موسكو تحذر من حملة غربية ضد «محور أستانة»

TT

موسكو تحذر من حملة غربية ضد «محور أستانة»

تزامن تأكيد الخارجية الروسية عزمها على مواصلة المشاورات مع الجانب التركي لتهدئة الوضع في منطقة إدلب، تحضيرا للقمة الروسية – التركية المرتقبة الخميس المقبل، مع بروز مؤشرات إلى فتح جبهة دبلوماسية جديدة ضد موسكو، على خلفية التطورات الجارية في إدلب، تمثلت في حملة مشتركة تقودها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لتقويض «مسار أستانة» وإعلان فشله في المحافظة على نظام التهدئة في سوريا، ومطالبة الأمم المتحدة باستعادة زمام المبادرة في هذا المجال.
ولم تصدر الخارجية الروسية تعليقا رسميا أمس، على الرسائل التي حملتها خطابات المندوبين الدائمين للبلدان الغربية الثلاثة في مجلس الأمن، خصوصا في إطار تركيز الأطراف على «انتهاء» التحرك في إطار مسار أستانة، وضرورة العودة إلى الآليات الدولية التي ترعاها المنظمة الأممية، كما لفت الانتباه أن المندوبين الثلاثة تحدثوا بشكل متطابق تقريبا حول أن روسيا عمدت إلى استغلال قرارات أستانة للانقضاض على مناطق خفض التصعيد في غوطة دمشق وفي منطقة الجنوب ولاحقا في إدلب.
لكن تعليقات دبلوماسيين ومحللين في روسيا عكست استعداد روسيا لمواجهة الحملة الجديدة، خصوصا في إطار «سعي الغرب إلى استغلال الوضع الحالي في إدلب لتوسيع الهوة مع أنقرة» وفقا لمعلق سياسي. ونقلت وسائل إعلام عن مصادر دبلوماسية أن «الغرب يتجاهل بشكل متعمد أن مسار أستانة نجح في ترسيخ وقف النار على غالبية الأراضي السورية، وجرى تخفيف حدة العنف في سوريا خلال العام الماضي بإقرار الأمم المتحدة».
وأعادت وكالة «نوفوستي» الحكومية التذكير بكلمات الوزير سيرغي لافروف، حول أنه «بينما كان الغرب يعمل لتأجيج الصراع من خلال التدخل واستخدام الإرهاب في محاولات إطاحة النظام الشرعي، فإن مسار أستانة نجح في إطلاق التطبيق العملي الوحيد لقرارات مجلس الأمن حول ضرورة فتح حوار بين السوريين ووضع آليات للتهدئة وتثبيت نظام وقف النار».
إلى ذلك، تركت الخارجية الروسية الباب مفتوحا أمام عقد جولات جديدة من الحوار مع تركيا بهدف محاولة التوصل إلى آليات مشتركة لتهدئة الوضع في إدلب، لعرضها على اللقاء الرئاسي المنتظر الخميس المقبل وفقا لتأكيد الكرملين.
وأكدت الوزارة في بيان عقب انتهاء جولة المحادثات الأخيرة أول من أمس، أن البحث تطرق لـ«خطوات محددة» للتهدئة، تقوم على أساس مذكرتي 2017 و2018 (الاتفاقان بين موسكو وأنقرة بشأن إدلب والوضع في شمال غربي سوريا).
ووفقا للخارجية فقد «أكد الجانبان مجددا تركيزهما على ضرورة الحد من التوتر على الأرض مع الاستمرار في محاربة الفصائل الإرهابية المدرجة دوليا على لوائح مجلس الأمن، فضلا عن وضع آليات مشتركة لتقديم المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين إليها».
وأعادت الخارجية التأكيد على أن أحد الأسباب الرئيسية لتدهور الوضع في إدلب يكمن في عدم الامتثال للاتفاق الروسي التركي الذي نظم حضور الجيش التركي في منطقة خفض التصعيد في إدلب، شريطة أن يتم سحب جميع الجماعات الإرهابية المتطرفة من هذه المنطقة.
في الأثناء، أشار برلمانيون روس إلى أن موسكو رفضت طلبا تركيا بعدم تدخل القوات الروسية في المواجهة المتصاعدة مع الجيش النظامي في منطقة إدلب. وكانت مصادر تركية قالت بأن الرئيس رجب طيب إردوغان طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفية جرت مساء أول من أمس، التزام الحياد وترك الجانب التركي ليواجه الجيش السوري «وجها لوجه» لكن رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الدوما دميتري نوفيكوف قال بأن موسكو «لا يمكن أن تقبل بهذا العرض، لأن تركيا لا تملك أي حق أو صلاحية تسمح لها بتحديد مصير سوريا».
وزاد أن السلطات السورية لم تخول الجانب التركي بذلك، و«لم تمنح أي قرارات من الأمم المتحدة، تركيا مثل هذه الصلاحيات».
ووفقا للبرلماني الروسي، «تحاول القيادة التركية في الوقت الحالي الحصول على احتكار حق التدخل في الشؤون السياسية الداخلية لسوريا، والبدء بشكل عشوائي في إملاء إرادتها على الدول الأخرى. مثل هذه الأعمال غير مقبول على الإطلاق».
في غضون ذلك، برز تشكيك روسي باحتمال أن تذهب واشنطن نحو «تدخل أنشط» في الوضع المتدهور في إدلب، وقال خبراء روس بأن موسكو تبدو مطمئنة إلى أن واشنطن لم تقدم على مسعى لتدخل مباشر في الوضع على الأرض، وأن البيانات التي تصدر عن واشنطن وعواصم غربية تحمل «دعما سياسيا ورمزيا من الصعب أن تتم ترجمته إلى تصرفات عملية».
وقال قسطنطين سيفكوف، رئيس أكاديمية المشكلات الجيوسياسية إن الولايات المتحدة تقدم إعلانات صاخبة فقط لدعم أنقرة، و«لا ينبغي توقع إجراءات حقيقية في سوريا من جانبها».
وقال سيفكوف بأن «هذه التصريحات من جانب الأميركيين تهدف إلى دفع أنقرة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسماً ما يمكن أن يتسبب في إطلاق العنان للحرب الروسية التركية في سوريا».
وأعرب الخبير عن قناعة بأنه «إذا بدأت الأعمال العدائية، لن يدعموا تركيا في أي مواجهة مع روسيا».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».