الديمقراطيون يترنحون في مناظرة ساوث كارولاينا

ترمب يصف أداءهم بالمجنون والفوضوي

بيرني ساندرز (يسار) وجو بايدن (أ.ف.ب)
بيرني ساندرز (يسار) وجو بايدن (أ.ف.ب)
TT

الديمقراطيون يترنحون في مناظرة ساوث كارولاينا

بيرني ساندرز (يسار) وجو بايدن (أ.ف.ب)
بيرني ساندرز (يسار) وجو بايدن (أ.ف.ب)

صراخ وغضب وتراشق اتهامات... هكذا افتتح الديمقراطيون مناظرتهم ما قبل الأخيرة في ولاية ساوث كارولاينا، وإن دلّت الأجواء المرتبكة والمتشنجة على شيء فإنما تدل على توتر واضح في أجواء السباق الانتخابي الديمقراطي بشكل مقلق. فالمرشحون السبعة الذين وقفوا على منصة المناظرة قبل أيام من الانتخابات التمهيدية في الولاية، هاجم بعضهم بعضا بطريقة شرسة، وكان من الصعب أحياناً سماع أجوبتهم لأنهم هم أنفسهم لم يستمع بعضهم إلى بعض، فتكلموا في الوقت نفسه، وتشاجروا بشكل جماعي، ما أربك الحضور والمحاورين بشكل كبير.
وعكست المناظرة انقساماً واضحاً أقلق القيادات الديمقراطية وأفرح الجمهورية، فعلّق الرئيس الأميركي في سلسلة من التغريدات قائلاً: «هذه المناظرة الديمقراطية اتسمت بالجنون والفوضى. وسائل الإعلام الكاذبة قالت إن بايدن قام بعمل جيد، رغم أنه قال إن نصف الأميركيين قتلوا رمياً بالرصاص. السباق سينتهي بالنسبة للكثيرين. ميني مايك كان ضعيفاً وغير مستقر، لكن حملاته الدعائية تساعده بشكل كبير. بوكاهانتس (إليزابيث وارن) كانت لئيمة وغير متزنة وهاجمت برني المجنون وميني مايك. إنهم لا يعرفون كيف يتعاملون معها. ستاير كان كارثة أيضاً وهو إلى جانب ميني يكسر الأرقام القياسية في دفع الأموال. قدموا لي منافساً جيداً!» كلمات ولو شهدت بعض المبالغة، لكنها وصفت بشكل مفصل مناظرة ليل الثلاثاء. فقد تخبط المرشحون في دوامة من الاتهامات شتّتت الانتباه عن قضايا أساسية في السباق.
ولعلّ المحور الوحيد الذي وحّدهم بعد بداية مرتبكة ومتعثرة هو السعي لمهاجمة السيناتور برني ساندرز، الذي يتصدر استطلاعات الرأي حتى الساعة. فقد بدا تخوف الديمقراطيين واضحاً من تقدم ساندرز، تحديداً من توجهاته الليبرالية التي وصفوها بالمتشددة. فتكاتف المرشحون الستة ضده في أكثر من موقف، ووجه عمدة نيويورك السابق مايك بلومبرغ، الذي وصف ساندرز بالشيوعي، الضربة الأولى، فنظر إلى ساندرز، وقال: «فلاديمير بوتين يعتقد أن دونالد ترمب يجب أن يكون رئيساً للولايات المتحدة. لهذا فإن روسيا تساعدك ليتم اختيارك مرشحاً للحزب».
موقف يختصر المخاوف الديمقراطية من فوز ساندرز بترشيح الحزب، وخسارته أمام ترمب في الانتخابات الرئاسية، وذلك بعد تقارير استخباراتية أميركية أظهرت أن روسيا سوف تسعى إلى مساعدة حملتي ساندرز وترمب.
وبمجرد بدء الهجوم على ساندرز انهال عمدة ساوثبند بيت بوتجاج بوابل من الانتقادات على المرشح التقدمي، وحذر من أن فوز ساندرز بترشيح الحزب لن يؤدي إلى خسارة الديمقراطيين للسباق الرئاسي فحسب، بل سيؤدي إلى خسارتهم للأغلبية في مجلس النواب، كما سيعرقل سعيهم إلى انتزاع الأغلبية في مجلس الشيوخ. وأضاف بوتاجج أن «فوز برني سوف يعني 4 أعوام إضافية لدونالد ترمب في البيت الأبيض وانتخاب كيفين مكارثي (زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب) رئيساً لمجلس النواب، واستحالة فوز الديمقراطيين بالأغلبية في مجلس الشيوخ». وتابع بوتجاج: «نحن لسنا بحاجة إلى شخص يحنّ إلى سياسات الستينات الثورية». وذلك في إشارة واضحة لإشادة ساندرز بالزعيم الكوبي فيديل كاسترو. حتى إليزابيث وارن، المعروفة بأفكارها التقدمية، لم توفر حصتها من الانتقادات بحق ساندرز، معتبرة أنه لن يتمكن من تطبيق أجندته التقدمية لأنه انقسامي، على حد تعبيرها. وانضم نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن والسيناتورة إيمي كلوبوشار ورجل الأعمال توم ستاير إلى منتقدي ساندرز، الذي حاول الرد على كل الهجمات الموجهة ضده قائلاً: «أنا أسمع اسمي يتردد بشكل كبير الليلة... وأتساءل لماذا؟». في إشارة إلى تقدمه في استطلاعات الرأي. ورغم محاولته الحفاظ على رباطة جأشه، فإن الغضب بان على ملامحه لدى الإجابة عن الاتهامات القائلة بأنه لن يتمكن من هزيمة ترمب، فقال إن «استطلاعات الرأي تشير إلى تقدمي على ترمب في الانتخابات الرئاسية بنسبة 47 إلى 50 في المائة!».
رغم تسليط الأضواء على ساندرز فإن بلومبرغ حظي بحصته من الانتقادات تحديداً من وارن التي كررت اتهاماتها له بتمييزه ضد النساء وذكرت بتاريخه الجمهوري. وقالت وارن: «أنا لا أكترث لكمية الأموال التي لديه، إن الحزب الديمقراطي لن يثق به أبدا، إنه المرشح الأكثر خطورة على هذا المنبر».
لكن كمية الانتقادات بحق بلومبرغ لا تقارن بتلك التي واجهها في مناظرته الأولى في ولاية نيفادا. ولعلّ السبب الأساسي لذلك يعود إلى عدم تقدمه في استطلاعات الرأي التي تعكس تقدم ساندرز بشكل ملحوظ.
أما بايدن فكان أداؤه هذه المرة أفضل من أدائه في المناظرات السابقة، فهو يعلم أن الوقت يداهمه وأن فرصه في إثبات نقاط قوته تتضاءل. وهو يعول على الفوز في انتخابات ساوث كارولاينا حيث يتقدم بشكل ضئيل في استطلاعات الرأي مقابل ساندرز ليتمكن من الاستمرار في حملته الانتخابية. فقد أظهر آخر استطلاع للرأي تقدم بايدن بنسبة ٢٧ في المائة مقابل ٢٣ في المائة لصالح ساندرز في الولاية.
ويعلم المرشحون أن مناظرة ساوث كارولاينا قد تكون المناظرة الأخيرة التي يشاركون بها. فيوم الثلاثاء الكبير يقترب، وهو التاريخ الذي عادة ما يسجل انسحابات جماعية من السباق الرئاسي في حال الخسارة. وسيحاول الحزب الديمقراطي بعد انتخابات الثلاثاء الكبير في الثالث من مارس، رأب الصدع في صفوفه والالتفاف حول مرشح واحد، لمنافسة ترمب في الانتخابات الرئاسية.

