الحكومتان المتنازعتان في ليبيا تواجهان أزمة «توفير الرواتب»

TT

الحكومتان المتنازعتان في ليبيا تواجهان أزمة «توفير الرواتب»

تسارع الحكومتان المتنازعتان في ليبيا للبحث عن حلول لتوفير الموارد اللازمة للإنفاق على الرواتب والخدمات، فبينما اشتكت الحكومة المؤقتة بمدينة البيضاء (شرق) من أنها «تعاني مالياً بسبب انعدام الإيرادات، واستحواذ مصرف طرابلس المركزي على إيرادات النفط، الدخل الوحيد لليبيين»، ناقشت الأجهزة التابعة لحكومة «الوفاق» (غرب) الترتيبات المالية للعام الحالي في ظل الحرب الدائرة على طرابلس.
وعقد خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة (أعلى سلطة رقابية في ليبيا)، اجتماعاً مساء أول من أمس مع الصديق الكبير، محافظ المصرف المركزي بطرابلس، ضمّ الإدارات المختصة بالمؤسستين، وتمحور الاجتماع حول بحث «المخاوف بشأن الترتيبات المالية، في ظل استمرار أزمة إيقاف إنتاج النفط وتصديره».
وقال مسؤول بالمصرف المركزي لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «الاجتماع خُصص بالدرجة الأولى لبحث تداعيات استمرار إغلاق الموانئ النفطية، وتأثيرها على حياة المواطنين، ومدى قدرة حكومة (الوفاق) على الوفاء بالتزاماتها في الإنفاق على الخدمات والمرتبات»، مشيراً إلى أنهم «ناقشوا الاتجاه للاقتراض من الخارج إذا ما نفد احتياطي النقد الأجنبي. لكن هذا يتوقف على استمرار إغلاق الموانئ والمنشآت النفطية من عدمه».
واكتفى ديوان المحاسبة، في بيانه الصادر مساء أول من أمس، بالقول إن الكبير وشكشك استعرضا «تداعيات الأزمة الراهنة، وأهم الإجراءات والخطوات الاحترازية الممكن اتخاذها لمواجهة تلك التداعيات»، لكن دون الإشارة إلى نوعية هذه الخطوات الاحترازية، لافتاً إلى أنه «تم الاتفاق على الإطار العام الذي ينبغي أن تكون عليه الترتيبات المالية، في ظل هذه الظروف والقرارات والإجراءات التي ينبغي على حكومة (الوفاق) اتخاذها».
ويواجه المجلس الرئاسي وحكومة «الوفاق» اتهامات بتبديد عائدات النفط بشكل لا يخلو من إسراف وبذخ، وإنفاق جزء منها على جلب «المرتزقة»، والدفع بهم في الحرب ضد «الجيش الوطني». لكن المجلس الذي يترأسه فائز السراج دافع عن حكومته بأنها سعت مبكراً للتخفيف من ميزانية بند المرتبات، الذي أثقل كاهل الميزانية العامة للدولة، بقرارها خفض مرتبات رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي، والوزراء ووكلاء الحكومة بنسبة 40 في المائة، ومستشاري الحكومة بنسبة 30 في المائة.
ويتداول ليبيون على نطاق واسع بياناً صدر عن المصرف المركزي في طرابلس، يشير إلى أن صرف مرتبات شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) سيتم من دون مزايا ومكافآت أو علاوات، بسبب إغلاق الموانئ النفطية. الأمر الذي تسبب في حالة من الرفض والغضب بين العاملين في القطاع العام، لافتين إلى أن هذا الإجراء «لم يتم، حتى عندما كان إبراهيم الجضران (آمر حرس المنشآت النفطية السابق والمطلوب دولياً) مسيطراً على الهلال النفطي»، قبل أن يتمكن «الجيش الوطني» من طرده ووضع يده عليه.
في السياق ذاته، سادت حالة من الغضب في عموم مدن الشرق الليبي بسبب تأخر مرتب شهري يناير وفبراير. لكن حاتم العريبي، الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية في مدينة البيضاء، عبر عن انتقاده لهذا التقاعس، وأرجع أسباب التأخير إلى «عدم إحالة بنود الميزانية العامة، التي أقرها مجلس النواب من قبل محافظ مصرف البيضاء علي الحبري، إلى وزارة المالية، لتتولى صرفها للجهات الممولة من الخزانة العامة للدولة، وفقاً للقوانين المنظمة».
وقال العريبي، في بيان أمس: «حكومتنا تعاني بشكل كبير بسبب انعدام الإيرادات، واستحواذ المركزي (الموازي) في طرابلس على إيرادات النفط، الدخل الوحيد لليبيين».
وحسب آخر بيانات رسمية صدرت عن مصرف طرابلس المركزي، يقدر إنفاق المرتبات بنحو 19.69 مليار دينار، ما بين مطلع يناير 2019 حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، بواقع 55 في المائة من نسبة الإنفاق العام.
وقالت حكومة شرق ليبيا إنها تتلقى من مصرف طرابلس 126 مليون دولار شهرياً فقط لدفع الرواتب لموظفي القطاعات العامة، التي تتجاوز 5 مليارات دينار، كما أنها تلجأ إلى الاقتراض لتعويض الفارق كي تفي بالتزاماتها بالإنفاق على المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
ونوّه الناطق الرسمي باسم الحكومة الليبية في مدينة البيضاء إلى أن الحكومة الليبية لن تتمكن من صرف الزيادة المقررة للمعلمين، وأعضاء هيئة الشرطة، وفقاً للقوانين المستحدثة من قبل مجلس النواب ما لم يحيل مخصصاتها المصرف المركزي وفقاً لقانون الميزانية المعتمد، كما أن المشكلة ذاتها ستواجه تغطية مرتبات المعينين من قبل الحكومة عبر وزارة العمل، والذين تأخر صرف مرتباتهم بسبب عدم إحالة مخصصاتهم من قبل المصرف المركزي.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.