واشنطن تفرض قيوداً لمنع الاتجار بالآثار اليمنية في أراضيها

TT

واشنطن تفرض قيوداً لمنع الاتجار بالآثار اليمنية في أراضيها

نجحت الجهود اليمنية على مدار الأشهر الماضية لدى سلطات الولايات المتحدة الأميركية في انتزاع قرار من واشنطن يفرض قيودا على الاتجار بالآثار اليمنية، وهو ما تعتقد الحكومة الشرعية أنه سيساهم في حماية الآثار من التهريب.
وفي حين أكد مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون التعليمية والثقافية، أن الظروف تستدعي فرض قيود طارئة على فئات المواد الأثرية والمواد الإثنية في التراث الثقافي في اليمن، تضمن قرار فرض القيود القائمة المخصصة للمواد الأثرية والإثنية التي تصف أنواع الأشياء أو فئات المواد الأثرية والإثنية التي تنطبق عليها قيود الاستيراد.
وتسري هذه القيود بموجب القرار لمدة خمس سنوات على بعض المواد الأثرية والإثنية ابتداء من التاريخ الذي طلب فيه اليمن فرض هذه القيود وحتى 11 سبتمبر (أيلول) 2024 ما لم يتم تجديده. وعبر وزير الثقافة في الحكومة اليمنية مروان دماج في معرض تعليقه على القرار الأميركي عن شكره لحكومة الولايات المتحدة الأميركية لتعاونهم وإصدارهم قرار حظر استيراد ونقل الممتلكات والآثار الثقافية اليمنية المسروقة إلى الولايات المتحدة. في حين قال دماج لـ«الشرق الأوسط» إن القرار يأتي في إطار تعزيز حماية الآثار والممتلكات الثقافية اليمنية ومنع الاتجار بها، رحبت الخارجية اليمنية من جهتها في تغريدة على «تويتر» بالقرار الذي يتضمن حظر استيراد ونقل الممتلكات والآثار الثقافية اليمنية المسروقة إلى الولايات المتحدة.
وكانت الحكومة اليمنية كثفت العام الماضي من مساعيها لدى الدوائر الأميركية المختصة في سياق الجهود الرامية للحفاظ على الآثار اليمنية ومنع الاتجار بها، وهو ما توج بتفاهمات لإصدار لائحة أميركية بهذا الشأن وإبرام اتفاق رسمي بين البلدين.
وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ناقش فريق يمني من الهيئة العامة للآثار برئاسة الدكتور أحمد باطايع، إلى جانب المستشار القانوني للهيئة ومدير عام مع المختصين الأميركيين عبر دائرة تلفزيونية في السفارة الأميركية في القاهرة الطلب المقدم لمنع الاتجار وبيع الآثار اليمنية.
كما عقد وزير الثقافة مروان دماج نقاشات موسعة مع الدوائر الأميركية من بينها وزارة الخارجية الأميركية والكثير من المراكز البحثية والأكاديمية الأميركية التي عملت في اليمن والمسؤولين عن أشهر المزادات في الولايات المتحدة الخاصة بالآثار.
وكشف دماج عن أن جانبا من هذه اللقاءات شمل الجهات الأمنية والنيابة العامة في نيويورك الخاصة بتتبع الآثار، وهو ما أدى - وفق قوله في تصريحات سابقة لـ«الشرق الأوسط» إلى تشكيل رأي عام واسع لدى الهيئات والبعثات الأميركية بما فيهم عدد كبير ممن عملوا في اليمن والذين قال إنهم «أصبحوا متحمسين جدا للدفاع عن الآثار اليمنية لأنهم يعرفون قيمتها». وكانت الحكومة اليمنية، تقدمت بطلب إلى الولايات المتحدة الأميركية لمنع تداول آثار اليمن في الأسواق الأميركية وذلك بعد أن كانت الحكومة أنهت المصادقة على المادة التاسعة من اتفاقية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، مطلع سبتمبر الماضي. وكان مسؤولون يمنيون اتهموا الجماعة الحوثية الموالية لإيران بنبش مواقع أثرية وتراثية والاعتداء على مقتنيات المتاحف من الآثار والمخطوطات القديمة الواقعة في مناطق سيطرتها. وسبق أن أحبطت سلطات الحدود العمانية قبل أكثر من عام عملية تهريب52 قطعة أثرية يمنية، وهو الأمر الذي لقي ثناء من السلطات اليمنية الرسمية. وصادق الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي على اتفاقية اليونيسكو الخاصة بحماية الآثار في مارس (آذار) من العام الماضي، بعد أن تم التوقيع على جميع ملحقاتها من قبل السفير اليمني السابق لدى اليونيسكو. وتقول الحكومة اليمنية إن الميليشيات الحوثية، متورطة في تهريب كثير من القطع الأثرية لتمويل مشاريعها كما تتهم الجماعة بتدمير الكثير من المواقع التاريخية التي تقع تحت سيطرتها.
ويؤكد ناشطون ومصادر حكومية أن الجماعة الموالية لإيران منذ انقلابها على الشرعية، نبشت ونهبت وهرّبت قطعاً أثرية ومخطوطات تاريخية وتحفاً ومقتنيات يعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وذلك بطريقة منظمة عبر المنافذ البرية والبحرية لليمن. وتتهم المصادر الحكومية الجماعة بأنها وضعت يدها على آثار مهمة جداً، جزء كبير منها غير مقيد في السجلات التابعة للمتاحف اليمنية، أو مصنفة لدى الهيئة العامة للآثار التي تتبع وزارة الثقافة اليمنية، الأمر الذي يصعب معه تحديد عدد الآثار والمخطوطات التي هربتها وباعتها الميليشيات في الأسواق الخارجية.


