كيف ألهمت الأبجدية العربية الفن التجريدي؟

نيويورك تحتفي بـ «التجريد في العالم العربي من الخمسينات حتى الثمانينات»

لوحة من المعرض
لوحة من المعرض
TT

كيف ألهمت الأبجدية العربية الفن التجريدي؟

لوحة من المعرض
لوحة من المعرض

ثمة شيء مثير في المرونة الكبيرة التي تتحلى بها الأبجدية العربية. فبساطة أشكالها وحلقاتها ونقاطها جعلت من السهل تخيلها كرسومات لا حصر لها، مثل حصان مروض أو حتى شاشة تلفزيون منقطة.
باتت الدول العربية أكثر ظهوراً على الساحة الفنية الدّولية في السنوات القليلة الماضية، حين ضخت المال بسخاء في دور المزادات العلنية وفي بناء المتاحف عتيقة الطراز. لكن المجال الثقافي في تلك المنطقة من العالم لم يحظ بنصيبه العادل وسط كل هذا الزخم الجديد، على الأقل لم يصل بعد إلى نيويورك.
القضية أكبر من أن يغطيها موضوع واحد، لكنّك حتماً ستنبهر بمقدمة هذا الموضوع في المعرض الذي أقيم تحت عنوان «التجريد في العالم العربي، من الخمسينات حتى الثمانينات» في «غراي أرت غالاري» بجامعة نيويورك. مع التركيز على العقود القليلة المضطربة التي تخللت فترة نهاية الاستعمار وبناء الأمة، جمعت مديرتا المعرض سهيلة تاكيش أمينة متحف «بارجيل للفنون» في الإمارات العربية المتحدة، ولين غومبيرت، أمينة متحف «غراي أرت غالاري»، مطبوعات ولوحات لـ90 فناناً من العرب والبربر واليهود، وآخرين من الجزائر إلى العراق، حسب «نيويورك تايمز».
وحصل غالبية هؤلاء الفنانين على دورات تدريبية أوروبية وأميركية، وإلى جوار لوحاتهم هناك أيضاً معروضات غير معتادة من الألواح الرّملية وبعض التفاصيل غير المتوقعة والكثير من الأساليب التي تبدو مألوفة مثل الألوان الواضحة في أعمال جوزيف ألبرز، والأعمال قريبة الشبه من الفن التجريدي المبكر. ولكن على عكس الفنانين الأوروبيين، هناك أيضاً أبجدية ذات تاريخ قديم من الفن البصري، ممّا يعطي فنهم التجريدي تأثيراً وبعداً مختلفين للغاية.
بالنسبة إلى مديحة عمر، التي ولدت في سوريا، ودرست في مدرسة «كوركوران» للفنون والتّصميم في واشنطن، كانت الحروف العربية وسيلة للهوية العلمانية، وهي وسيلة لجعل الرسم الغربي يبدو وكأنّه خاصتها. تذكرنا بوضوح الألوان الزرقاء والحمراء الصاخبة في لوحة مائية من دون عنوان تعود لعام 1978 بأشكال الحروف وكذلك الهلال في بلاد ما بين النهرين القديمة. لكنّ الطريقة التي رُسم بها الهلال ذهاباً وإياباً عبر حواف الورقة بحركة سردية تجعلك تفكر في الكتابة أيضاً.
غير أنّ الحروف تحتفظ بالرابطة الدينية للكتاب المقدس للفنان المصري عمر النجدي، خصوصاً ذلك السطر الذي يبدأ بالحروف الأبجدية والكلمة العربية «الله»، التي تبدأ بما يشبه الرقم «واحد». تعرض هذه العلامات الأفقية المتداخلة - بعضها طويل ومخرط، وبعضها منحنٍ قليلاً في لوحة بيضاء بدون عنوان من عام 1970 - رؤية صوفية عن الألوهية في مختلف الكائنات بالعالم. هي كذلك رؤية صوفية للّوحة نفسها، حيث تحافظ كل ضربة فرشاة على مدلولها، حتى وإن دمجت في جميعها في صورة واحدة.
