لبنان: جلسة تمديد ولاية البرلمان الثانية غدا بانتظار «ميثاقية الغطاء المسيحي»

«الكتائب» سيصوت ضده و«عون» يعلن موقفه النهائي اليوم وجعجع «سيتفادى المحظور»

لبنان: جلسة تمديد ولاية البرلمان الثانية غدا بانتظار «ميثاقية الغطاء المسيحي»
TT

لبنان: جلسة تمديد ولاية البرلمان الثانية غدا بانتظار «ميثاقية الغطاء المسيحي»

لبنان: جلسة تمديد ولاية البرلمان الثانية غدا بانتظار «ميثاقية الغطاء المسيحي»

تتكثف المشاورات في الساعات الأخيرة قبل انعقاد جلسة تمديد ولاية البرلمان «شبه الحتمية» يوم غد الأربعاء، لتأمين الغطاء المسيحي. إذ وبعدما بات مؤكدا أن كتل الأحزاب المسلمة، المتمثلة بشكل أساسي بـ«حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المستقبل»، ستصوّت لصالح التمديد، رمى رئيس مجلس النواب نبيه بري الكرة في ملعب الكتل المسيحية الأساسية «القوات اللبنانية» و«التغيير والإصلاح» و«الكتائب»، تحت شعار «الميثاقية الوطنية». علما بأن بري كان حتى أيام قليلة رافعا لواء رفض التمديد قبل أن ينقلب على مواقفه ويسير بالتمديد الثاني، المرّجح أن يكون سنتين و7 أشهر.
ولتمرير هذا التمديد تشير المعلومات إلى أنّ «سيناريو الميثاقية»، قد يتأمّن بالتصويت المسيحي أو فقط بحضوره، وذلك، عبر حضور نواب بعض الكتل المسيحية إلى الجلسة وبالتالي تأمين النصاب المطلوب ومن ثم مغادرتها، عند طرح بند التمديد، مع العلم أنّ الجلسات التشريعية تكون شرعية وميثاقية عند تأمين النصاب عبر حضور ممثلي المكونات السياسية.
وفي حين من المتوقّع أن يعلن كل من «تكتّل التغيير والإصلاح» و«حزب الكتائب» موقفهما اليوم الثلاثاء، من التمديد، سيطلق رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، مبادرة لتفادي الوقوع في «محظور التمديد بعيدا عن المزايدات»، على أن يتقرّر موقف الكتلة لناحية التصويت سلبا أم إيجابا وفقا لتجاوب الفرقاء الخصوم منهم والحلفاء معها. علما بأنه ووفقا لمصادر مطّلعة «فان التجاوب مع مبادرة جعجع قد يؤدي عندها إلى تجاوز التمديد للبرلمان».
ولا ينفي النائب في كتلة التنمية والتحريري، ميشال موسى، أن توجّه الجلسة بات شبه مؤكد نحو التمديد، لكنّه يؤكّد في الوقت عينه على أهمية الموقف النهائي للكتل المسيحية الذي يفترض أن يتوضّح في الساعات القليلة المقبلة.
وعن سبب تمسّك بري بمشاركة الأحزاب المسيحية الأساسية رغم أن حزبي «المردة» و«الطاشناق» سيصوتان لصالح اقتراح قانون التمديد وبالتالي سيتأمّن النصاب القانوني للجلسة، قال موسى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «حتى لا يقال إن هناك نقصا في الميثاقية لا سيّما أن هذه الكتل الـ3 تمثّل التمثيل المسيحي الأكبر». وأضاف: «كما امتنع بري السير في التمديد في (كتلة المستقبل) الكتلة السنية الأكبر في البرلمان، عندما هدّد رئيس الحكومة السابق بسحب ترشيحات نوابه رافضا المشاركة في الانتخابات النيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية، الوضع هنا نفسه بالنسبة إلى حرصه على مشاركة أكبر الكتل المسيحية».
وفي الإطار نفسه، رأت مصادر في قوى 14 آذار عبر «وكالة الأنباء المركزية» أن بعد رفض بري إجراء الانتخابات في غياب المكوّن السني، باتت «لعبته» تضغط فعليا اليوم على «القوات»، وتضع موقعها كـ«أم الصبي» تحت الاختبار. ففي حال رفضها التمديد، واستمرار «التيار الوطني الحر» في رفضه أيضا محاولا تسجيل كسب شعبي إضافي، تخشى «القوات» الوقوع في الفراغ والوصول إلى مؤتمر تأسيسي، يسعى إليه في نظرها، خصمها السياسي «حزب الله»، ما يرجّح كفّة تجرّعها كأس «التمديد» المر.