مقالات ذات صلة

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
TT

تضرر 30 % من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)
جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام واحد بسبب الأمطار والسيول الجارفة، داعياً المجتمع الدولي إلى سد الفجوة التمويلية لمواجهة آثار المناخ.

تصريحات الوزير اليمني جاءت على هامش مؤتمر قمة المناخ الدولي في العاصمة الأذربيجانية باكو، في الجلسة رفيعة المستوى الخاصة ببناء الشبكات لتعزيز السلام والقدرة على الصمود في البيئات المعرضة لتغيُّر المناخ، التي نظمتها مؤسسة «أودي» العالمية.

وزير المياه والبيئة اليمني توفيق الشرجبي التقى في باكو مسؤولين باليونيسيف (سبأ)

وأكد الشرجبي أن بلاده عازمة على مواصلة جهودها مع دول العالم لمواجهة تداعيات تغيُّر المناخ، مشدداً على أهمية إيجاد حلول شاملة للأزمة المناخية تشمل الجميع، بوصف الانتقال العادل جزءاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ واتفاق باريس للمناخ.

وأشار إلى أن اليمن شهد 6 أعاصير في 6 سنوات، وقال إن السيول والفيضانات خلال عام واحد أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية في بلد يعتمد، إلى حد كبير، على الزراعة، وهو ما يجعله من أكثر البلدان تأثراً بالتغيرات المناخية.

وشدّد الوزير الشرجبي على أهمية تسهيل الوصول للتمويلات المناخية لأغراض التكيف في البلدان الأكثر تضرراً من المناخ التي باتت تواجه تهديدات وجودية بسبب الآثار المتفاقمة للتغيرات المناخية، والتي تتسبب في زيادة حدَّة النزاعات والصراعات، وتقويض الاستقرار العالمي.

ودعا وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية المنظمات الدولية إلى التحرُّك لسد الفجوة التمويلية، من خلال تسهيل وزيادة التمويل المخصص للتكيف مع تغير المناخ، وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، وبناء القدرات في الدول النامية، ودعم الخطط الوطنية للدول النامية والأقل نموّاً، ومساعدتها على التكيُّف والانتقال نحو الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر.