عرض شاكر حسن السعيد لوحته «المنتصر» التي تعود لعام 1983، وهي لوحة أشبه بالوسائط المتعددة على جدار يعكس غموض حياة النجدي. ويشير شريط أسود أسفلها فوق مستطيل رمادي إلى نهاية الأفق، في حين تبدو الشبك والشخبطة فوقه وكأنّها عفوية مثل الكتابة على الجدران. فوق كل هذا، ترى ما يشبه الطلاء بالرش الأسود في حلقة واحدة. الفكرة في غاية البساطة، وهي أن تضع علامات فاصلة، ويمكن أيضاً أن تشير إلى حرف العطف العربي «واو».
لوحة أخرى تتضمن خطوطاً حمراء وزرقاء وبرتقالية وسوداء على سطح أبيض آخر مكتظ بقطع رأسية في لوحة من دون عنوان تعود إلى عام 1977 للأميرة الأردنية وجدان، التي وقعت لوحات تحمل اسمها. وأضاف الباحث الفلسطيني كمال أبو العطا، المحتوى اللفظي عالي الوضوح إلى شاشات حريرية رائعة حملت اسم «لا أنا إلا أنا»، في تعبير يرمز للعقيدة الإسلامية «لا إله إلا الله». هناك أيضاً عمل الفنان اللبناني صليبا الدويهي في الستينيات من القرن الماضي بألوان زاهية وخطوط حادة. لكن في اثنتين من اللوحات الصغيرة، دفع بالعمل كله تقريباً نحو الحواف، مثل لوحة «مدينة عمر» التي تذكرنا بالحركات الرأسية غير المنتظمة للخط اليدوي المتصل.
نظراً لأنك تقرأ الحروف والصور بشكل مختلف، فإنّ كل هذه العلامات التي تبدو مثل الحروف، ولكنّها ليست واضحة تماماً، تثير شعوراً قوياً بالإمكانية المفتوحة. يبدو الأمر كما لو كنت تسكن فرشاة الفنان في لحظات تردده بين الكتابة والرسم. في أفضل حالاته، كما هي الحال في «المنتصرون» في آل سعيد، فإن هذا الشعور يدعم ويغطي العديد من التناقضات، مثل الهوية المحلية مقابل الهوية العربية، والمجتمع المدني مقابل المجتمع الديني، بحيث تصبح لوحة قماشية واحدة بوابة مفتوحة إلى ما لا نهاية.
كان أكثر من استخدم تلك الإمكانية إلى حدها الأقصى، الفنانان المغربيان أحمد الشرقاوي وجيلالي الغرباوي، وذلك من خلال التأثيرات المستوحاة من اللغة العربية نفسها، ولكن بأبجدية «تيفيناغ» في شمال أفريقيا. تقسم خطوط بقع الألوان المتوهجة ما بين لوحة الشرقاوي «عليا» و«المرايا الحمراء»، والخطوط السوداء والوردية الكثيفة على غرار تلك الموجودة على علم الأمازيغ أو البربر، وهو ما يزيد العبء على عينيك، كما لو أنّ المساحة الفارغة الموجودة تحتها قد جاءت إلى الحياة برسالة صارخة.
كذلك استخدمت لوحة «التركيب» للغرباوي عام 1969 حلقات سوداء ثقيلة وانحناءات لفصل الانفجارات المشوهة من الأصفر والأبيض المنفصلين، لتبدو وكأنها بياض وصفار بيض تعرض لحرارة من السماء. يبقى الغموض: أهي رسالة أم رسم؟ هل هي مجازية أم مجردة؟ هل تعبر تلك العلامات الحمراء عن الفرح أم اليأس؟ لكن الغرباوي جعلها تبدو صلبة كالصخر.



