المغرب: فتح قنصليات بالعيون قرار سيادي للدول

بعد موقف الجزائر من فتح دول أفريقية بعثات في الصحراء

TT

المغرب: فتح قنصليات بالعيون قرار سيادي للدول

وجّه ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أمس، نقدا للجزائر دون أن يسميها، بسبب مواقفها من فتح بعض الدول الأفريقية قنصليات لها في المحافظات الصحراوية المغربية.
ودعا بوريطة الجزائر للاستعداد لإصدار المزيد من البيانات واستدعاء سفراء الدول، التي ستفتح قنصليات لها في مدن الصحراء المغربية، وعدّ في لقاء صحافي مشترك مع نظيره البوروندي إيزيكيال نيبيجيرا، بمناسبة افتتاح قنصلية بلاده بمدينة العيون، «فتح قنصليات بالعيون قرارا سياديا للدول، ينسجم مع مسار التاريخ وحقيقة هذا الملف، ويتماشى مع المواقف الثابتة لأكبر عدد من المجموعة الدولية».
واستغرب بوريطة كيف أن الجزائر لم تحرك ساكنا عندما نقلت بعض الدول قنصلياتها وسفاراتها إلى القدس، وقال موضحا: «هذه الدولة لم تستدع سفراء الدول التي فتحت قنصلياتها في القدس، لكن عندما تعلق الأمر بالصحراء فعلت ذلك». في إشارة إلى استدعاء وزارة الخارجية الجزائرية لسفير كوت ديفوار لدى الجزائر، احتجاجا على فتح قنصلية عامة لها بالعيون.
وذكر وزير خارجية المغرب أن هذه المواقف «تبين أن قضية الصحراء هي فوق كل شيء بالنسبة لهذه الدولة (الجزائر)، والقضية الدبلوماسية الأولى لديها»، مؤكدا أن المغرب ماض في هذا التوجه، وأن هذه الدينامية «ستستمر انطلاقا من مصداقية موقف المغرب، المبني على القانون الدولي والحقوق التاريخية والواقع».
يشار إلى أن مدينة العيون عرفت منذ نهاية العام الماضي دينامية دبلوماسية مشهودة، من خلال تدشين قنصلية لجمهورية جزر القمر (في ديسمبر/كانون الأول)، وقنصليات جمهوريات الغابون وساو تومي وبرنسيب، وأفريقيا الوسطى في يناير (كانون الثاني) الماضي، والقنصلية العامة لجمهورية كوت ديفوار في فبراير (شباط) الجاري.
على صعيد ذي صلة، قال بوريطة أمس إن المغرب يحترم صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة، بخصوص تعيين مبعوث شخصي جديد للصحراء. وأكد في لقاء صحافي، عقب اختتام أشغال الدورة الثالثة لمنتدى المغرب - دول جزر المحيط الهادي، التي نظمت تحت شعار «توطيد علاقات التعاون وتنفيذ الالتزامات ذات الصلة، وتوحيد الأصوات وتعزيز الرخاء المشترك»، أن المغرب «لا يتدخل في صلاحيات الأمين العام للأمم المتحدة، ويظل في نفس الوقت متشبثا بالمبادئ والمحددات، التي يتبناها مجلس الأمن لإيجاد حل لقضية الصحراء». مشددا على أن هذه المبادئ والمحددات، التي تتشبث بها الرباط «تنسجم مع قرارات الأمم المتحدة حول قضية الصحراء».
وبعد التأكيد على أن «جهة الصحراء جزء لا يتجزأ من تراب المملكة المغربية»، عبر رؤساء وفود البلدان المشاركة في هذا المنتدى عن دعمهم «للجهود المبذولة تحت الإشراف الحصري للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل واقعي وبراغماتي، ومستدام لهذا النزاع الإقليمي، في احترام تام للوحدة الترابية للمغرب وسيادته الوطنية».
واختتمت الدورة الثالثة للمنتدى بتوقيع الدول المشاركة على إعلان العيون، الذي عبرت فيه دول المحيط الهادي على دعمها لمغربية الصحراء، وحرصها على تقوية التنسيق والتعاون بين دول المنطقة مع المغرب.
وشدد الإعلان على التزام الدول المشاركة بـ«تقوية الروابط وأواصر العلاقات المشتركة بين دول المحيط الهادي والمغرب، وفق روح التضامن والتكامل بين دول الجنوب، التي تتضمنها رؤية العاهل المغربي الملك محمد السادس».
وأضاف الإعلان قائلا: «واعون بالتغيرات المناخية؛ خصوصاً المرتبطة بارتفاع مستوى البحر، ووقعه الكبير على مجهوداتها للوصول إلى التنمية المستدامة.. وسنقوم بكل ما يلزم لتقوية الحوار وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى مع المغرب».
وفي كلمة بالمناسبة، قال الوزير بوريطة إن المنتدى شكل فرصة لوفود دول المحيط الهادي للتعرف على الثقافة المغربية الصحراوية، مبرزا أن التظاهرة مكنت الدول المشاركة من الاطلاع على التطور المهم، الذي شهدته هذه المنطقة الغالية على كل المغاربة، تماشيا مع إرادة الملك محمد السادس. واعتبر أن المنتدى فرصة «التقى فيها، رمزيا، المحيطان الأطلسي والهادي للاحتفاء بالتعاون بين بلداننا»، مؤكدا أن إعلان العيون سيمثل «خريطة الطريق والمرجع فيما يخص تعاوننا المقبل».
كما أعلن بوريطة في الكلمة ذاتها أن المغرب قرر منح «50 ألف دولار كمساهمة لتنظيم منتدى دول المحيط الهادي، الذي سينعقد نهاية هذه السنة»، كما قرر أيضا الانضمام إلى مجموعة أصدقاء المناخ والأمن، التي ترأسها ماورو وألمانيا، مؤكدا أن بلاده ستساهم بشكل نشيط في برامجها وأنشطتها.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.