فرنسا تشجب خطط البناء الاستيطاني الإسرائيلي في مناطق «إي 1»

تقرير فلسطيني يتهم نتنياهو بالتوسع الهستيري لأغراض انتخابية

مستوطنة رامات شلومو شرق القدس (أ.ف.ب)
مستوطنة رامات شلومو شرق القدس (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تشجب خطط البناء الاستيطاني الإسرائيلي في مناطق «إي 1»

مستوطنة رامات شلومو شرق القدس (أ.ف.ب)
مستوطنة رامات شلومو شرق القدس (أ.ف.ب)

شجبت فرنسا أمس، إعلان إسرائيل نيتها القيام بأعمال بناء في المنطقة الواقعة بين القدس ومعاليه أدوميم والمعروفة بمنطقة «إي 1». وقالت وزارة الخارجية في باريس إن هذه المنطقة لها أهمية استراتيجية بالنسبة لحل الدولتين والتواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المستقبلية.
ودعت فرنسا إسرائيل إلى العدول عن خططتها هذه والامتناع عن اتخاذ أي خطوة أحادية الجانب. ورأت باريس أن الاستيطان بكل أشكاله يتنافى والقانون الدولي ويقوّض حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد الكفيل بالتوصل إلى سلام عادل وقائم في المنطقة.
والموقف الفرنسي جاء بعد ساعات من موقف الاتحاد الأوروبي الذي انتقد سياسة إسرائيل الاستيطانية، داعياً إياها للتخلي عن خططها لبناء 3500 وحدة سكنية بمنطقة «E1» بين مستوطنة معاليه أدوميم، والقدس الشرقية.
وأكد مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في بيان له، أن تنفيذ الخطة التي وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتفعيلها، الثلاثاء الماضي، «سيؤدي إلى قطع الاستمرارية الجغرافية والإقليمية بين القدس الشرقية والضفة الغربية، وسيفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها».
وشدد بوريل على أن النشاط الاستيطاني «غير شرعي بموجب القانون الدولي»، مجدداً دعوة الاتحاد الأوروبي لسلطات الاحتلال الإسرائيلي وقف الاستيطان والامتناع عن أي خطوات تروج لخطط البناء هذه. وحث الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على الانخراط في الحوار والامتناع عن أي عمل أحادي الجانب يقوض حل الدولتين. وكان نتنياهو قد أعلن عن بناء نحو 3500 وحدة استيطانية جديدة في منطقة «إي 1» على مشارف القدس، مُحْيياً بذلك مشروعاً قديماً تم تجميده بسبب معارضة الإدارة الأميركية السابقة وانتقادات دولية كبيرة.
وقال نتنياهو في كلمة: «أصدرت توجيهات... بشأن خطة بناء 3500 وحدة سكنية في المنطقة (إي – 1)»، مضيفاً: «لقد تأخر هذا لمدة ست أو سبع سنوات». وتضمنت الخطة الإسرائيلية توسيع مستوطنة معاليه أدوميم وربطها بالقدس، ما يعني عملياً قطع وسط الضفة الغربية وإنهاء أي تواصل جغرافي. ورفضت الرئاسة الفلسطينية خطة نتنياهو وحذّرت من أنه يدفع الأمور نحو الهاوية.
وأرسل المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، أول من أمس (الجمعة)، ثلاث رسائل متطابقة إلى كلٍّ من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (بلجيكا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة حول مواصلة «إسرائيل» سعيها المسعور لمخططاتها الاستيطانية غير القانونية في دولة فلسطين المحتلة. وأكد منصور في رسائله أن ذلك شجع «إسرائيل» على الإفلات من العقاب واستغلالها للوضع بعد عرض الخطة الأميركية للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
ونوه إلى قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التعهد ببناء 3500 وحدة استيطانية غير قانونية جديدة في منطقة تسمى «إي 1»، بهدف ربط مستوطنة معاليه أدوميم غير القانونية بالقدس.
ورأى أن هذه الخطط ليست فقط خرقاً خطيراً لاتفاقية جنيف الرابعة، وبالتالي فهي تشكّل جرائم حرب، ولكنها تهدد أيضاً بقطع الأجزاء الشمالية والجنوبية من الضفة الغربية تماماً وعزل القدس تقريباً، مما يقوض تماماً تواصل الأراضي.
واتهم تقرير فلسطيني رسمي صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، نتنياهو، بإصدار أوامر هستيرية للتوسع الاستيطاني، لاستمالة أصوات المستوطنين في انتخابات الكنيست المقررة، غداً (الاثنين).
وأضاف المكتب الوطني في تقريره الأسبوعي حول الاستيطان، الذي صدر أمس (السبت)، أن نتنياهو وعد ناخبيه بتنفيذ «صفقة القرن»، وضم مناطق في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، غير مكترث بالرفض والإدانات الدولية لهذا الإجراء المخالف للقانون الدولي.
وأشار التقرير إلى أن نتنياهو أصدر تعليمات لبناء 3500 وحدة استيطانية في المنطقة المسماة «E1» الواقعة بين مستوطنة معاليه أدوميم والقدس المحتلة في تحدٍّ صارخ لجميع القرارات الدولية، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن (2334). كما صادق ما يسمى المجلس الأعلى للتخطيط التابع لسلطات الاحتلال، على مخطط استيطاني كبير، لإنشاء حي سكني بهدف توسيع مستوطنة «هار حوما» على جبل أبو غنيم من خلال بناء 2200 وحدة استيطانية، ومخطط بناء 3000 وحدة أخرى في مستوطنة «جفعات همتوس»، كان قد تم تجميد البناء فيها بضغوط دولية منذ أعوام سابقة.
وأضاف أن ما تسمى اللجنة العليا للتخطيط والبناء التابعة للاحتلال صادقت على بناء مئات الوحدات الاستيطانية في المستوطنات المقامة في الضفة الغربية المحتلة، حيث يدور الحديث عن بناء 741 وحدة في مستوطنات «هار براخا» و«عيلي» جنوب نابلس، و«بسغات زئيف» شمال القدس المحتلة، وإقامة منطقة صناعية استيطانية هي الأضخم في الضفة جنوب قلقيلية، مخصصة للصناعات التكنولوجية، حيث ستقام قرب مستوطنة «شمرون» شمال الضفة.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن تُبنى المنطقة الصناعية على مساحة نحو 3000 دونم، ومن المقرر إنشاء محطة قطار إلى جانبها، وتوسيع مستوطنة «يتسهار» قرب نابلس، وإنشاء حديقة ومكان للسيارات و120 غرفة فندقية في قلب وادي الأردن.
كما صادقت سلطات الاحتلال على بناء 1800 وحدة استيطانية في مستوطنات «ألون موريه، ومعاليه شومرون، ونوكديم تسوفيم، وبراخا، وكرني شومرون» بما في ذلك 620 وحدة في مستوطنة «عيلي» و534 في مستوطنة «شيفوت راحيل» المجاورة لمستوطنة «شيلو».
وذكر التقرير أن نتنياهو قرر إمداد عشرات البؤر الاستيطانية بالكهرباء، ويشمل القرار 12 بؤرة من شمال الضفة إلى جنوبها، تمهيداً لتسوية أوضاعها، وهذه البؤر هي «نوفي نحميا، وحفات يئير، وجبعاه851، ومعوز تسفي، وشحريت، وبني كيدم، وتقوع، ونغهوت معراب، وجبعات أبيغيل، وعشهال، إيشكوديش، وإحيه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.