صراع «القوات اللبنانية» و«الوطني الحر» يتجدد باتهامات الفساد

النائب إبراهيم كنعان: لا توجد حالة طلاق كاملة بينهما

صورة أرشيفية للرئيس ميشال عون وسمير جعجع (غيتي)
صورة أرشيفية للرئيس ميشال عون وسمير جعجع (غيتي)
TT

صراع «القوات اللبنانية» و«الوطني الحر» يتجدد باتهامات الفساد

صورة أرشيفية للرئيس ميشال عون وسمير جعجع (غيتي)
صورة أرشيفية للرئيس ميشال عون وسمير جعجع (غيتي)

تجدد الصراع السياسي بين المكونين المسيحيين الأقوى في لبنان، «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، انطلاقاً من الاتهامات المتبادلة والتصويب سلباً على أداء وزراء الطرفين في الحكومات السابقة، بينما تراجع التراشق على خلفية ملفات وخيارات سياسية. وتقدّم عضو «تكتّل لبنان القوي» النائب زياد أسود، بإخبار لدى النيابة العامة التمييزية ضد وزير العمل السابق كميل أبو سليمان (القوات اللبنانية)، اعتبر فيه أن الأخير «اتخذ قرارات خالفت القوانين وتسببت بإهدار المال العام، من خلال إعفاء العمال المصريين من الرسوم والضرائب، وهو ما حرم خزينة الدولة من مبالغ مالية ضخمة، وتسبب في منافسة غير مشروعة للعمال اللبنانيين».
وردّ الوزير السابق كميل أبو سليمان، في بيان مفصل على الإخبار المقدم من النائب أسود، مؤكداً أن القرارات التي اتخذها في وزارة العمل «جاءت منسجمة مع القانون، وأيدتها هيئة التشريع والاستشارات القضائية»، لافتاً إلى أن «التسهيلات التي قدمت للعمال المصريين، جاءت منسجمة مع اتفاقية التعاون بالمثل الموقعة بين وزارتي العمل اللبنانية والمصرية، وانعكست إيجاباً على اللبنانيين العاملين في مصر».
وفيما تتسّع مساحة الخلافات بين الطرفين، بلغت ذروتها مع استقالة وزراء «القوات» من الحكومة السابقة، قبل أيام من استقالة سعد الحريري غداة انطلاق الانتفاضة الشعبية، اعتبرت «القوات اللبنانية» أن الاستهداف المتجدد الذي يطال وزراءها، يأتي في «سياق حروب الإلغاء التي يشنها هذا الفريق عليها منذ ثلاثة عقود».
واعتبر عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب وهبة قاطيشة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حروب التيار على «القوات» لم تتوقف منذ ثلاثين عاماً، لكن ما تغيّر فيها نوع الأسلحة الذي يستخدم في هذه الحروب». وقال «في عام 1990 حاربونا بالسلاح والقوة العسكرية، واليوم يحاربوننا بسلاح إفلاسهم وتركيب ملفات باطلة في حق وزرائنا، معتقدين أن حروبهم ضدّنا تعطيهم مصداقية، لكننا لا نقيم لهم وزناً ولا نحسب لهم أي حساب».
ورغم «تفاهم معراب» الذي وقعه العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع في يناير (كانون الثاني) 2016. وطوى صفحة الصراعات بين الطرفين التي دامت 26 عاماً ومهّد لانتخاب عون رئيساً للجمهورية، سرعان ما عاد الانقسام إلى ما كان عليه، في الأسابيع الأولى لحكومة العهد الأولى، بعد إصرار رئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل، على الاستئثار بحصة المسيحيين في المراكز الأمنية والعسكرية والقضائية والدبلوماسية وفي إدارات الدولة، وفق ما يقول خصومه، وانسحب هذا الوضع على علاقتهما في حكومة العهد الثانية.
وشدد النائب قاطيشة على أن «السبب الرئيسي لهذه الخلافات، هو إصرار وزراء القوات اللبنانية على كشف فساد التيار الحر في الدولة، حيث كانوا يريدون منّا أن نغضّ النظر عن هذا الفساد». وسأل «هل يوجد فريق سياسي في لبنان على علاقة جيدة مع التيار الحرّ، باستثناء فريق واحد يغطي فسادهم مقابل السكوت عن سلاحه (حزب الله) وهيمنته على القرار السيادي في البلد؟».
واعترف قاطيشة بأن «كل خطوط التواصل مقطوعة مع فريق لا يمتلك الأخلاقية الوطنية، ولا يقيم وزناً لأي عهد أو ميثاق أو اتفاق».
ويأتي تجدد الاتهامات بين الطرفين نتيجة تراكمات، ورفض كل منهما لمقاربة الآخر في معالجة الكثير من الملفات، وعبّر مصدر في التيار الوطني الحر، عن استغرابه لأن «القوات اللبنانية لا تفتح النار إلا على التيار وأدائه، وتتناسى أطرافاً أخرى غارقة في الفساد».
وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن التيار «ليس مسؤولاً عن السياسات المالية المعتمدة منذ ثلاثين عاماً، بينما تصر القوات على تحميل التيار وزر كل هذه الأزمات».
وقال «يتهموننا بالفساد في ملف الكهرباء، ونحن نطالبهم بأن يذهبوا إلى القضاء لتقديم مستنداتهم، وسنكون تحت سقف القانون ونخضع للمحاسبة».
وأضاف المصدر «لماذا يصوبون على ملفات يتسلمها التيار، ويتناسون فساد حلفائهم في الملفات الأخرى، حيث مغارة علي بابا؟».
في غضون ذلك، أعلن رئيس لجنة المال والموازنة، النائب إبراهيم كنعان، أنه «لا توجد حالة طلاق كاملة مع القوات، بل التقاء في ملفات وخلاف في أخرى»، مشيراً في حديث في حديث إذاعي إلى أن «الأمور وصلت في ملف الكهرباء، مثلاً، إلى اتهامات نعتبرها غير مقبولة وتضر بالعلاقة والأجواء». وأضاف كنعان «من الجرأة بمكان اتخاذ المبادرة إلى إعادة تقييم المسار لردم الهوة لأن الوقت للإنقاذ لا للاتهامات».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.