ليست المهارات التقنية فقط... ماذا يحتاج الموظفون للتميز بسوق العمل؟

موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)
موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)
TT

ليست المهارات التقنية فقط... ماذا يحتاج الموظفون للتميز بسوق العمل؟

موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)
موظفون يعملون في مركز التوزيع والخدمات اللوجيستية لشركة «أمازون» في ألمانيا (إ.ب.أ)

إذا كان هناك شيء واحد يعرفه تيري بيتزولد عن كيفية التميُّز في سوق العمل والحصول على وظيفة، فهو أن المهارات التقنية ليست الخبرات الأساسية الوحيدة التي يجب التمتع بها كما يعتقد البعض.

يتمتع بيتزولد بخبرة 25 عاماً في التوظيف، وهو حالياً شريك إداري في «Fox Search Group»، وهي شركة توظيف تنفيذية لقادة التكنولوجيا.

ويقول لشبكة «سي إن بي سي»: «خذ التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال. قبل عامين ونصف العام فقط، كان الجميع يقولون: (نحن بحاجة إلى توظيف مبرمجين)... بعد أقل من ستة أشهر، ظهر (تشات جي بي تي)، والآن لم تعد البرمجة هي المستقبل».

من المؤكد أن امتلاك مهارات رقمية محدثة أمر مهم للعاملين في جميع الصناعات، كما يقول بيتزولد، ويشرح: «إذا كنت تعمل في مجال التسويق، أو داخل مستودع، فأنت بحاجة إلى فهم التكنولوجيا».

ولكن لأن الشركات قادرة على تدريب العاملين على تعلم تطوير التكنولوجيا لخدمة أعمالهم، يشير الخبير إلى أن القادة مهتمون أكثر بتوظيف أشخاص لديهم مجموعة مختلفة من المهارات.

ويوضح «سأخبرك أين المستقبل. إنه ليس بالضرورة في مجال التكنولوجيا. إنه في المهارات الناعمة... في الذكاء العاطفي، وهذا ما نلاحظ أنه مستقبل المواهب».

المهارات الناعمة التي تبحث عنها الشركات

الذكاء العاطفي، أو «EQ»، هو القدرة على إدارة مشاعرك ومشاعر مَن حولك، مما قد يجعلك أفضل في بناء العلاقات والقيادة في مكان العمل.

بالنسبة لبيتزولد، فإنَّ المرشحين للوظائف ذوي المهارات التقنية الرائعة ينجحون حقاً عندما يتمكَّنون من إظهار ذكاء عاطفي مرتفع.

من الجيد أن تكون متخصصاً في مجال محدد، مثل البيانات أو الأمان أو البنية الأساسية أو حلول المؤسسات، على سبيل المثال، «لكن أولئك الذين يتمتعون بذكاء عاطفي قوي وتلك المهارات الناعمة ومهارات العمل... هؤلاء هم القادة المهنيون في المستقبل»، كما يؤكد الخبير.

من خلال توظيف المهنيين ذوي الذكاء العاطفي المرتفع، يقول بيتزولد إن الشركات تبحث حقاً عن أشخاص يمكنهم القيام بأشياء حاسمة مثل:

التعامل مع الملاحظات البنّاءة وتقديمها.

إدارة الصراع.

إجراء محادثات حاسمة بإلحاح.

العمل عبر الوظائف من خلال إقناع الأقران والقادة الآخرين.

تقديم الأفكار بفاعلية للقادة الأعلى منهم.

يشرح بيتزولد: «إن مهارات الذكاء العاطفي العامة التي نلاحظها لها علاقة حقاً بالتواصل مع الآخرين والقدرة على التغلب على التحديات».

ويضيف أن بعض الشركات أصبحت أفضل في مساعدة القادة على تطوير مهارات الذكاء العاطفي الأقوى، خصوصاً فيما يتعلق بالإدارة الفعالة، والتغلب على التحديات أو الصراعات.

ويؤكد الخبير أن أصحاب العمل الجيدين يمكنهم تطوير عمالهم بشكل أكبر من خلال تقديم برامج الإرشاد وتسهيل التواصل، حتى يتمكَّن الناس من رؤية نماذج القيادة الجيدة والذكاء العاطفي العالي.