تعرّف إلى المطبخ «الناغالاندي» في شمال الهند

المطبخ الهندي ليس مطبخاً واحداً متماسكاً كما يتخيل البعض، فللمناطق الساحلية مطابخها، وللمناطق الريفية مطابخها الأخرى، وللمناطق الجبلية وصفاتها أيضاً، وهذا ينطبق على مختلف المناخات والاتجاهات، إذ للجنوب مطابخه، وللغرب وللشرق وللشمال مطابخهم الخاصة بهم، وللشمال الشرقي مطابخه المختلفة طبعاً. ومن المعروف أن مطبخ الشمال من أعرق وأرقى المطابخ في البلاد على كثرتها. ومن هذه المطابخ تلك المعروفة عالمياً، كالمطبخ البنغالي والمطبخ العوادي والمطبخ الكشميري والراجستاني والبراديشي والمغولي، ومطابخ أخرى كالمطبخ البيهاري والكامواني والبوجبوري. وتضم أيضاً المناطق الشمالية الشرقية مطابخها الخاصة بها، وعلى رأسها المطبخ الأسامي والمانيبوري والتريبوري والأخونيي والأونلايي والمطبخ الغوت روتياوي والمطبخ الثوكبي والأناغالاياني والأميزورامي والأروناكاليسي والسيكيميسي والناغالاندي أو مطبخ الناغا.
المطبخ الناغالاندي واحد من أكثر المطابخ الهندية تميزاً وفرادة، ويعود إلى ولاية ناغالاند، والسكان الناغا الذين يتوزعون على 16 قبيلة في المناطق الجبلية لهذه المقاطعة الصغيرة (أصغر مقاطعات البلاد) والمميزة التي تحتفظ كل قبيلة من قبائلها بلغتها وعاداتها وتقاليدها الخاصة بها. يقال إن الناغا تاريخياً جاءوا من ميانمار (بورما سابقاً) ويقال أيضاً إنهم جاءوا إلى الهند من الصين، إلا أن الأصح أنهم جاءوا من شرق الهند. وبعد الاستعمار البريطاني أصبحت اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية للمقاطعة، واعتنق السكان الديانة المسيحية، وأصبحت من أكثر الولايات تعليماً.
مهما يكن، فإن ثمانين في المائة من الأراضي تستصلح لزراعة الأرز. ويعتبر القطاع الزراعي أهم القطاعات في المقاطعة. كما تعرف المقاطعة بعدد آخر من المحاصيل، وعلى رأسها الدخن والذرة والبقول وقصب السكر والبطاطا والبن والشاي والهال والذزبان والبذور الزيتية، وغيرها.
ويعرف عن أهل ناغالاند أنهم كرماء، ويقدمون كثيراً من الأطباق للضيوف، كما أنهم من المجموعات والقبائل التي تعطي أهمية كبيرة للعزائم الفاخرة، ويمنحون لعملية التحضير أهمية كبرى.
ولا بد من أن نذكر هنا أن المقاطعة موطن ما يعرف بالفلفل الشبح، أو الـ«ناغا جولوكي» الذي يعتبر أكثر أنواع الفلفل حرارة في العالم، إذ إن حرارته أقوى 400 مرة من الفلفل الحار العادي، وتبلغ قوته أكثر من مليون وحدة سكوفيل. ويستخدم السكان بسبب المناطق الجبلية كثيراً من اللحوم والأسماك والمواد المخثرة في مطبخهم وأطباقهم الكثيرة. ولا عجب من أن يكون طبق الولاية طبقاً من اللحم المطبوخ مع فول الصويا المخمر. كما يستخدم الناس كثيراً من الثوم والزنجبيل العطري الحار، الذي يختلف كلياً عن الزنجبيل العادي، والفلفل الحار على أنواعه المختلفة، والأعشاب المحلية على أنواعها، ولديهم أطباق خاصة ومهمة للحلزون ويرقات دود القز. ويرغب أهل ناغالاند أيضاً فلفل سيشوان، وأوراق الثوم والزنجبيل التي يستخدمونها في طبخ اللحوم.