برنامج وطني

على هامش فعاليات مؤتمر الأطراف، المُنعقد في العاصمة الأذربيجانية باكو، أطلقت الحكومة اليمنية البرنامج الوطني لتمويل المناخ للفترة من 2025 وحتى 2030، والذي يهدف إلى تعزيز قدرة البلاد على التكيف مع التحديات المناخية المتزايدة.

وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، عبد الله العليمي، خلال فعالية خاصة ضمن أعمال مؤتمر المناخ، التزام القيادة السياسية والحكومة بتحقيق الأهداف المناخية رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها الحكومة في بلاده.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عبد الله العليمي خلال مشاركته في قمة المناخ في باكو (سبأ)

وأوضح العليمي أن التغير المناخي يمثل تحدياً عالمياً، إلا أنه يُشكل تهديداً أكبر لليمن؛ إذ يعاني الشعب من تبعات الحرب التي أشعلها الحوثيون المدعومون من النظام الإيراني، ما أدّى إلى تدهور الموارد الحيوية، وزاد من هشاشة البلاد تجاه تأثيرات التغيرات المناخية.

في السياق نفسه، أكد توفيق الشرجبي أن اليمن يواجه تحديات بيئية متصاعدة بفعل التغيرات المناخية، مثل الجفاف المتكرر، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة منسوب مياه البحر، ما يؤثر سلباً على الموارد المائية والزراعة والبنية التحتية.

وأكد الشرجبي، أن البرنامج الذي جرى إطلاقه يهدف إلى استجابة شاملة للاحتياجات الوطنية في مجال تمويل المناخ، من خلال تعزيز القدرات الوطنية وتطوير البنية التحتية وتشجيع الاستثمارات الخضراء.

وشهدت فعالية إطلاق البرنامج مشاركة واسعة من جهات محلية ودولية، منها صندوق المناخ الأخضر، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إضافة إلى ممثلين من وزارة الزراعة والري والثروة السمكية في الحكومة اليمنية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني أن البرنامج الوطني المتعلق بالمناخ يأتي استجابة للظروف البيئية الصعبة التي واجهت البلاد خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك الجفاف والفيضانات والأعاصير، التي أسهمت في زيادة هشاشة البلاد تجاه تأثيرات المناخ.

كما يهدف البرنامج إلى دعم جهود اليمن في مواجهة التحديات المناخية، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، بما يسهم في استقطاب استثمارات مناخية مستدامة.

تحذير دولي

في وقت سابق، وقَّعت 11 دولة على بيان يُحذر من آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن في اليمن الذي يعاني نتيجة الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية منذ عام 2014.

وأكد البيان، الذي وقّعت عليه فرنسا وبلجيكا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، وجوب التعاون مع المجتمع الدولي في السعي إلى معالجة آثار تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وتعزيز الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية في اليمن بوصفه جزءاً من جهود المساعدات الإنسانية وبناء السلام الأوسع نطاقاً.

الوفد اليمني المشارك في قمة المناخ بالعاصمة الأذربيجانية باكو (سبأ)

وطالب البيان بضرورة تعزيز تنسيق الجهود العالمية لبناء القدرات المحلية على الصمود في مواجهة المخاطر المناخية وتعزيز إدارة الكوارث والاستجابة لها.

ومع تنبيه البيان إلى أهمية تنفيذ أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين مراقبة موارد المياه الجوفية، دعا منظومة الأمم المتحدة إلى دعم جهود إيجاد أنظمة غذائية أكثر استدامة، واستخدام المياه والطاقة بكفاءة، فضلاً عن زيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وذكر البيان أن الصراع المزمن في اليمن أدى إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية وانهيار اقتصادي، وجعل أكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وبحاجة إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، 75 في المائة منهم من النساء والأطفال.