تونس: حكومة الفخفاخ أمام تصويت برلماني حاسم اليوم

5 أحزاب سياسية توقِّع على البرنامج الحكومي

TT

تونس: حكومة الفخفاخ أمام تصويت برلماني حاسم اليوم

فيما يعقد البرلمان التونسي جلسة للتصويت على الحكومة التونسية الجديدة، يُتوقع أن تدوم إلى ساعة متأخرة من مساء اليوم، وقّعت خمسة أحزاب تونسية على «وثيقة التعاقد الحكومي» المعدلة، التي عرضها رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ، على الأطراف المشاركة في الائتلاف الحاكم، متجاوزاً بذلك الخلافات الكبيرة حول توجهاتها الاقتصادية والاجتماعية، ومتغاضياً عن الفروق العديدة المطروحة على مستوى برامجها الانتخابية.
وعقب جلسة تواصلت إلى ساعات متأخرة من الليلة قبل الماضية، توصل الفخفاخ إلى مصادقة كل من حركة النهضة وحزب التيار الديمقراطي، وحركة الشعب، وحركة «تحيا تونس»، وكتلة «الإصلاح الوطني» البرلمانية، التي تضم تحالفاً سياسياً يتكون من عدة أحزاب ضعيفة التمثيل البرلماني (4 نواب على أقصى تقدير).
وتضمنت وثيقة التعاقد الحكومي الخطوط العريضة لبرنامج عمل الحكومة، وأولوياتها التي ارتكزت على محورين أساسين: الأول يتمثل في الأسس والمبادئ التي سيرتكز عليها العمل الحكومي، والتي تعد بمثابة التزام بين الحكومة والأحزاب الممثلة فيها، وأبرزها الالتزام بقيم الثورة واستكمال تحقيق أهدافها، وترسيخ المسار الديمقراطي، والاستجابة لمطالب الشعب.
أما المحور الثاني فيدعو إلى تنقية المناخ السياسي، وتكريس مبدأ حياد الإدارة، وعدم توظيف المرفق للتونسيين وتحسين قدرتهم الشرائية، وإنعاش الاقتصاد والشروع في إجراءات عاجلة للحد من العجز التجاري وحماية المؤسسات التونسية.
ووفق ما جاء في تصريحات ممثلي الأطراف السياسية المشاركة في الاجتماع، الذي خصصه رئيس الحكومة المكلف لعرض تفاصيل برنامجه قبل التوجه إلى البرلمان اليوم (الأربعاء)، فإنه من المنتظر أن تطلق حكومة الفخفاخ سبعة مشاريع وطنية كبرى، من بينها برنامج هيكلي لإصلاح مؤسسات الدولة، وإصلاح منظومة التربية والتعليم والصحة العمومية، والمنظومة الفلاحية، إلى جانب إنجاز نقلة رقمية وطاقيّة، والاندماج الاقتصادي مع بلدان القارة الأفريقية.
على صعيد آخر، استنكرت مجموعة من الجمعيات الحقوقية مصادقة لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان على مشروع قانون حول إسناد جوازات سفر دبلوماسية إلى أعضاء مجلس نواب الشعب (البرلمان)، معتبرةً أن ذلك مخالف لروح ونص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي صادقت عليها تونس.
وأبرزت الجمعيات في بيان أصدرته أمس، أن المصادقة على مشروع هذا القانون تندرج في إطار «مسلسل انجراف العديد من السياسيين وراء الامتيازات»، في وقت يستمر فيه عجز الأحزاب الحاكمة منذ 2011 عن معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، وارتفاع مؤشر الفساد، واتساع دائرة «زواج المتعة» بين أحزاب سياسية ولوبيات تجارية ومالية، ما انفكّت تتغول على حساب مؤسسات الدولة.
ولم تخفِ هذه الجمعيات خشيتها من «أن تتحول جوازات السفر الدبلوماسية، التي لا تُمنح لجميع أعضاء البرلمان في العديد من الدول الديمقراطية، إلى وسيلة لـ(انتهاك القانون، والإفلات من المراقبة الجمركية واستفحال الفساد، مثلما يحدث في الدول المُستبدة أو الفاشلة في توفير أسباب النجاح للانتقال الديمقراطي)».
في غضون ذلك، يتوجه رئيس الحكومة المكلف، اليوم، إلى البرلمان للحصول على ثقة النواب بحكومته المكونة من 32 حقيبة وزارية، آملاً ضمان الأغلبية المطلقة، المقدرة دستورياً بـ109 أعضاء من إجمالي 217 عضواً، للشروع الفوري في مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، هدفها تفادي التوترات الحاصلة خلال الفترة الماضية.
وحسب مراقبين، فإنه من المنتظر أن يحصل الفخفاخ على الأغلبية بعد أن نجح في ضمان توقيع خمسة أحزاب سياسية على برنامج عمل الحكومة المرتقبة.



مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».