«الجيش الوطني» يتهم إردوغان بتحويل ليبيا إلى «قاعدة إرهابية»

مظاهرات حاشدة اليوم في طرابلس للاحتجاج على التدخل التركي

TT

«الجيش الوطني» يتهم إردوغان بتحويل ليبيا إلى «قاعدة إرهابية»

اتهم «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالسعي إلى تحويل ليبيا إلى ما وصفه بـ«قاعدة انطلاق إرهابية وإجرامية نحو دول الجوار»، لكن الردّ التركي لم يتأخر طويلاً، حيث قال الرئيس إردوغان إنه تمكن من قلب الأحداث في ليبيا، بعد أن كانت لصالح حفتر.
يأتي ذلك، بينما استؤنفت حركة الملاحة الجوية في «مطار معيتيقة الدولي» بالعاصمة طرابلس، بعد ساعات من تعليقها، بسبب تعرضه للقصف، لكن دون وقوع أي خسائر. وأعلنت إدارة المطار استئناف العمل به، مشيرة في بيان لها إلى أن الشركات الناقلة باشرت إجراءات رحلاتها المجدولة، بعد أخذ الإذن بمباشرة العمل عقب فتح أجواء المطار.
وقالت وسائل إعلام ليبية محلية إن قذائف عشوائية مجهولة المصدر سقطت بالقرب من برج المراقبة، بينما اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها الميليشيات الموالية لحكومة السراج، قوات الجيش الوطني بقصف المطار، ومنطقة شرفة الملاحة بصواريخ «غراد»، صباح أمس، وفي ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، لليلة الثانية على التوالي. لكن الجيش نفى هذه الاتهامات.
وأدانت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بشدة استمرار خروقات الهدنة الهشة، بما في ذلك ما وصفته بالقصف المتكرر خلال اليومين الماضيين لمطار معيتيقة، الذي يُعد منفذاً حيوياً ومهمّاً لآلاف الليبيين في طرابلس الكبرى، مشيرةً في بيان لها إلى أن هذه الخروقات «تأتي في الوقت الذي يسعى فيه الليبيون والأمم المتحدة جاهدين عبر المسارات الثلاثة لإنهاء الاقتتال، والتوصل لحلول نهائية للأزمة الليبية، ووضع حدّ لمعاناة الشعب الليبي التي تتفاقم كل يوم».
ومع ذلك، فقد فرضت البعثة الأممية حالة من الغموض على مصير محادثات جنيف السياسية، التي أعلنت عقدها، رغم مقاطعة طرفي النزاع في ليبيا لها، حيث نقلت مصادر دبلوماسية عن رئيس البعثة، غسان سلامة، قوله إن المحادثات «بدأت» أول من أمس، «بمن حضر»، أي بممثلي حكومة السراج وشخصيات اختارتها المنظمة الدولية فقط، بينما قاطعها ممثلو البرلمان المتمركز في الشرق.
ووفقاً للمصادر نفسها، فقد طلب سلامة خلال اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، مساء أول من أمس، من الدول التي لديها تأثير على المشير حفتر ممارسة ضغوط من أجل مشاركة ممثلين عنه في المفاوضات.
واتهم عبد الهادي الحويج، وزير خارجية الحكومة الموازية في الشرق الليبي، الأمم المتحدة، بأنها تحاول «فرض» ممثلين، موضحاً أن مشاركة فريقه «لا تزال معلّقة»، وقال للصحافيين في جنيف: «ليست هناك شروط مسبقة، وما نريده هو أن يكون الجميع على طاولة المفاوضات ممثلين للشعب الليبي».
واشترط المجلس الأعلى للدولة، الداعم لحكومة السراج في طرابلس، لضمان مشاركته، إحراز تقدم في المفاوضات العسكرية، التي اختتمت جولتها الثانية الأحد الماضي في جنيف، بحضور خمسة أعضاء من كل جانب، بـ«مسوّدة اتفاق لوقف إطلاق النار»، أعلنت البعثة الأممية أنه سيتم وضع اللمسات الأخيرة عليها، الشهر المقبل.
من جانبه، اتهم اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم «الجيش الوطني»، الرئيس التركي بمحاولة تحويل بعض المدن الليبية، خصوصاً مصراتة في غرب البلاد، إلى مستعمرة تركية، وقال في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس إن إردوغان «يريد أن تكون ليبيا قاعدة انطلاق إرهابية وإجرامية نحو دول الجوار، وخاصة مصر».
وفيما بدا أنه بمثابة توعد جديد للقوات التركية، الموالية لحكومة السراج، في العاصمة طرابلس، قال المسماري، الذي عرض لقطات مصورة لأعمال إرهابية تقوم بها عناصر الجيش التركي في سوريا، إن إردوغان «لا يزال يرسل عصابات إرهابية وإجرامية للقتال في ليبيا، لكن لن نسمح بوجود جندي أجنبي واحد على الأراضي الليبية»، مشيراً إلى أن مظاهرات حاشدة ستتم اليوم للاحتجاج على تركيا وإرهابها.
غير أن إردوغان، الذي كان يتحدث بمناسبة افتتاح «أكاديمية السياسة» لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، قال أمس: «لقد قلبنا مسار الأحداث في ليبيا بعد أن كان لصالح حفتر»، في إشارة إلى قائد «الجيش الوطني الليبي»، بحسب وكالة «الأناضول».
وفى سابقة هي الأولى من نوعها، منذ بدء زحف قواته على العاصمة طرابلس، أعلن «الجيش الوطني»، عن تخصيص أرقام هاتفية تحت اسم «حراك إيقاف الإرهاب» لدعم قوات الجيش، وتمكين سكان المدينة من الإبلاغ عن وجود «الإرهابيين والغزاة الأتراك» في طرابلس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».