وكان بري ترأس اجتماعا لكتلة التحرير والتنمية، أدلى بعده النائب أنور الخليل ببيان أشار فيه إلى أنّ الكتلة بحثت في المواضيع الواردة على جدول أعمال الجلسة العامة المقررة الأربعاء في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، واتخذت القرارات التي رأتها من مصلحة البلاد والشعب اللبناني.
وكان المجلس النيابي الحالي مدد ولايته في يونيو (حزيران) 2013 لتنتهي بعد 17 شهرا، أي في شهر نوفمبر الحالي. ووافقت الكتل حينها على التمديد باستثناء كتلة عون، انطلاقا من «الظروف القاهرة»، والوضع الأمني غير المستتب إضافة إلى عدم التوافق على قانون انتخاب جديد، وهي «التبريرات» التي لا يزال يقف خلفها داعمو التمديد.
وبانتظار الموقف الرسمي لتكتل التغيير والإصلاح قال النائب في الكتلة إبراهيم كنعان «نحن ضد التمديد وغدا (اليوم الثلاثاء) سنبحث في كل الإمكانات المتاحة للتعبير، وسنلتزم بما سيصدر عن العماد عون والتكتل»، بينما أشار النائب في «كتلة المستقبل» محمد الحجار إلى أن موضوع المشاورات حول التمديد يعمل عليه حاليا، وهناك شريحة من النواب المسيحيين أعلنوا تأييدهم له، ويبقى موافقة «الكتائب» و«القوات» و«التيار الوطني الحر». واعتبر في حديث له أن «التمديد للمجلس النيابي أمر يجب التعاطي معه بمسؤولية»، وسأل المزايدين «من أوصلنا إلى هذا الخيار المر، أليس من عطل انتخاب رئيس الجمهورية»، وأوضح أن «البعض يسعى إلى تغيير الطائف».
ولفت إلى أنّه «لا مانع من إدخال بند بالأسباب الموجبة أن تنتهي ولاية المجلس حين تنتهي الأسباب الموجبة له».
وفي ظل الكلام عن «فراغ مؤسساتي كامل» قد يؤدي إلى مؤتمر تأسيسي جديد في لبنان، إذا لم يمدّد للبرلمان، وبالتالي سيؤدي إلى تحويل الحكومة إلى «حكومة تصريف أعمال» في ظل الفراغ الرئاسي المستمر منذ شهر مايو (أيار) الماضي، اعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم أنّ «التمديد هو عناية فائقة بانتظار الدواء الناجع والعلاج الشافي، أما الفراغ فهو الموت السريري والرهان على المكابرة وجلد الذات. والتمديد ليس قناعة تماما كما هو كل خيار واقعي يؤمن بالثوابت فلا يجازف بها بل يلجأ إلى الاستثناء».
كما أكد أنه «على اللبنانيين واللبنانيات أن يطرحوا هذه الأسئلة على أنفسهم كي يدركوا أن التمديد أو عدمه يقابله المخاوف بمؤتمر تأسيسي قد يعقد أو لا».
مع العلم أنّه وفي موازاة انعقاد جلسة التمديد غدا الأربعاء، ينظّم المجتمع المدني، واستمرارا للحملة التي كان قد بدأها، تحرّكا تحت عنوان «لأنّ تمديدكم احتلال» صباح اليوم نفسه في وسط بيروت، رفضا منه لانعقاد الجلسة ولمبدأ «التمديد أو الفراغ».
وفي حين أعلن رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، أن «حزب الكتائب سيصوت ضد التمديد لأن التصويت إلى جانبه يعطي صك براءة لكل من شاركوا بتعطيل انتخابات الرئاسة»، من المتوقع أن يعلن كل من «تكتل التغيير والإصلاح» موقفه اليوم الثلاثاء. في المقابل، سيطلق رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، اليوم أيضا، مبادرة لتفادي الوقوع في «محظور التمديد» على أن يتقرر موقف الكتلة لناحية التصويت سلبا أم إيجابا وفقا لتجاوب الأفرقاء الخصوم منهم والحلفاء معها. علما أنه ووفقا لمصادر مطلعة «فإن التجاوب مع مبادرة جعجع قد يؤدي عندها إلى تجاوز التمديد للبرلمان».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.