مصر: دعم حكومي وديني لمجدي يعقوب بعد «مكايدة طائفية»

وقف داعية متهم بالإساءة للجرّاح... و«الإفتاء» تصفه بـ«صاحب السعادة»

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يلتقي الطبيب مجدي يعقوب في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يلتقي الطبيب مجدي يعقوب في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)
TT

مصر: دعم حكومي وديني لمجدي يعقوب بعد «مكايدة طائفية»

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يلتقي الطبيب مجدي يعقوب في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يلتقي الطبيب مجدي يعقوب في القاهرة أمس (صورة من الحكومة المصرية)

عبر تحركات حكومية وبيانات من هيئات دينية؛ أظهرت مؤسسات مصرية عدة دعماً كبيراً، أمس، لمواطنها الطبيب صاحب السمعة العالمية بمجال جراحة القلب مجدي يعقوب؛ وذلك بعد تعليقات محدودة نالت رواجاً وتفاعلاً ووصفتها «دار الإفتاء» بـ«المكايدة الطائفية».
ونال يعقوب الذي يدير مؤسسة تحمل اسمه وتعمل منذ عام 2009 بمجال جراحة القلب، قبل أيام؛ تكريماً من الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات ضمن فعاليات جائزة «صنّاع الأمل» التي جمعت تبرعات بقيمة 23 مليون دولار لصالح خطة توسع وتطوير للمؤسسة الطبية.
وأوقفت وزارة «الأوقاف»، أمس، داعية يُسمى عبد الله رشدي عن العمل، ومنعت صعوده المنبر «لحين انتهاء التحقيق معه فيما يبثه من آراء مثيرة للجدل، إضافة إلى بعض منشوراته التي لا تليق بأدب الدعاة والشخصية الوطنية المنضبطة بالسلوك القويم، متجاوزاً تعليمات الوزارة بأن شخصية الإمام على مواقع التواصل الاجتماعي لا تنفصل عن شخصيته على المنبر»، على حد بيان الأوقاف.
وكان الداعية المثير للجدل تطرق في تغريدة عبر حسابه على موقع «تويتر»، أول من أمس، إلى مصير يعقوب، مسيحي الديانة - دون تسميته - وما إذا كان عمله سيودي به إلى «الجنة أم النار»، وكان ذلك في خضم حملة من الاحتفاء الشعبي بتكريم يعقوب، عبّرت عنها تغريدات وتدوينات لصالح الرجل، لكن رأي الداعية، نال رواجاً بفعل تعليقات واسعة ناقدة، وأخرى محدودة مؤيدة.
وتُجري مؤسسة يعقوب، ومقرها في محافظة أسوان (جنوب مصر)، نحو «12 ألف عملية جراحية للقلب، فضلاً عن معالجة 80 ألف مريض» سنوياً، وذلك وفق تصريحات تلفزيونية، للدكتور مجدي إسحاق، الرئيس التنفيذي بالإنابة للمؤسسة.
وذكرت وزارة «الأوقاف»، أنه «لولا شخصية الإمام ما التفت الناس إلى آرائه (...) التي تُحسب بصورة أو بأخرى على المؤسسة التي ينتمي إليها»، في حين تقدم محام مصري، ببلاغ إلى النائب العام ضد الداعية الموقوف وآخر يسمى سامح عبد الحميد، متهماً إياهما بمحاولة «إحداث الفتنة الطائفية بين أبناء النسيج الواحد وذلك بحق الجرّاح المصري».
والتحقت «دار الإفتاء» المصرية بالمغردين عبر هاشتاغ #صاحب_السعادة الذي دشنه محبو يعقوب، وقالت في تدوينة مطولة عبر صفحتها الرسمية، أمس، إن الجراح المصري «لم ينظر يوماً ما إلى دين من يعالج وينقذ من الموت، بل (أبصرهم) بعين الشفقة والرحمة والإنسانية التي امتلأ بها قلبه»، معتبرة أنه «من الطبيعي بالنسبة للمصريين بما حباهم الله من فطرة نقية، أن يتوجهوا إلى الله بالشفاء والرحمة والجنة للدكتور يعقوب؛ لأنه في قلوب المصريين يستحق كلَّ خير؛ والجنة هي أكبر خير يناله الإنسان، دعاء فطري بعيد عن السفسطة والجدل والمكايدة الطائفية، دعاء نابع من القلب إلى الرب أن يضع هذا الإنسان في أعلى مكانة يستحقها».
ولم يعلق يعقوب أو مؤسسته على الإجراءات الدائرة بشأنه، لكنه التقى رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في القاهرة، أمس، لدعوته لوضع «حجر أساس مركز مجدي يعقوب العالمي لجراحات وأبحاث القلب، بمدينة السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، كامتداد لمركز القلب بأسوان».
وأكد يعقوب، أن «المشروع الطبي العملاق، يحظى باهتمام ودعم وتمويل من جانب الكثير من الشخصيات المصرية والعربية والمؤسسات المختلفة، حيث تصل تكلفة إقامته وتجهيزه إلى نحو 4 مليارات جنيه، ويهدف إلى إجراء عدد كبير من العمليات سنوياً بالمجان، يكون للأطفال نصيب أكبر منها».
وأكد رئيس الوزراء حرصه على «تلبية الدعوة لدفع العمل بهذا الصرح الطبي المهم»، مشيراً إلى «تقدير الوطن ليعقوب الذي يعدُ رمزاً وطنياً للمصريين ذوي الإسهامات الكبيرة في مجالاتهم، والذين يمنحون الوقت والجهد للمساهمة في دورهم المجتمعي».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».