دعوتان من الحلبوسي ونائبه «الصدري» إلى البرلمان العراقي للاجتماع

مؤشرات على استمرار الخلافات حول حكومة علاوي... وحديث عن «مرونة» تجاه مطالب الأكراد

مظاهرة طلابية في الناصرية أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة طلابية في الناصرية أمس (أ.ف.ب)
TT

دعوتان من الحلبوسي ونائبه «الصدري» إلى البرلمان العراقي للاجتماع

مظاهرة طلابية في الناصرية أمس (أ.ف.ب)
مظاهرة طلابية في الناصرية أمس (أ.ف.ب)

حددت رئاسة البرلمان العراقي اجتماعين هذا الأسبوع فيما يتعلق بآلية نيل الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي؛ الأول دعا إليه النائب الأول لرئيس البرلمان حسن الكعبي (القيادي في «التيار الصدري») يوم الأربعاء المقبل للتصويت على الحكومة، والثاني دعا إليه رئيس البرلمان محمد الحلبوسي (رئيس «تحالف القوى العراقية») لبحث آليات عقد الجلسة ومناقشة السير الذاتية للوزراء.
يحدث هذا للمرة الأولى منذ أول انتخابات برلمانية في العراق عام 2005 حيث تجري الأمور دائماً بالتوافق حتى سميت الديمقراطية المعمول بها في العراق «الديمقراطية التوافقية». الرئيس المكلف للحكومة محمد توفيق علاوي خرق هذه القاعدة حين أعلن عن نيته ترشيح أسماء وزراء مستقلين دون تدخل من قبل الكتل البرلمانية والأحزاب السياسية التي لم تستوعب، من جهتها، هذه الطريقة في الترشيح دون تدخلها بصيغة أو بأخرى. وحيث إنه لم يتبق من مدة التكليف سوى أسبوع واحد ويدخل البلد في أخطر أزماته الدستورية، فقد تكثفت اللقاءات بين كل الأطراف من أجل الخروج بصيغة ترضي كل الأطراف، وهو ما يعني خروج «الديمقراطية التوافقية» من الباب وعودتها من الشباك.
دستورياً؛ رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي حذّر القوى السياسية من أن آخر يوم له في المنصب سيكون 2 مارس (آذار) المقبل في حال لم يتم التصويت على حكومة علاوي. وفيما ينص الدستور العراقي طبقاً للمادة «81» على أن السلطة التنفيذية تنتقل إلى رئيس الجمهورية إلى حين تشكيل حكومة جديدة أو اللجوء إلى حل البرلمان من قبل الرئيس والدعوة لانتخابات جديدة خلال شهرين، فإن مصدراً سياسياً مطلعاً في رئاسة الجمهورية أبلغ «الشرق الأوسط» أن «رئيس الجمهورية برهم صالح لن يتسلم منصب رئيس الوزراء تحت أي ذريعة، وبالتالي فإن هذا الموقف يستدعي من الكتل السياسية أن تجد حلاً لصيغة مرضية لتمشية الحكومة، وإلا فإن البلد سوف يدخل في أزمة خانقة».
وفي السياق نفسه، نفى المصدر المطلع ما تردد من أن رئيس الجمهورية تدخل في تسمية أو ترشيح بعض الوزراء، قائلاً إن «رئيس الجمهورية لم يتدخل ولم يرشح أي اسم؛ سواء كانوا مرشحين كرداً أم سواهم، ورئيس الوزراء المكلف محمد علاوي هو من اختار الأسماء، وهو من يتحمل مسؤوليتهم أمام البرلمان والقوى السياسية».
وبينما بدا قيام رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الأول بتحديد اجتماعين للبرلمان أنه يعكس خلافاً شخصياً بين الرجلين، فإنه يعكس خلافات سياسية بين المكونات الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) من جهة؛ ومحمد علاوي من جهة أخرى. ففيما يريد الكعبي الذي ينتمي إلى «التيار الصدري» المضي في تمرير الحكومة انسجاماً مع تهديد زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر بمظاهرة مليونية تطوق المنطقة الخضراء إذا لم تمرر، فإن الحلبوسي يريد معرفة أسماء الوزراء والمنهاج الوزاري وتحديد آلية واضحة لعقد الجلسة في وقت لم يجر بعد تذليل العقبات بين «تحالف القوى» والرئيس المكلف.
بدوره، أعلن النائب الثاني لرئيس البرلمان بشير حداد الذي يمثل الكرد في رئاسة المجلس، أنه ربما لن يحضر جلسة «اليوم» ما لم يتوصل الوفد الكردي إلى اتفاق مع رئيس الوزراء المكلف.
إلى ذلك، أكد ماجد شنكالي، النائب السابق في البرلمان العراقي عن «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من الواضح أن محمد توفيق علاوي بدأ يتعامل بمرونة مع الكرد، لكن نأمل أن يتم الاتفاق بشكل نهائي بين الطرفين». وحول ما يشار إليه حول اختيار شخصيات كردية لا غبار عليها لشغل المناصب الوزارية المخصصة للكرد، يقول شنكالي إن «القائمة التي تسربت تضمنت شخصيات كردية هي بالفعل لا يوجد أي إشكال عليها، لكن الخلاف ليس حول الشخصيات؛ بل حول الآلية التي اتبعها علاوي بهذا الشأن»، مبيناً أنه «كان يتوقع تمرير الكابينة بكل سهولة، لكنه واجه ضغوطاً من مختلف الجهات الأمر الذي جعله يلجأ إلى مفاوضات عسيرة مع الجميع في اللحظات الأخيرة بهدف التوصل إلى حلول وسط». وحول ما تردد عن استحداث علاوي وزارة دولة لشؤون الإقليم، يقول شنكالي إن «هذه الخطوة إن صحت فهي جيدة بالفعل، لأنها تسهل كثيراً من الأمور بين المركز والإقليم».
في السياق نفسه، أكد رئيس كتلة «بيارق الخير» البرلمانية محمد الخالدي المقرب من علاوي لـ«الشرق الأوسط» أن «المحاولات جارية لتذليل الصعوبات، خصوصا مع الكرد، وهو ما يجعل الحكومة تمضي بشكل مريح خلال جلسة الأربعاء». وحول المفاوضات مع «تحالف القوى العراقية»، يقول الخالدي إن «الوضع السني مختلف؛ حيث إن هناك غالبية سنية مؤيدة لتمرير الحكومة».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.