سلامة يخشى تطور المعارك في ليبيا إلى «حرب إقليمية»

TT

سلامة يخشى تطور المعارك في ليبيا إلى «حرب إقليمية»

دافع الدكتور غسان سلامة، المبعوث الأممي لدى ليبيا، عن بعثته ردا على الانتقادات الموجهة لها بـ«تدخلها في اختيارات المشاركين» بالمسار السياسي بمدينة جنيف السويسرية، وقال إن هذا الكلام «نوع من الكذب الوقح، ولا أقبل انتقادات في هذا المجال... والبعثة تدعو إلى السلام والعمل على وقف إطلاق النار». معربا عن خشيته من تطور المعارك في ليبيا إلى «حرب إقليمية».
ويتعرض سلامة لحملة انتقادات واسعة من غالبية الأفرقاء السياسيين في شرق وغرب ليبيا، على حد سواء، بسبب ما قيل إن «بعثته تختار النواب والأعضاء من مجلسي النواب و(الأعلى للدولة)» للمشاركة في حوار جنيف، وتوجه لهم الدعوات سراً، دون الرجوع للمجلسين، وهو ما اعترض سلامة عليه بقوة.
وخلال مؤتمر صحافي عقده بمقر الأمم المتحدة بجنيف أمس، تحدث سلامة بأسلوب لم يخل من حدة عن الحرب في طرابلس، وخرق الهدنة وقصف مطار معيتيقة، مشيراً إلى «وجود لاعبين دوليين مسؤولين عن تفاقم الأوضاع في ليبيا».
وتابع سلامة مدافعاً عن عمل البعثة في ترتيبات الحوار السياسي بجنيف، بقوله: «الليبيون يطلبون مني كل يوم الاستمرار في استكمال المسارات الثالثة»، مبرزا أن هناك آلية واحدة نفذت على مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» لاختيار ممثليهم في حوار جنيف، وقد تمثل ذلك في اجتماع أعضاء كل دائرة انتخابية في مكان ما للتصويت على من يمثلهم، وهو ما حدث في «المجلس الأعلى» للدولة، وكان ذلك بحضور أربعة ممثلين للبعثة للتأكد من عدم إقصاء أحد من التصويت، وحدث هذا أيضا في مجلس النواب، حيث إن الدوائر الـ13 انتخبت بكامل حريتها، وبوجود ممثلين للبعثة.
وتغاضى سلامة عما سماه «تأجيج بعض المشككين»، وقال إن المسارات الثلاثة «مستمرة، وسبق أن اتفقنا في برلين على أن المسارات متزامنة وليست متلازمة»، وتحدث عن «عقد جولة جديدة من مفاوضات المسار السياسي خلال الأيام المقبلة»، قبل أن يلفت إلى أنه سيعرض نتائج المسارات الثلاثة لحل الأزمة الليبية خلال مارس (آذار) المقبل. وقال في هذا الخصوص: «أتمنى أن يتم الاتفاق على ما توصلنا إليه في المسار العسكري، وإذا كانت هناك ضرورة لجولة جديدة من حوارات هذا المسار فسيتم عقدها»، مشيراً إلى عقد جولة أخرى للمسار الاقتصادي في الـ15 من مارس المقبل بالقاهرة.
في غضون ذلك، ثمّن سلامة موقف النواب والأعضاء والشخصيات العامة، التي شاركت في جلسة الحوار السياسي السابقة، التي عقدت في جنيف الأربعاء الماضي، وخص بالشكر منهم النساء، ورأى أنهن «أكثر إحساساً بالوقت واستشعاراً بالأزمة، وأكثر من آخرين قرروا عدم حضور الحوار».
وحول تقييمه لمحادثات جنيف، تحدث سلامة عن إحراز بعض النتائج، وقال: «من يرفض هذه النتائج أهنئه على روحه الديمقراطية، فالبعثة نفذت ما كانت تعهدت به، ولن أقبل أي انتقاد في هذا المجال».
أما بخصوص الاقتتال الدائر على أطراف العاصمة، فقد أبدى سلامة تخوّفه من «تحول الحرب في ليبيا إلى إقليمية بسبب تدخل أطراف خارجية»، وقال إنه «لم يحصل على دعم كاف من الدول الممثلة في مجلس الأمن الدولي... وأتمنى الحصول على دعم إضافي».
كما تطرق سلامة إلى الدور الأفريقي في ليبيا، وقال إن بعثته تتعاون مع مقترحات الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة، موضحاً أن «الاتحاد موجود في مجموعات العمل الدولية التي تتابع المسارات الثلاثة، وأيضاً في لجنة المتابعة التي تجتمع شهرياً، وكان آخرها في ميونيخ، كما ستجتمع خلال مارس المقبل في روما».
لكن قبل أن ينهي سلامة مؤتمره الصحافي، كانت الانتقادات تنهال عليه عبر وسائل الإعلام الليبية ومواقع التواصل الاجتماعي، من سياسيين وإعلاميين ونشطاء. وفي هذا السياق علّق الإعلامي الليبي محمود شمام، رئيس مجلس إدارة صحيفة «الوسط» الليبية، على ما ذكره سلامة بأن اتفاق برلين «يقضي بأن المسارات متزامنة وليست متلازمة»، وقال: «كذلك الصواريخ والقذائف على رؤوس المدنيين في طرابلس»!
بدوره، وجه أشرف الشح، المستشار السابق بمجلس الدولة، انتقادات إلى المبعوث الأممي بخصوص الليبيين، الذين يطالبونه بالاستمرار في خطته «بعد فشلها»، قبل أن يطالبه بالرحيل.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».