القيادة الإسرائيلية تشجع الجيش على تشديد قمعه عشية الانتخابات

تجمع للأمن الإسرائيلي عند بوابة تقود إلى باحة الأقصى بعد مقتل فلسطيني اتهم بمحاولة طعن ضابط السبت (أ.ف.ب)
تجمع للأمن الإسرائيلي عند بوابة تقود إلى باحة الأقصى بعد مقتل فلسطيني اتهم بمحاولة طعن ضابط السبت (أ.ف.ب)
TT

القيادة الإسرائيلية تشجع الجيش على تشديد قمعه عشية الانتخابات

تجمع للأمن الإسرائيلي عند بوابة تقود إلى باحة الأقصى بعد مقتل فلسطيني اتهم بمحاولة طعن ضابط السبت (أ.ف.ب)
تجمع للأمن الإسرائيلي عند بوابة تقود إلى باحة الأقصى بعد مقتل فلسطيني اتهم بمحاولة طعن ضابط السبت (أ.ف.ب)

أشارت أوساط سياسية من قوى السلام وحقوق الإنسان الإسرائيلية، إلى أن الارتفاع الحاد في عدد الفلسطينيين الذين يتعرضون للبطش وزيادة عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين برصاص الاحتلال وأدواته القمعية الأخرى، التي بلغت أوجاً جديداً في عملية التنكيل بجثة الشاب الشهيد محمد علي الناعم، في خان يونس جنوب قطاع غزة، بواسطة جرافة عسكرية، وتصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية كلها تدل على أن «انسجام قيادات عسكرية ميدانية مع الخطاب اليميني المتشدد في القيادة السياسية الذي يشتد أكثر وأكثر مع الاقتراب من موعد الانتخابات».
وقالت هذه الأوساط، في تصريحات تعبر عن القلق من تبعات هذه الممارسات، إن وجود رئيس وزراء مثل بنيامين نتنياهو، الذي يدير معركة حياة أو موت حتى لا يدخل إلى السجن، ووجود وزير أمن مثل زعيم حزب الاستيطان، نفتالي بنيت، على رأس القيادة السياسية المسؤولة عن الجيش والمخابرات، تخلق أجواء عامة من التطرف ضد الفلسطينيين، وتشجع الجنود على الضغط على الزناد بسهولة بالغة وتعزز الشعور بالقوة والسيطرة بين صفوف المستوطنين.
وأشارت إلى أن نتنياهو يدير طول الوقت سياسة يمينية متطرفة خصوصا ضد الفلسطينيين، ولكنه في الأسابيع الأخيرة يحاول إظهار بعض الاعتدال لكي يكسب الأصوات من اليمين الليبرالي المعتدل الذي انفض عنه واقترب من حزب الجنرالات «كحول لفان». وقد ترك نتنياهو المجال مفتوحاً أمام بنيت، الذي يعتبر وصوله إلى وزارة الأمن حلماً تاريخياً تحقق له، ويحاول تحقيق أكبر المكاسب له في صفوف المستوطنين وقوى اليمين الأخرى. ولا يترك مناسبة في اللقاءات مع قيادات الجيش العليا أو الميدانية إلا ويطلب تشديد القبضة على الفلسطينيين. ويؤكد أن التغيير الذي حصل بدخوله إلى الوزارة يجب أن ينعكس في تغيير واضح في سياسة الجيش أيضاً، «وليس لائقاً أن يكون خطاب وزير الأمن مناقضاً لممارسات الجيش أو العكس»، كما يقول.
وكان بنيت قد رحب، أمس، بالتمثيل الذي نفذته جرافة احتلالية بجثمان الشهيد محمد علي الناعم، في خان يونس، إذ جرفته مع التراب وخطفته من بين الفلسطينيين. وكتب بنيت على حسابه في «تويتر»: «هكذا ينبغي وهكذا سنفعل، وسنعمل بقوة ضد المخربين». وأضاف: «سئمنا الانتقادات المنافقة لليسار (الإسرائيلي) ضد (انعدام الإنسانية) باستخدام جرافة من أجل إحضار جثة المخرب إلينا».
ويأتي حادث الجرافة بعد أيام «حافلة» بالممارسات البشعة ضد الفلسطينيين، في القدس والضفة الغربية، مثل إطلاق الرصاص المطاطي الذي تسبب في اقتلاع عين الفتى الطفل مالك وائل عيسى (8 سنوات)، في حي العيساوية في القدس الشرقية، وهو في طريقه إلى منزله بعد انتهاء دوامه المدرسي، وتشديد الإجراءات العسكرية في محيط الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل، وإغلاق العديد من المداخل الفرعية بالساتر الإسمنتي، واتساع سياسة قمع المسيرات والمظاهرات السياسية الفلسطينية السلمية. وهذا كله فضلاً عن قيام المستوطنين بتصعيد خاص من طرفهم في الاعتداءات الهادفة إلى طرد الفلسطينيين من أراضيهم كما حصل في عدة أحياء من مدينة القدس وكما حصل في الخليل، ومحاولة طردهم من أراضيهم، كما حصل في أراضي غور الأردن ومنطقة قلقيلية وجنوبي نابلس.
وكان الجنرال السابق، يائير غولان، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، قد وصف توسع نفوذ قادة المستوطنين على الحكومة الإسرائيلية، بالقول: «إنهم يدخلون أي مكتب حكومي بلا استئذان، بما في ذلك مكتب رئيس الحكومة. لا أحد يجرؤ على اعتراضهم. يدخلون متى يشاؤون إلى أي مكتب في وزارة الأمن. وحتى ضباط الجيش الإسرائيلي، يوجد بينهم من يخافونهم».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.