لا بد من القول إن مطبخ الناغا أكثر تأثراً بالمطبخين الصيني والميانماري، لقربها الجغرافي من البلدين. ولكل قبيلة وصفاتها الخاصة بها وطرقها الخاصة بها لتحضير الأطباق، رغم التلاقح الكبير بينها. والصفة الهندية المهمة التي يحملها هي الاستخدام الكبير للفلفل الحار. ويذكر هنا أنهم يتقاسمون عملية استخدام واستغلال الخيزران، والاستخدام القليل للزيت، وحبهم للمواد الطازجة.
ولكثرة الخيزران في جبال الولاية، يكثر أهل ناغالاند من استخدام الخيزران في المطبخ، من الناحية الأولى كأداة للطبخ، والثانية كمادة للطبخ، كما هي الحال مع البراعم الطرية. وعادة ما يحشون أنابيب الخيزران بالسمك والبهارات قبل وضعها على النار، لطبخها وتحميلها بعضاً من طعم الخيزران الخفيف واللذيذ.
تتألف الوجبة التقليدية أو النموذجية بشكل عام من طبق من اللحم، مع بعض من الخضراوات المسلوقة، وعادة ما تكون من الملفوف والفاصوليا الطويلة وأحد أنواع البطيخ غير المبهَّرة. أضف إلى ذلك الأرز المغلي والمبخَّر والتشطني (الصلصة) التي يسمونها «تاثو»، وصلصة الفلفل الحار، كما هو الحال في سريلانكا والهند.
ويستخدمون أياديهم لتناول الطعام. ويقال في هذا المضمار إن الناغا يحبون اللحم كما يحب البنغال الدجاج.
كما يفضل السكان «الأوراق العضوية المغلية الصالحة للأكل». وتدخل في عالم الطبخ الرئيسي في الولاية أيضاً براعم الخيزران المخمرة مع السمك أو اللحم، كما هو الحال في تايلاند وكوريا. كما أن فول الصويا المخمر مع البندورة المشوية والحار والسمك المخمر أيضاً من معالم مطبخ الناغا. كما يحب السكان اللحم المدخن والمجفف الذي يحتفظون به طيلة العام. ويستخدمون اللحم المدخن في اليخنات بكثرة، وأحياناً مع البندورة والبطاطا والفلفل الحار.
ومن المهم جداً أن نؤكد هنا أن المطبخ الناغالاندي لا يعتمد فقط على اللحوم كما هو شائع، إذ إن السكان يحبون الأعشاب والخضراوات كثيراً، والمنطقة الجبلية التي يعيشون فيها غنية بكثير من الأنواع الخاصة بها، وبكثير من الأعشاب أيضاً.
> أشهر أطباق المطبخ الناغالاندي
- هينكيجفو (Hinkejvu):
واحد من أطباق الخضراوات المهمة والبسيطة التي تقدم خلال الوجبات في ناغالاند؛ حيث تتكون من أوراق الملفوف المبشورة على القلقاس، وأوراق الخردل والفاصوليا الفرنسية.
يتم عادة غلي المكونات، ويتم الحصول على الطعم من أوراق الخردل والملفوف مع قليل من الملح.
- أكيبيي (Akibiye):
هذا أيضاً طبق بسيط يتوفر عند قبيلة سيما، ويتكون من القلقاس وبراعم الخيزران مع صلصة ثقيلة، ويقدم إلى جانب الأرز، كالأطباق الهندية التقليدية.
- شوربة الغالو (Galho):
هناك نوعان من هذه الشوربة: واحدة نباتية من الخضراوات والأرز من دون لحم، وواحدة مع اللحم والأرز. أحياناً يتم تزيينها بالثوم أو الزنجبيل، وأحياناً من دون أي شيء آخر.
- إتسوك (Itsuk):
طبق بسيط مكون فقط من براعم الخيزران والأعشاب البرية، ومعروف بين أبناء قبيلة الأوو.
- ثقبة (Thukpa):
من أطباق الشوربة التي تباع في الشارع، وتتكون عادة من النودل المطبوخة، مع الخضراوات واللحم بالمرق.
- تانجا (كاري السمك) - (Tenga):
هذا الطبق أسامي الأصول، وتكمن أهميته في استخدام ما يعرف بتفاحة الفيل الحامضة الطعم، بأقل ما يمكن من الزيت والبهارات.