تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية

مزيج الطاقة وربط شبكات الكهرباء إقليمياً

تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية
TT

تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية

تحوُّلات غير مسبوقة في سوق الطاقة العالمية

تعتمد سنغافورة على الغاز المستورد في توليد 95 في المائة من الكهرباء التي تحتاجها، مما يجعل مستهلكي الطاقة في البلاد معرضين لتقلبات أسعار النفط والغاز العالمية. ومع ضيق مساحات الأرض على الجزيرة الآسيوية، يهدف استثمار بقيمة 20 مليار دولار لتوفير الكهرباء لسنغافورة عبر ربطها بكابل بحري مع محطة للطاقة الشمسية تقام في أستراليا. هذه المحطة الشمسية ستكون الأضخم عالمياً بمساحة تقارب 15 ألف هكتار، وستولد نحو 10 غيغاواط من الطاقة تكفي لتوفير 20 في المائة من حاجة سنغافورة للكهرباء.
وعلى الأراضي الأسترالية أيضاً، تسعى شركة مطورة لإقامة أضخم محطة هجينة، تعمل بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتوليد الكهرباء والاستفادة منها جزئياً في إنتاج الوقود الهيدروجيني عن طريق تحليل الماء. وتهدف فكرة المشروع، الذي تبلغ استطاعته 15 غيغاواط، إلى تغيير موقع أستراليا على خريطة الطاقة العالمية من بلد مصدِّر للفحم والغاز الطبيعي إلى بلد رائد في إنتاج الطاقة النظيفة.
وتشير التقديرات إلى أن استغلال أراضي الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا عبر إقامة مزارع ريحية ومحطات للألواح الكهروضوئية يكفي وحده لتلبية احتياجات العالم من الطاقة بجميع أشكالها. وفي الولايات المتحدة، تثبت الطاقة الشمسية أنها المصدر الأكثر استقطاباً للاستثمارات الجديدة، متقدمة على الغاز الطبيعي وطاقة الرياح، على الرغم من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الألواح الشمسية المستوردة.
إن محطات الطاقة المتجددة المنتشرة حول العالم، مثل نور ورزازات في المغرب، إلى جانب المشاريع الضخمة في الهند والصين والمكسيك والولايات المتحدة والسعودية والإمارات، أخذت تشغل مساحات واسعة من الأراضي وتمتد ضمن المناطق الساحلية لتغيُّر فعلياً خريطة الطاقة العالمية، مع ما يعنيه ذلك مستقبلاً من تبدلات جيوسياسية.
وإذا ما استبعدنا التدخل الحكومي في توجيه مزيج الطاقة في كل بلد عبر الدعم المالي، فتتحول الطاقة المتجددة سريعاً إلى المصدر الأرخص والأكثر جدوى للحصول على الكهرباء. ولمدة 300 يوم متتالية، نجحت كوستاريكا في توليد الكهرباء باستخدام مزيج من الطاقة الكهرومائية وطاقة الحرارة الأرضية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، من دون الحاجة إلى حرق الوقود.
وبشكل مشابه، اختبرت البرتغال بنجاح الاعتماد على الطاقة المتجددة لمدة أربعة أيام، وكذلك فعلت بريطانيا التي استمرت في توليد الكهرباء لمدة ألف ساعة من دون حرق الفحم. وفي الولايات المتحدة، أصبحت عروض تركيبات الطاقة المتجددة منخفضة للغاية، حتى أن تكلفة توليد الكهرباء من طاقة الرياح مع تخزينها للاستخدام في ساعات الذروة في كولورادو تراجعت إلى ما دون 75 في المائة من تكلفة إنتاج الكهرباء بحرق الفحم. ومع انخفاض تكاليف توليد الكهرباء من المصادر المتجددة، لا سيما الطاقة الشمسية، أصبح تحوُّل العالم إلى المصادر المتجددة لتلبية معظم احتياجاته هدفاً قريب المنال. ويخلص تحليل لمعهد روكي ماونتن، نشره المنتدى الاقتصادي العالمي في 2018، إلى ضرورة مراجعة جدوى الاستثمار في تعديل البنى التحتية للتحول من الفحم إلى الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة في محطات توليد الكهرباء. ويتوقع التحليل أن تفعل الطاقة المتجددة بالغاز الطبيعي ما فعله الأخير بالفحم، لأن مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح تتمتع الآن بأدنى التكاليف مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى.
وفيما تشير التقديرات إلى أن مستقبل الصناعات سيرتبط إلى حد بعيد بقدرة البلدان على إنتاج أو توريد الألواح الشمسية والبطاريات، أصبح الاستثمار في الطاقة الشمسية فرصة واعدة في الكثير من البلدان التي توفر المزيد من التسهيلات للتوصيل بين شبكات الكهرباء المحلية، كما في ألمانيا والولايات المتحدة. وأياً تكن المقاصد والأغراض، فإن هذه الشبكات المحلية في طريقها لتصبح شبكة عالمية مترابطة شأنها شأن الإنترنت، وهذا سيجعل تخزين الطاقة هدفاً تقنياً استراتيجياً تسعى إليه الشركات والدول.
هذا الصعود السريع للطاقة المتجددة، بفضل جدواها الفنية والمالية، سيدفع سوق الطاقة العالمية للقيام بتحولات غير مسبوقة، مثلما فعلت ألمانيا بإعلانها إغلاق جميع محطات طاقة الفحم على أراضيها خلال 20 سنة، وكما فعلت الهند بالتخلي عن خطط بناء المحطات العاملة على الفحم بسبب انخفاض تكلفة الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية.
وفي اليابان، يجري تنفيذ مشروع لإقامة 11 محطة شمسية و10 مزارع ريحية على أراض مهجورة أو ملوثة في مقاطعة فوكوشيما. ويهدف المشروع الجديد، الذي تبلغ قيمته 2.7 مليار دولار، إلى تحويل المنطقة، التي شهدت واحدة من أسوأ الكوارث النووية سنة 2011، إلى مركز للطاقة المتجددة في إطار خطة المقاطعة بالحصول على كامل طاقتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول 2040.
حتى في أكثر الدول اعتماداً على الوقود الأحفوري، تعمل كل من السعودية والإمارات على ضخ استثمارات ضخمة في مشاريع الطاقة المتجددة داخل البلاد وخارجها. وفي إطار التحوُّل للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 75 في المائة بحلول 2050 تبنى الإمارات ما قد يصبح أضخم مجمع للطاقة الشمسية باستطاعة تصل إلى 5000 ميغاواط في سنة 2030. وفي السعودية، من المتوقع أن تبلغ الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة خلال السنوات الخمس القادمة ما بين 30 و40 مليار دولار، علما بأن البلاد تسعى للاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 30 في المائة بحلول 2030.
وفي طريقها لتحقيق هدفها بزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء لتصبح 42 في المائة بحلول 2035، تعمل مصر حالياً على تنفيذ مجموعة من مشاريع الطاقة العملاقة. ويتصدر هذه المشاريع محطة الطاقة الشمسية الأضخم عالمياً في بنبان بأسوان، التي ستولد 1600 ميغاواط بتقنية الخلايا الكهروضوئية، ومحطة طاقة الرياح الأضخم عالمياً في جبل الزيت بالبحر الأحمر التي تصل قدرتها الإجمالية إلى 580 ميغاواط.
وتنعكس تحوُّلات سوق الطاقة العالمية على توجهات مؤسسات التمويل الدولية، التي تحاول الابتعاد شيئا فشيئاً عن الاستثمارات الملوثة في مقابل توفير السندات الخضراء وتقديم التسهيلات للمشاريع التي تراعي الاعتبارات البيئية. وكان بنك الاستثمار الأوروبي أعلن أنه سيخصص، اعتباراً من سنة 2021. مبلغ 1.1 تريليون دولار لاستثمارات مواجهة تغيُّر المناخ، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة ومشاريع التكيف مع التغيُّر المناخي. ويدخل في هذا الإطار تطوير تقنيات مأمونة وغير مُكلفة لجمع الكربون من عمليات حرق الوقود، وتخزينه على نحو سليم. وهذا تطوُّر ضروري، إذ سيبقى للنفط والغاز دورٌ مهم في مزيج الطاقة.
لقد أبرزت التطورات المتسارعة في قطاع الطاقة الحاجة إلى مواكبة التغيُّرات الحاصلة بأساليب غير تقليدية، تقوم على تنويع مصادر الطاقة بما يناسب أوضاعها والتزاماتها الدولية. ووحدها البلدان التي تعمل في الوقت المناسب وتحدّث سياساتها قبل فوات الأوان يمكنها الفوز بموقع على خريطة الطاقة العالمية الجديدة. وفي جميع الحالات، يبقى ربط الشبكات على المستوى الإقليمي من أهمّ ضرورات تحقيق كفاءة إنتاج الكهرباء واستهلاكها، مهما كان المصدر.


مقالات ذات صلة

عُمان وبوتسوانا توقعان اتفاقيات لتعزيز الشراكة في الطاقة والتعدين

الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (الشرق الأوسط)

عُمان وبوتسوانا توقعان اتفاقيات لتعزيز الشراكة في الطاقة والتعدين

وقّعت سلطنة عُمان وبوتسوانا، يوم السبت، اتفاقيات تهدف إلى وضع اللبنة الأولى لشراكة استثمارية طويلة الأجل تشمل قطاعات الطاقة والتعدين.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
يوميات الشرق الخلايا الشمسية الجديدة تبقى فعالة عند درجات حرارة مرتفعة (جامعة سنغافورة الوطنية)

خلايا شمسية جديدة عالية الكفاءة مقاومة للحرارة

طوّر فريق بحثي بجامعة سنغافورة الوطنية مادة مبتكرة لتعزيز استقرار الخلايا الشمسية الهجينة المكوّنة من البيروفيسكايت والسيليكون.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركز التحكم التابع لهيئة الربط الكهربائي الخليجي في الدمام (الموقع الإلكتروني للهيئة)

«هيئة الربط الخليجي» تخطط لاستثمار 3.5 مليار دولار لتصبح مركزاً إقليمياً لتصدير الكهرباء

قال أحمد الإبراهيم الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي الخليجي إن الهيئة تتطلع إلى أن تصبح مركزاً إقليمياً لتصدير الطاقة إلى الدول المجاورة.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
الاقتصاد شعار شركة «شل» (رويترز)

«شل» تتخارج من مشروعين لطاقة الرياح قبالة سواحل المملكة المتحدة

أعلنت شركة شل، يوم الاثنين، أنها تخارجت من مشروعيْ «مارام ويند» و«كامبيون ويند» قبالة سواحل أسكوتلندا، بعد مراجعة استراتيجية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رجل ينظّف ألواحاً في محطة للطاقة الشمسية بالهند (إكس)

الهند تقلّص من مشروعات الطاقة الشمسية

تعاني شبكة الطاقة الهندية من استيعاب زيادة بألواح الطاقة الشمسية، ما أدى إلى مزيد من الخفض الذي يهدد بناء أنظمة الطاقة المتجددة، ويؤكد الحاجة إلى تخزين الطاقة.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.