إردوغان يقلل من احتمالات قمة رباعية... وتوقعات بمحادثات روسية ـ تركية

واشنطن لن تستجيب لطلب انقرة نشر «باتريوت»

عناصر من الدفاع المدني في النيرب بعد غارات عليها أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع المدني في النيرب بعد غارات عليها أمس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يقلل من احتمالات قمة رباعية... وتوقعات بمحادثات روسية ـ تركية

عناصر من الدفاع المدني في النيرب بعد غارات عليها أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع المدني في النيرب بعد غارات عليها أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى اتفاق كامل على عقد قمة مقترحة مع روسيا وفرنسا وألمانيا حول سوريا في إسطنبول في الخامس من مارس (آذار) المقبل.
وأضاف إردوغان، في مؤتمر صحافي في أنقرة أمس قبل مغادرته في زيارة لأذربيجان، أن الاتصالات واللقاءات بين تركيا وروسيا مستمرة، وأنه قد يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 5 مارس المقبل. كما سيصل وفد روسي إلى تركيا غدا (اليوم الأربعاء) لبحث الوضع في إدلب. وتابع: «نواصل لقاءاتنا مع بوتين لتقييم النواقص وتحديدها في خريطة الطريق حول إدلب... روسيا تقدم دعما على أعلى المستويات لقوات النظام وهذا موثق لدينا حتى وإن أنكروه».
كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أول من أمس أن بلاده وتركيا بصدد التحضير لجولة مشاورات جديدة حول إدلب، وذلك بعد 3 جولات من المباحثات في وقت سابق من الشهر الجاري، جرت اثنتان في أنقرة والثالثة في موسكو، دون تحقيق أي تقدم فيما يتعلق بالتوصل إلى تهدئة في إدلب. وأشار إردوغان إلى وجود مسار بين تركيا وروسيا في هذه الفترة سواء في إدلب أو ليبيا قائلاً: «علينا إيجاد حل لإدلب في أسرع وقت. أواصل لقاءاتي مع بوتين لتقييم النواقص وتحديدها في خريطة الطريق التي وضعناها من أجل إدلب، والتواصل يتم على مستوى وزراء الخارجية والدفاع والاستخبارات حتى إيجاد حل».
وذكر إردوغان أن لبلاده حدودا مع سوريا بطول 911 كيلومترا، وأنها مضطرة لفعل شيء هناك، ولا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي وثلاثة ملايين نازح وصلوا إلى حدودها. وأشار إلى أنه أطلع بوتين، في اتصال هاتفي بينهما الأسبوع الماضي، على الوضع الإنساني في إدلب.
وتتواصل الاشتباكات بين القوات السورية والتركية والفصائل المسلحة الموالية لتركيا على محاور في جنوب وشرق إدلب، وسيطرت الفصائل على بلدة النيرب بريف إدلب الجنوبي، أول من أمس، بعد معارك عنيفة مع القوات السورية.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا، الجمعة، إلى عقد قمة رباعية حول سوريا «في أقرب وقت ممكن» بمشاركة بلاده وألمانيا وروسيا وتركيا بهدف وقف هجمات النظام وروسيا في إدلب، وقال إردوغان إنها ستعقد في 5 مارس لكن موسكو أعلنت أمس أنه لا تحضيرات في الوقت الراهن لمثل هذه القمة.
في المقابل، نفى المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أمس، وجود حديث بشأن لقاء بين بوتين وإردوغان، في الخامس من مارس المقبل بشأن مسألة التسوية السورية.
وقال بيسكوف: «لا يوجد حديث في الوقت الراهن بشأن اتصالات ثنائية، لكن تجري دراسة إمكانية عقد لقاء في صيغة متعددة الأطراف ويجري تنسيق مواعيد الرئيس... لم نتخذ قرارا حتى الآن، لأنه ليس جميع المشاركين المحتملين أعطوا موافقتهم».
وأجاب بيسكوف بالنفي ردا على سؤال عما إذا كان الحديث يدور عن لقاء رباعي بمشاركة ماكرون وميركل.
في السياق ذاته، استأنفت القوات التركية والروسية الدوريات المشتركة في شمال شرقي سوريا تنفيذا لما تم الاتفاق عليه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بشأن وقف عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شرق الفرات.
وجرى أول من أمس تسيير دورية روسية تركية مشتركة جديدة في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا. كما سيرت وحدات الشرطة العسكرية الروسية عددا من الدوريات في محافظات حلب والرقة والحسكة في مسارات مخطط لها.
في غضون ذلك، جددت تركيا طلبها من حلف شمال الأطلسي (ناتو) التدخل في إدلب في مواجهة تقدم القوات السورية المدعومة بالطيران الروسي.
وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في مقابلة تلفزيونية أمس، إن تركيا تتحدث مع حلفائها الغربيين بمن فيهم الناتو، ويجب على الناتو لعب دور بارز وأكثر أهمية في إدلب.
وحذر كالين، مجددا، من أن قدوم موجة نزوح جديدة إلى المنطقة سيؤثر على الجميع، وأكد أن المهلة التي أعطاها إردوغان لقوات النظام السوري بالانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها مؤخرا في إدلب، والتراجع إلى خلف نقاط المراقبة التركية، والمحددة بنهاية شهر فبراير (شباط) الجاري «نهائية وثابتة»، معرباً عن أمله بالتوصل إلى اتفاق مع روسيا قبل الموعد النهائي لإبقاء الأمور تحت السيطرة في إدلب.
وكانت تركيا طلبت من الولايات المتحدة نشر منظومة الدفاع الجوي «باتريوت» في مواجهة غارات النظام السوري في إدلب، لكن مسؤولا رفيعا في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) استبعد تحريك بطاريات باتريوت لمساعدة تركيا.
وأكد المسؤول، بحسب وسائل إعلام أميركية، أن الناتو لن يساعد القوات التركية في أي نزاع في سوريا، معتبراً أن المسألة «مشكلة ثنائية».
وبحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار هاتفياً مع نظيره البريطاني بن والاس، مساء أول من أمس، الوضع في محافظة ادلب.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.