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة غير الشرعية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم