فوز بولانسكي بجائزة سيزار يثير عاصفة في فرنسا

المخرج رومان بولانسكي (رويترز)
المخرج رومان بولانسكي (رويترز)
TT
20

فوز بولانسكي بجائزة سيزار يثير عاصفة في فرنسا

المخرج رومان بولانسكي (رويترز)
المخرج رومان بولانسكي (رويترز)

فاز السينمائي الفرنسي البولندي رومان بولانسكي المتهم بالاغتصاب، مساء أمس (الجمعة)، بجائزة أفضل مخرج في حفل توزيع جوائز سيزار، الرديف الفرنسي للأوسكار، عن فيلمه «جاكوز»، ما أثار غضباً كبيراً لدى متظاهرين طالبوا بـ«سجنه».
وقبل أقل من ساعتين على انطلاق الحفلة، حاول متظاهرون، معظمهم نساء يحملن قنابل دخانية، الاقتراب من قاعة بلييل الباريسية التي كانت تستضيف الحفلة بحماية عدد كبير من الشرطيين والعوائق المعدنية، على وقع هتافات «اسجنوا بولانسكي». وقد تصدت الشرطة للأشخاص الذين كانوا يحاولون إزالة العوائق.
وأطلقت المتظاهرات شعارات مناوئة للسينمائي، بينها «بولانسكي مغتصب، السينما مذنبة والجمهور متواطئ»، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وإثر إعلان فوز بولانسكي، سارعت الممثلة أديل إينيل التي تتهم مخرجاً آخر، هو كريستوف روجيا، بالاعتداء الجنسي عليها، إلى مغادرة القاعة، مبدية اشمئزازها من منح هذه المكافأة لبولانسكي.
وقرر بولانسكي عدم حضور هذه الحفلة السنوية الأبرز في السينما الفرنسية، على غرار كامل فريق فيلمه «جاكوز»، مندداً بما وصفه «الإعدام العلني» في حقه.
وأثار فيلم بولانسكي التشويقي التاريخي، عن إحدى أشهر الفضائح السياسية في التاريخ الفرنسي المعاصر، جدلاً واسعاً إثر الترشيحات الكثيرة التي نالها لجوائز سيزار (12 في المجموع)، رغم الآراء المتباينة لدى النقاد حيال العمل.
وعد جزء من الرأي العام، إضافة إلى الناشطين النسويين، أن فكرة منح المخرج الفرنسي البولندي البالغ 86 عاماً سيلاً من المكافآت في زمن حركة «#مي-تو» (أنا أيضاً) أمر غير مقبول البتة.
ولا يزال بولانسكي مطلوباً للقضاء الأميركي بتهمة اغتصاب فتاة قاصرة سنة 1977. كما أنه يواجه اتهاماً جديداً بالاغتصاب، وجهته المصورة الفرنسية فالنتين مونييه التي تؤكد أن بولانسكي ضربها واغتصبها سنة 1975 في سويسرا، عندما كانت في سن الثامنة عشرة. وتضاف شهادتها إلى اتهامات نساء كثيرات خلال السنوات الأخيرة في قضايا سقطت بالتقادم.
وأسف المخرج كوستا غافراس من ناحيته «لغياب رومان بولانسكي وفريق الفيلم» عن حفل توزيع جوائز سيزار، وقال: «القرارات المتعلقة بترشيحات الأفلام اتخذت بصورة ديمقراطية»، داعياً إلى «التفريق بين الشخص ونتاجه الفني».
أما وزير الثقافة الفرنسي فرانك ريستر، فعد صباح أمس (الجمعة) أن نيل رومان بولانسكي جائزة سيزار عن فئة أفضل مخرج سيشكل «رمزاً سيئاً إزاء الحاجة الضرورية لدينا جميعاً لنقوم بصحوة ضمير في مواجهة أعمال العنف الجنسي».
أما الأستاذة الجامعية إيريس بري، الاختصاصيّة في مسائل التمييز الجنسي في السينما، فقالت في مقابلة مع صحيفة «لومانيتيه» الفرنسية إن «حفل سيزار هذا يرمز إلى الشقاق في المجتمع، والمواجهة بين عالم قديم يتهاوى في مواجهة رجال ونساء يرغبون بالتفكير في الشكل الذي يتمثل فيه الأشخاص».
وعدت الممثلة أديل إينيل التي تسببت بزلزال في السينما الفرنسية، إثر شهادة أدلت بها في الخريف الفائت، في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»، الاثنين، أن «تكريم بولانسكي يعني البصق في وجه جميع الضحايا».
وكانت المخرجة سيلين سياما، الناشطة في سبيل المساواة بين الجنسين في السينما، من المرشحين الذين جرى تداول أسمائهم على نطاق واسع، لتصبح ثاني امرأة تفوز بجائزة سيزار عن فئة أفضل إخراج، بعد توني مارشال عن فيلم «فينوس بوتيه إنستيتو» سنة 2000.



أبرز 10 «إفيهات» صنعها المصريون بالذكاء الاصطناعي

«شيشة» ماكرون (إنستغرام)
«شيشة» ماكرون (إنستغرام)
TT
20

أبرز 10 «إفيهات» صنعها المصريون بالذكاء الاصطناعي

«شيشة» ماكرون (إنستغرام)
«شيشة» ماكرون (إنستغرام)

من «شيشة» الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المُتخيلة في جلسة على مقهى وسط القاهرة، ودفاع مهاجم فريق ريال مدريد كيليان مبابي عن نفسه بعد خروج فريقه أمام آرسنال الإنجليزي في «دوري أبطال أوروبا» وإبعاد فرضية «النحس» التي يلصقها البعض به، إلى ظهور النجم المصري محمد صلاح بديناً على أرض الملعب؛ أثبت المصريون قدرتهم على توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة «الضحك» وصياغة «إفيهات» تتجول عبر السوشيال ميديا، كآخر تحديث لـ«النكتة» التقليدية.

سكرين شوت من فيديو بالذكاء الاصطناعي لمحمد صلاح وهو زائد في الوزن (إكس)
سكرين شوت من فيديو بالذكاء الاصطناعي لمحمد صلاح وهو زائد في الوزن (إكس)

واللافت أن دقة بعض هذه الصور والفيديوهات، خصوصاً التي انفجرت من وحي جولة الرئيس الفرنسي ماكرون لمنطقة خان الخليلي السياحية في 6 أبريل (نيسان) الجاري، دفعت البعض إلى تصديقها، لتظل الزيارة نقلة في توظيف هذه التقنية، إذ تكاد تكون صاحبة أكبر نصيب من الإفيهات المتتابعة التي وضعت ماكرون في سرديات مختلفة، حتى إن البعض استغل الرئيس الفرنسي في الدعاية لمطاعمهم ومشاريعهم التجارية، بتصميم فيديوهات له وهو يتناول من مطاعمهم.

يظهر ماكرون، بفضل هذه التقنيات، مرة على عربة فول، وأخرى في نزهة نيلية، وثالثة وهو يرقص على أنغام أغانٍ شعبية شهيرة، لكن على أهمية الزيارة في إبراز هذه المواهب، فإنها لم تكن أول عهد المصريين مع توظيف الذكاء الاصطناعي لصناعة «الإفيه»، وبالطبع ليس آخره.

ويرى الباحث في الأنثروبولوجيا، وليد محمود، أن «الشعب المصري، المعروف بروحه المرحة، فقد برع تاريخياً في تحويل همومه إلى نكات، وها هو اليوم يستثمر أحدث التقنيات لمواصلة هذا التقليد العريق».

واعتبر محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الفكاهة المصرية آلية دفاعية جماعية تطورت عبر آلاف السنين. فمنذ عهد الفراعنة، استخدم المصريون النكتة باعتبارها وسيلة للتعبير عن الرأي والتنفيس عن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، وفي العصرين المملوكي والعثماني، ظهر فن الأراجوز وخيال الظل بوصفه وسيلة للنقد الاجتماعي المغلف بالفكاهة. وفي القرن العشرين، تطورت النكتة المصرية لتصبح جزءاً من المقاومة الثقافية ضد الاستعمار، ثم أداة لنقد السلطة في مراحل لاحقة».

وقال مصمم مقطع «شيشة ماكرون» علي الطويل، في تصريحات صحافية، إنه صمم فيديوهات لبعض المشاهير إلا أنها لم تحقق الانتشار نفسه. مضيفاً أن «الفكرة خطرت له بعدما رأى الاحتفاء الكبير من المصريين بالرئيس الفرنسي، إلى جانب سعادة ماكرون بزيارة الأماكن الشعبية في القاهرة القديمة».

ومع «بزوغ عصر (الذكاء الاصطناعي)، وجد الشباب المصري في تقنيات Deep Fake وسيلة جديدة للتعبير عن همومهم. وباستخدام هذه التقنيات، أصبح بإمكانهم إنتاج فيديوهات مضحكة يظهر فيها قادة العالم وهم يتحدثون بلهجة مصرية، أو يؤدون أغاني شعبية». وفق الباحث في الأنثروبولوجيا وليد محمود.

ونال ترمب نصيباً كبيراً من سخرية المصريين بالذكاء الاصطناعي مع عودته إلى الرئاسة في 2025، وما تلاه من أحداث. وفي أحد المقاطع يظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الصيني شي جينبينغ، ويظهر ترمب وسطهما بصورة «طفل» يغني أغنية غير مفهومة، مستعينين بمقطع صوتي من الفيلم المصري «اللمبي 8 جيجا» (إنتاج عام 2010).

مقطع آخر ينتقد سياسة ترمب الجمركية والصدام المتوقع مع الصين، صممه مصريون عبر «تيك توك»، مركباً هذه المرة على الفيلم الشهير «سلام يا صاحبي» بطولة عادل إمام وسعيد صالح (إنتاج عام 1987)، وفيه يستطيع إمام وصالح أن يفرضا بضاعتهما على السوق، ويستحوذا على مساحة فيه، رغم أنف (بلطجيته)، بعد انتصارهما في مشاجرة شديدة.

وخلال الفيديو المُخلق بالذكاء الاصطناعي، يظهر ترمب في صورة «البلطجي»، والرئيس الصيني في دور البطل عادل إمام. ويعلق الباحث في الأنثروبولوجيا على هذه المقاطع قائلاً: «رغم طابعها الترفيهي، تحمل في طياتها رسائل سياسية واجتماعية عميقة، وتعبر عن ذكاء ووعي المواطن المصري بشكل فطري».

سكرين شوت من مقطع مُخلق بالذكاء الاصطناعي للرئيس ماكرون وهو يرتدي الجلباب الصعيدي ويعزف على الربابة (إكس)
سكرين شوت من مقطع مُخلق بالذكاء الاصطناعي للرئيس ماكرون وهو يرتدي الجلباب الصعيدي ويعزف على الربابة (إكس)

ويتفق معه الخبير والمدرب المتخصص في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا»، معتز نادي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «النكتة المصرية تتميز بحسها الساخر خفيف الظل، وتعد من أشكال التعبير التي تظهر في شتى الموضوعات التي تشغل اهتمامات المصريين، ممن باتوا يوظفون الأدوات المستحدثة في تكوين رسوم بصرية ساخرة للتعبير عن رسائلهم بحس فكاهي، كما بات لدينا الرسام الشعبي الذي تحول إلى فنان معه فرشاة تعبر بألوان الذكاء الاصطناعي».

ولم يسلم لاعب الكرة المصري محمد صلاح، من هذه «الإفيهات»؛ فقد ظهر مع مجموعة من اللاعبين وهو بدين ويتحرك بصعوبة وسط المدافعين؛ وحصد الإفيه مشاهدات واسعة وإعجاباً لافتاً.

أما المقطع الشهير لمبابي، الذي ظهر عقب سوء حظ تبعه في اللعب، فيظهر فيه متحدثاً باللهجة العامية المصرية «مفنداً نظرية أنه سيء الحظ» و«منحوس»، وأنه بمجرد وصوله لريال مدريد بات (مركز شباب مدريد)، لا سيما بعد حصول الفريق الملكي على 15 بطولة دوري أبطال أوروبا قبل مجيء اللاعب الفرنسي إلى مدريد، وأنه بمجرد أن أرسل لوالدته المال وتصدقت به، «تحسنت أحواله».

وتتجاوز توظيفات الذكاء الاصطناعي مجرد الضحك إلى استخدامها باعتبارها وسيلة لـ«الثواب والعقاب»؛ الأول باستعادة شخصيات فنية راحلة إلى عالمنا، أما العقاب، فقد أوقعه البعض بالفنان المصري محمد رمضان، بعد مظهره المثير للجدل ضمن فعاليات مهرجان «كوتشيلا فالي» 2025.

ويحذر نادي من أن السخرية بالذكاء الاصطناعي «لا تخلو من تحديات؛ مع براعة التصميمات وتطورها بما يتسبب في خلل معلوماتي لدى البعض، فتمر الصور والفيديوهات عبر وجودهم الرقمي، وبعضها حقيقي والآخر مصطنع، ويكاد لا يتبين مدى واقعيتها، كما هو الحال مع ماكرون وهو جالس على مقهى ويدخن الشيشة».

وجمع مصممون عدداً من لاعبي كرة القدم العالميين في مقطع وهم يشاركون المصريين فرحتهم بـ«عيد الفطر» ويعدون «الكحك»، في مقطع ساخر، على أنغام أغنية «يا ليلة العيد» للسيدة أم كلثوم.

وسبق ونال فيديو «المتحف المصري الكبير» الذي صمم بوصفه محاكاة للفيلم الشهير «ليلة في المتحف» (نايت آت ذا ميوزيام)، شهرة واسعة، باعتباره وسيلة للضحك والاحتفاء بالإنجازات وليس النقد فقط، إذ انتشر عقب الإعلان عن موعد افتتاح المتحف المرتقب في 3 يوليو (تموز) المقبل.

ورغم ما تحمله هذه الفيديوهات من «خفة ظل» وانعكاس لقدرات المصريين الفكاهية، فإن الباحث في الأنثروبولوجيا، وليد محمود، لديه مخاوف حول «الجوانب الأخلاقية والقانونية لاستخدام هذه التقنيات، فالحدود بين النقد الساخر والإساءة الشخصية قد تكون ضبابية»، كما أن انتشار «محتوى مزيف قد يسهم في تعزيز ثقافة المعلومات المضللة».

لقطة لمبابي من مقطع بالذكاء الاصطناعي يُفند فيه نظرية «النحس» (إنستغرام)
لقطة لمبابي من مقطع بالذكاء الاصطناعي يُفند فيه نظرية «النحس» (إنستغرام)

وهنا يرى الخبير في الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا»، معتز نادي، ضرورة «مساهمة وسائل الإعلام والمتخصصين في تبصير الجمهور للتمييز بين السخرية والخبر... وبين الحقيقة والصورة المصطنعة».