موسكو تنشط اتصالاتها مع الفلسطينيين في ملفي المصالحة و«خطة ترمب»

هنية يقود وفد «حماس» ويلتقي لافروف غداً... بعد محادثات روسية مع قيادة «فتح»

TT

موسكو تنشط اتصالاتها مع الفلسطينيين في ملفي المصالحة و«خطة ترمب»

أبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» أن وفداً من حركة «حماس» يصل إلى موسكو اليوم (الأحد)، في زيارة تعد الأولى لقيادة الحركة منذ سنوات.
ويرأس الوفد رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، ويضم عدداً من القياديين فيها. وكان من المفروض وفقاً لمعلومات المصدر، أن يشارك مسؤول المكتب السياسي في غزة يحيى السنوار في هذه الزيارة، لكن التصعيد الأمني الذي وقع مع الإسرائيليين خلال الأيام الماضية حال دون ذلك. وينتظر أن يشمل جدول أعمال الزيارة، محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف تجري غداً (الاثنين)، تليها جولة مباحثات تفصيلية مع نائب الوزير ومبعوث الرئيس الروسي إلى منطقة الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف. كما تشمل تحركات الوفد في العاصمة الروسية لقاءات في مجلسي الدوما (النواب) والفيدرالية (الشيوخ) الروسيين، وعدداً من اللقاءات مع مسؤولين حكوميين روس، فضلاً عن لقاء في مجلس الإفتاء الروسي وآخر في بطريركية الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في موسكو. وكان بوغدانوف وضع ترتيبات الزيارة مع قيادة «حماس» الأسبوع الماضي، خلال زيارته إلى الدوحة التي يقيم فيها هنية حالياً، علماً بأن موسكو كانت أرجأت أكثر من مرة خلال السنة الأخيرة زيارة الحركة بسبب اعتراضات من جانب السلطة الفلسطينية.
ولفت المصدر إلى أن تغير الظروف الدولية خصوصاً بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطته للسلام في المنطقة، أسهم في تسريع وتيرة الاتصالات الروسية مع الأطراف الفلسطينية. وقال إن خطة ترمب و«الرؤية لمرحلة ما بعد طرح الخطة الأميركية» تشكلان أبرز المحاور للبحث خلال المباحثات المنتظرة مع وزير الخارجية ونائبه، في إشارة إلى أهمية المشاورات التي تجريها روسيا لاستخلاص آليات التحرك اللاحقة.
وأشار إلى أن موسكو تولي أهمية خاصة كذلك لملف المصالحة الفلسطينية وضرورة تسريع الخطوات لتجاوز الوضع الحالي وتعزيز تماسك البيت الفلسطيني.
وكان وزير الخارجية سيرغي لافروف أكد في السابق أهمية أن يستعيد الطرف الفلسطيني وحدته ورؤيته المشتركة ليكون قادراً على تمثيل الفلسطينيين في أي مفاوضات مقبلة، في إشارة إلى الموقف الإسرائيلي الذي طرح أكثر من مرة في السابق بـ«عدم وجود شريك فلسطيني قادر على فرض تنفيذ أي اتفاق يتم التوصل إليه في غزة والضفة الغربية معاً».
ولم يستبعد المصدر أن يكون موضوع استضافة روسيا جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف الفلسطينية مطروحاً على طاولة البحث خلال المحادثات مع قيادة «حماس»، لكنه لفت إلى أن موسكو «لديها الرغبة في سماع مواقف الأطراف الفلسطينية وتأكيد رغبتها في إنجاح أي جلسات للحوار حتى لا تتكرر مواقف سابقة عندما دعت موسكو الفصائل الفلسطينية وفشلت الأخيرة في تقريب وجهات النظر فيما بينها».
وكانت موسكو استضافت جولتي حوار بين الفصائل الفلسطينية انتهت من دون تحقيق تقدم، وفشلت الأطراف الفلسطينية مطلع العام الماضي، في التوافق على صيغة بيان مشترك، كانت موسكو تأمل في أن صدوره يمكن أن يمنحها ورقة قوية لتنشيط التحرك الروسي في الملف الفلسطيني.
وبرز الخلاف في حينها حول مسألتي تمثيل منظمة التحرير لكل الفلسطينيين والإصرار من بعض الأطراف على عدم إدراج القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، وهو ما أسفر عن انسحاب بعض الفصائل الفلسطينية من دون التوقيع على الوثيقة الختامية، ما أثار استياء واسعاً لدى روسيا في حينها.
وبالتوازي مع استقبالها قيادة حركة «حماس» نشطت موسكو في الفترة الأخيرة، اتصالاتها مع القيادة الفلسطينية، وبعد زيارة لمستشار الرئيس نبيل شعث قبل نحو أسبوعين، أجرى لافروف قبل أيام محادثات مع القيادي في حركة «فتح» حسين الشيخ تمحورت حول الملفات المطروحة ذاتها. وأشارت مصادر روسية إلى أن موسكو تعمل من خلال تنشيط اتصالاتها مع الأطراف الفلسطينية على دفعها لتبني مواقف موحدة، بما يعزز مجالات طرح رؤية بديلة للتعامل مع الخطة الأميركية المقترحة. وفي الوقت ذاته، تعمل موسكو وفقاً للمصدر على مواصلة جهودها في مجال تقديم الدعم للمؤسسات الفلسطينية المختلفة، لمواجهة الأزمة المالية والضغوط التي تتعرض لها.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».