- المرشحون والصراع العربي ـ الإسرائيلي
سأل المحاورون ساندرز عن الانتقادات التي وجهها إلى اللوبي الإسرائيلي (أيباك) وقراره عدم المشاركة بفعاليات مؤتمر اللوبي السنوي. فقال ساندرز: «أنا فخور بكوني يهوديا، ولقد عشت في إسرائيل لبضعة أشهر. لكن أعتقد أن ما يجري الآن هناك الآن هو أن شخصاً متعصباً ومتشدداً كبيبي نتنياهو يدير البلاد».
وكرر ساندرز موقفه الداعي إلى سياسة داعمة لإسرائيل لكن من دون تجاهل الفلسطينيين، فقال إن «سياستنا الخارجية في الشرق الأوسط يجب أن تحرص على حماية أمن إسرائيل واستقلالها، لكن لا يمكننا تجاهل معاناة الشعب الفلسطيني».
ولوح ساندرز باحتمال إعادة السفارة الأميركية إلى تل أبيب في حال فوزه بالرئاسة. أما مايك بلومبرغ، وهو المرشح اليهودي الآخر إلى جانب ساندرز، فقد قال إنه سيبقي على السفارة في القدس في حال فوزه: «لا يمكننا نقل السفارة مجدداً. لم يكن من الجيد اتخاذ القرار أصلاً من دون الحصول على مقابل من الحكومة الإسرائيلية. لكن القرار اتُخذ ويجب ألا نغيره الآن». وأكد بلومبرغ أنه يدعم حل الدولتين: «المشكلة الأساسية هنا هي أن هناك مجموعتين من الأشخاص تؤمنان بحقهما في قطعة واحدة من الأرض، والجواب الأنسب هو: قسّموها». وتدخلت السيناتورة إليزابيث وارن في الحديث، فقالت إن الأميركيين يجب ألا يحددوا الحل للصراع: «الإسرائيليون لهم حق الأمن، والفلسطينيون لهم حق التعامل بكرامة وحق تقرير المصير - هذا حل الدولتين».
وانتقدت وارن ترمب «لوضع إصبعه على كفة الميزان»، على حد تعبيرها، وترجيحها لصالح إسرائيل، الأمر الذي أثر سلباً على حل الأزمة، وأضافت: «نريد أن نكون حليفاً جيداً للجميع في المنطقة والطريقة الأفضل لذلك هي عبر تشجيع الأطراف على الجلوس على طاولة المفاوضات».



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.